الأعمدة

ورحلت أيقونة الجزيرة شيرين أبو عاقلة الحق الذي وراءه مطالب حق لن يضيع أبداً


بقلم/ بابكر عيسى أحمد

مهما بلغت عبارات الإدانة والشجب فأنها لا تسوى شيئاً في جريمة استشهاد مراسلة قناة الجزيرة في فلسطين شيرين أبو عاقلة التي استهدفها رصاص الإحتلال الصهيوني في مخيم جنين الذي كان عرضه للإقتحام وقدمت مع طاقم الجزيرة لتغطية الحدث على الهواء مباشرة ورصد الممارسات الهمجية.
جريمة اغتيال شيرين ليست الأولى كما أنها لن تكون الأخيرة مادامت هناك قوى نازية لا تريد للشعب الفلسطيني أن يعيش بحريه وكرامة فوق أرضه الوطنية المحتلة، فالقتل المتعمد ليس جديداً على سلطات الإحتلال الصهيوني، فجرائمه مستمرة منذ سبعين عاماً، والشعب الفلسطيني يقدم الشهيد تلو الشهيد حتى تعود الحقوق المغتصبة إلى أهلها الشرعيين وهم أبناء الشعب الفلسطيني البطل والمقاوم.
اغتيال شيرين أبو عاقلة هو اغتيال لصوت الحقيقة واغتيال لكل ما تمثله قناة الجزيرة من جرأة واقدام في كشف الحقائق وفضح جرائم الإحتلال الصهيوني، ونحن على يقين أن هذه الجريمة وما سبقها من جرائم لن تفلت من العقاب الدولي وتكفي الإدانة الدولية الواسعة لهذه الجريمة التي طالت كل العواصم التي تؤمن بحق الشعب الفلسطيني في الحياة الحرة والكريمة.
كما كشفت هذه الجريمة الشنعاء أكاذيب العدو الصهيوني الذي يحتل الأرض ويدنس المقدسات وفي مقدمتها القدس الشريف.
كما كشفت بشاعة الجريمة زيف الإدعاءات الغريبة التي تتشدق بالحرية وبحقوق الإنسان ومازلنا ننتظر موقف جماعي أخلاقي ملتزم بالمواثيق الدولية من الولايات المتحدة الأمريكية خاصة وأن الشهيدة أبو عاقلة تحمل الجنسية الأمريكية وموقف مماثل من الإتحاد الأوروبي الذي صدع رؤوسنا بحقوق الإنسان.
إن الحق الذي وراءة مطالب حق لا يضيع مهما تطاولت الأيام والشهور والسنين ومهما حاول الكثيرون تغطية عين الشمس بغربال وتغييب الحقيقة ودفن الحقوق المشروعة لشعب مناضل على إستعداد لتقديم الغالي والنفيس من أجل إستعادة الحق ورفع رايآت الوطن الفلسطيني في كل ربوع الأرض السليبة، فإن هذه الجريمة لن تمر مرور الكرام، حتى لا يصبح الدم الفلسطيني ماء يسكب فوق الأرض المحتلة بلا ثمن.
فشيرين المولودة عام ١٩٧١ بمدينة القدس حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من جامعه اليرموك بالمملكة الأردنية الهاشمية وعملت في إذاعة فلسطين ووكالة الأنروا وقناة عمّان الفضائية ومؤسسة مفتاح وإذاعة مونتي كارلو قبل أن تلتحق بقناة الجزيرة عام ١٩٩٧.
على إمتداد ٢٥ عاماً ظلت أبوعاقلة صوتاً قوياًً وصادحاً بالحق وكاشفاً للحقيقة على امتداد الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة وأصبحت أيقونه من أيقونات العمل الإعلامي الجريء والشجاع والمسؤول في قناة الجزيرة.
إن كانت جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة هي اغتيال لمبادئ الحقيقة والعدالة، فقد خاطرت بحياتها مرات كثيرة لنقل قصص الشعب الفلسطيني ومعاناته، وجاء في بيان لشبكة الجزيرة الإعلامية أن الجريمة المفجعة تخرق القوانين والأعراف الدولية حيث أقدمت قوات الإحتلال الإسرائيلي على إغتيالها بدم بارد.
وادانت الشبكة هذه الجريمة البشعة التي يراد من خلالها منع الإعلام من أداء رسالته، وحملت الشبكة الحكومة الإسرائيلية وقوات الإحتلال مسؤولية مقتل الزميلة الراحلة شيرين أبو عاقلة، وطالبت المجتمع الدولي بإدانة ومحاسبة قوات الإحتلال الإسرائيلي لتعمدها استهداف وقتل الزميلة أبو عاقلة.
كما أصيب في الإعتداء الغاشم منتج الجزيرة علي السمودي الذي كان إلى جانب الشهيدة شيرين في تغطية اقتحام الإحتلال لمخيم جنين صباح الأربعاء، ويخضع الزميل السمودي الذي أصيب بالنار في ظهره للعلاج.
كانت الرصاصة التي أصابت شيرين قاتلة وبشكل مباشر في الرأس وبعد إخراج جثمانها من معهد الطب العدلي في مدينة نابلس ثم نقلها إلى مدينة رام الله حيث يتم تشيعها وفي غضون ذلك اقتحمت شرطة الإحتلال منزل أبوعاقلة في القدس وقامت بفض التجمع في محيطه.
وفي أكثر من مكان نظم نشطاء وإعلاميون وقفات إحتجاجية تنديداً بالجريمة الشنيعة حيث وقف عدد كبير من زملاء الشهيدة في مقر الجزيرة في الدوحه ووقفات مماثلة في تونس والعديد من عواصم الدول العربية والغربية.
في كل الوقفات إبتداءاً من مجلس النواب الأمريكي الذي وقف دقيقة صمت حداداً على روح الزميلة أبوعاقلة كانت صورها حاضرة ولافتات تطالب بمحاسبة القتلة وتندد بجرائم الإحتلال الإسرائيلي ضد الكوادر الصحفية والشعب الفلسطيني قاطبة.
والآن نحن في مواجهة الحقيقة حول ما اذا كانت واشنطن ستتبنى الرواية الإسرائيلية وتقديم الجناه للمحكمة الجنائية الدولية أم أن دخان الأكاذيب سيغطي على الحقيقة؟ …
العالم الغربي بأسره أمام حقيقة استشهاد أيقونه قناة الجزيرة البالغة من العمر 51 عاماً شيرين أبوعاقلة الحاملة للجنسية الأمريكية.
هل تكون الحياة رخيصة إلى هذا الحد وأن يترك الجناه طلقاء يجوبون الطرقات ويرتكبون المزيد من جرائم القتل؟
إن عالمنا الذي نعيشه اليوم يعيش حالة من التوحش حيث يترك القتلة في أماكن كثيرة بلا مسالة وتسفك دماء المدنيين بلا مساءلة.
ونحن كرابطة للصحفيين السودانيين بدولة قطر أدنا بأقوى العبارات هذه الجريمة النكراء التي ستتكرر في أكثر من مكان مادامت المساءلة غائبة والعدالة مغيبة وقانون الغاب هو السائد والقتلة سارحون في غيهم يمارسون جرائمهم بلا مساءله وبلا عقاب.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى