العشاء بوش والنوم فى الحوش !!
بقلم : أمير شاهين
الوطن هو الوطن يظل اغلى ما يمتلكه الانسان فى حياته فما بالك بوطن فى عظمة السودان و مدينة فى شموخ بحرى !! ومن محاسن الصدف العجيبة باننى وقبل الحرب بقليل فاض بى الشوق للوطن والشوق بحر كما يقولون اذ كنت بعيدا عنه لمدة تناهز ستة سنوات لم ارى فيها بحرى الحبيبة ! , فطلبت من ابن اختى ان يقوم بتصوير بيت العائلة الكبير فى الختمية غرب والذى يقع ناصية على شارع الضبطية مقابل الركن الشمالى الشرقى لقشلاق البوليس حيث ولدت وترعرعت و تفتحت فيه على الدنيا , وكذلك لمنزل والدتى عليها الرحمة فى الختمية وسط حيث كنا نعيش فيه الى ان اندلعت الحرب الملعونة وفلبت حياتنا راسا على عقب وحدث ما حدث كما يقولون . ولا تدرون مدى فرحتى و سعادتى عندما استلمت هذه الصور التى كانت تزكرنى بالاهل و الجيران و المعارف و الاصدقاء و الاصحاب و اغلى الذكريات التى لن يمحوها الزمن , .وبمناسبة الصور هذه , فقد كنت احسب نفسى وحيدا فى هذا الامر , ولكن صديقى البحرواى هنا قد ارانى مجموعة من الصور لمنزلهم و للحى الذى يسكنون به فى شمبات , واكثر ما شد انتباهى هو حوش منزلهم الفسيح الرحب .
فالسودانيون ومنذ القدم كانوا يحرصون فى تصميم وبناء منازلهم ان يكون هنالك حوش فى المنزل حتى ولو كان صغير المساحة ليعمل كمتنفس للبيت وخصوصا فى بيئة السودان و طقسه الحار اغلب ايام العام , ففى الحوش السودانى التقليدى نجد بعض الاشجار مثل النيم او الليمون وفى بعض المرات زهور صباح الخير او الجهنمية وتحتها نحد ازيار المياه والتى قد تتخذها بعض الحيوانات المنزلية من كلاب او قطط كمأوى لها يقيها من حرارة الجو , كما ان البعض يتخذ من الحوش مخزنا لبعض المعدات والتى يمكن ان تندرج تحت مسمى ” كراكيب” وتكمن اهمية الحوش عندما ينقطع التيار الكهربائى فى النهارات الحارة فلا يجد الناس ملجأ سوى هذه الحيشان فيقضون فيها اطيب الاوقات تحت ظلال الاشجار الى حين عودة الكهرباء مرة اخرى , وحتى الى وقت قريب كان الناس ينامون فى الليل فى هذه الحيشان حيث الهواء النقى المتجدد و مشاهدة نجوم السماء والتى طالما تغنى بها الشعراء منذ ايام مصطفى بطران ” حكم حبى ارعى نجم الليل” الى حسين بازرعة وعثمان حسين ” انا و النجم و المساء” و ابوقطاطى ووردى ” بقيت انا و النجوم بالليل سوا نساهر و نتناجى” و الحلنقى و ابراهيم حسين ” نجمة نجمة الليل نعدو ” ومن المؤكد ان هؤلاء الشعراء كانوا ينامون فى الحيشان ليلا . ومؤخرا اصبح اغلب الناس يفضلون النوم داخل الغرف تفاديا لازعاج القطط و الكلاب ليلا و التى تتقاتل مع بعضها البعض وتصدر اصوات مزعجة خصوصا فى اوقات التزاوج وكذلك تفاديا للدغات البعوض ليلا و جيوش الذباب صباحا والتى انتشرت بصورة كبيرة نتيجة لتردى البيئة بسبب تكدس النفايات والتى تخلق بيئة صالحة لهذه الحشرات .
نسال الله ان تتوقف الحرب و يعم السلام والامن فى بلادنا ونعود مرة ثانية الى النوم فى الحوش وكما قال صديقى كانت متعتهم هى العشاء ببوش والنوم فى الحوش .