خالد سلك للشرق الأوسط : البرهان و«الإخوان» رهنوا السودان والسودانيين لغاياتهم السياسية
حمّل وزير سابق وقيادي في تنسيقية «تقدم» قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، المسؤولية عن الحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من 15 شهراً، وأرجع أسبابها إلى «طموحات الرجل السلطوية» التي دفعته إلى «رهن البلاد والمواطنين لتحقيقها والبقاء رئيساً للحكومة»، باتباع تكتيكات تقسيم القوى المسلحة وتوظيف تناقضاتها الداخلية لصالح بقائه في الحكم، ما سمح بناء على ذلك، بتمدد «قوات الدعم السريع» خلال الفترة الانتقالية.
وقال نائب رئيس حزب «المؤتمر السوداني» وعضو الهيئة القيادية لـ«تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، خالد عمر يوسف، في تصريحات تناقلتها وسائط التواصل الاجتماعي، إن الفريق أول البرهان، و«إرضاء لطموحاته، رهن البلاد وأهلها برغبته في البقاء في السلطة»، وندد بما سمّاه «ربط الرجل الوصول لحل سلمي بشرعنة بقائه في السلطة»، وأضاف: «كأنه يأخذ البلاد وأهلها رهينة لتحقيق طموحه السلطوي».
وأوضح يوسف أن «هدفاً واحداً ظلّ يدفع البرهان ويحركه منذ اندلاع الثورة، ويتمثل في الاستحواذ على السلطة باستخدام ما أطلق عليه (معادلة البشير)، المتمثلة في تقسيم القوى المسلحة، واستخدام تناقضاتها لصالح بقائه في السلطة».
وأرجع سماح قائد الجيش بتمدد «قوات الدعم السريع»، إلى أنه كان يستهدف خلق توازن قوى مع «المركز الأمني والعسكري الموالي للإسلاميين، لذلك سمح باستمراره ورفض تفكيكه، ليوازن به قوات الدعم».
ووصف يوسف انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي أطاح بالحكومة المدنية الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، بـ«المغامرة المشتركة» بين البرهان من جهة، وقيادة «الدعم السريع» و«المركز الأمني والعسكري» للإسلاميين من جهة أخرى.
ونفذ الجيش و«الدعم السريع» انقلاباً مشتركاً ضد الحكومة المدنية، لكن الانقلاب وجد مقاومة شعبية واسعة، أجبرت أطرافه على التراجع، واضطرت لتوقيع ما عرف بـ«الاتفاق الإطاري» مع القوى المدنية التي انقلب عليها، بيد أن «المركز العسكري الأمني الإسلامي»، بحسب توصيف يوسف، «أشعل الحرب لإفشال إكمال الاتفاق الذي جاء مهدداً لوجوده ومصالحه، وفي الوقت ذاته تراجع قائد (الدعم السريع) محمد حمدان دقلو عن الانقلاب، مشيراً إلى مؤامرة إسلامية تستهدفه».
ونص «الاتفاق الإطاري» بشكل واضح على دمج «قوات الدعم السريع» بالجيش، وتكوين جيش موحد بعقيدة وطنية، وخروجه من العملية السياسية، وتصفية وإزالة النظام الإسلاموي، ومحاسبته على جرائمه إبان حكم عمر البشير، ما أثار مخاوف الإسلاميين الذين هددوا بشكل علني بإفشاله بكل السبل الممكنة.
ويتهم التحالف الذي كان يقود الحكومة الانتقالية، حزب «المؤتمر الوطني» وقيادات «الإخوان» بتوريط الجيش في الحرب عبر تحريك رموزهم داخل المؤسسة العسكرية، مستغلين التوتر بين قيادة القوتين، ومهاجمة أحد معسكرات «الدعم السريع» في «المدينة الرياضية»، فيما يقول أنصار الجيش والإسلاميون إن «الدعم» نفذت «محاولة انقلابية فاشلة»، الهدف منها الاستيلاء على السلطة.
وقال يوسف إن البرهان، ومنذ بداية الحرب، «ظل يسعى، بكل ما أوتي من قوة، ليكتسب شرعية الاعتراف به رئيساً»، وتساءل: «أي رئاسة وشرعية يبحث عنهما الرجل وسط الحطام، وفي خضم هذه المأساة التي يعيشها شعبه؟».
واتهم يوسف، قائد الجيش «بتعقيد المشهد السياسي والعسكري في البلاد، إرضاء لرغبته في الحصول على اعتراف بشرعية رئاسته… وتوظيف التناقضات التي استطاع الحفاظ عليها، للبقاء في السلطة»، وأوضح: «البرهان عقد المشهد بصورة بالغة، لاستخدامه لكل هذه التناقضات، ما أفقده ثقة حلفائه الداخليين والخارجيين».
وأرجع التناقضات والانقسامات في المعسكر العسكري ومعسكر الجيش، إلى «سياسات البرهان في إدارة لعبة التناقضات»، وقال: «الانقسامات في معسكر القوات المسلحة جعلته مشلولاً، لا إرادة موحدة له بالسلام أو بالحرب».
وخاضت الحكومة التي يترأسها البرهان معارك دبلوماسية كبيرة مع الإدارة الأميركية من أجل مخاطبة قائد الجيش بصفة «رئيس مجلس السيادة الانتقالي»، واشترطت أن تكون المفاوضات بين الحكومة و«قوات الدعم السريع»، وهو الأمر الذي رضخت له واشنطن، لكنها تمسكت بأن يكون التفاوض بين الجيش و«قوات الدعم»، وهو ما رفضته قيادة الجيش، وكان أحد أسباب رفضها المشاركة في مفاوضات جنيف.
وسبق أن تفاوض الجيش و«الدعم السريع» في جدة ووقعا «إعلان جدة الإنساني» في 11 مايو (أيار) 2023 الذي يتخذه الجيش ذريعة أخرى لرفض التفاوض، وكذلك تفاوضا مرة ثانية في جدة، ووقعا بيان «تسهيل زيادة المساعدات الإنسانية وتنفيذ إجراءات بناء الثقة»، ثم تفاوض كل من نائب القائد العام للجيش شمس الدين الكباشي، وقائد ثاني «قوات الدعم السريع» عبد الرحيم حمدان دقلو، ووقعا بالأحرف الأولى ما عرف بـ«اتفاق المنامة»، بيد أن الجيش تراجع عنه دون إبداء أسباب.
المصدر : الشرق الأوسط