الأعمدة

شلناها بالقوة والعايز سلطة يشيل سلاحو ويجى يواجهنا

هل كتب على السودانيين التضحية ببلدهم وأرواحهم وإستقرارهم من أجل أن ينعم(الإسلاميون) بالحكم

تلك العبارة التى أطلقها زعيم إنقلاب الجبهة الإسلامية الجنرال البشير من مدينة كسلا فى تسعينيات القرن الماضى فى عز المواجهة مع المعارضين كانت كافية لكل ذى عقل وبصيرة أن يعرف حقيقة من تسلطوا عليه وتسللوا خفية إلى مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وعاثوا فيها فسادا وتمكينا وأن شعارات هى لله والدفاع عن الإسلام وتحكيم شرع الله ماهى إلا عبارات جوفاء لتضليل البسطاء وبعض الأغبياء للوقوف خلف مشروع الوهم والتجارة بالدين الذى كشفت ممارستهم للسلطة بعدهم تماما عن الدين والشريعة وأن هدفهم الأساسي هو كرسى الحكم.
والمتابع لتاريخ هذه الجماعة يجد أن خطتها للوصول للحكم بدأت بالمثل الشعبى المعروف الذى يجسد الإنتهازية والنفاق(تمسكن حتى تتمكن) وهو ما حدث بالفعل منهم حيث بدأوا خطتهم الخبيثة بالمسكنة والتستر بالدعوة إلى حاكمية شرع الله بالتجمعات البسيطة فى الأسواق وأمام دور السينما والمناسبات العامة فى السبعينات من القرن الماضى خوفا من ملاحقة الأجهزة الأمنية وتطور الأمر بعد المصالحة مع نظام جعفر نميرى إلى الجامعات وأركان النقاش والمساجد خاصة بعد أن فرضوا برنامجهم وقوانينهم التى سموها قانون الشريعة الإسلامية الشيء الذى أتاح لهم أن يصلوا إلى أجهزة الإعلام الرسمية ليبشروا الناس بعهد الحاكمية إلى الله ودولة العدل قبل أن يكتشف جعفر نميرى حجم خطورتهم على نظامه ويزج بهم فى السجون تمهيدا لمحاكمتهم ووقتها قامت إنتفاضة أبريل التى أطاحت بنظام مايو بمشاركة كوادرهم الطلابية بصورة فاعلة مع المحتجين فى الثورة التى كانت طوق نجاة لهم من المحاسبة. وهنا بدأ التنظيم فى اللجوء إلى طريقة أكثر فاعلية للوصول للحكم بعد أن فشلت الدعوة والشعارات الدينية ولم يكن أمامهم إلا طريق واحد هو اللجوء إلى فرض الفكرة بقوة السلاح وقد إستفادوا من فترة تحالفهم مع نظام جعفر نميرى فى إختراق الأجهزة الأمنية وزرع كوادرهم فيها مما سهل لهم الإطاحة بحكومة الصادق المهدى وبسط سيطرتهم على البلاد وتكوين المليشيات الموازية التابعة لهم فى حماية نظامهم بعيدا عن الأجهزة الأمنية الرسمية التى باتت عبارة عن واجهات فقط لا تملك قرارها وإنما تنفذ ما يطلبه منها التنظيم والدولة العميقة.
وبما أن منطق القوة قد حقق لهم طموحهم فى الإستمرار فى السيطرة على الدولة ومواردها فقد كشفوا عن وجههم الحقيقى فى تسخير كل اسلحتهم ضد معارضيهم لا فرق بين معارضة مدنية أو مسلحة وإنتشرت بيوت الأشباح للتعذيب والقتل البطىء وكانوا يفتخرون بذلك ويعتبرونه شجاعة حتى أن واحدا مثل نافع على نافع كان يقول للثوار إن إسقاط الإنقاذ يحتاج إلى رجال و( ضراع) قوى عشان كدة أنصحكم بالجلوس فى الضل وغيرها من العبارات المستفزة من قيادات التنظيم.
ومانعيشه اليوم من وضع كارثى ومأساوى بسبب هذه الحرب اللعينة لا ينفصل عن دور هذه الجماعة فى إستعادة السلطة بالقوة وشاهدنا كيف نجحوا فى تحريك كوادرهم داخل الجيش والإنقلاب على الحكومة الإنتقالية حتى قبل أن تكمل فترتها وكيف تم إخراجهم من السجون فى نفس يوم الإنقلاب وإعادتهم إلى مناصبهم خاصة في الأجهزة الأمنية تحت حماية القوات المسلحة التى أصبحت تحت قبضتهم وسيطرتهم وظهر ذلك واضحا بعد الحرب مع الدعم السريع وفرض رؤيتهم لمسارات الحرب على البرهان وجنرالاته حتى على المستوى الميدانى لدرجة تهديده علنا بأن لايذهب لأى تفاوض مع الدعم السريع وإلا سيكون هدفا مشروعا لنيرانهم أو أن يذهب من غير عودة ولم نسمع أى إدانة أو رد فعل من الجيش على هذا التجاوز الخطير فى حق أعلى سلطة فى البلد بل العكس تماما كان البرهان يتراجع عن كل خطوة خطاها دون الرجوع إلى التنظيم وقد فعل ذلك عقب مشاركته فى قمة الايقاد بجيبوتى ولقائه مع أبى أحمد وإتصاله مع محمد بن زايد وما قام به كباشى فى مفاوضات المنامة مع عبدالرحيم دقلو وقبلها سحب الوفد من جدة بحجة مزيد من التشاور وحتى مؤتمر جنيف الذى رحب به البرهان ورفض الذهاب إليه تحت ضغط التنظيم والجماعة التى لا ترى أى فرصة لإستعادة السلطة كاملة غير الإستمرار فى الحرب مهما كانت نتائجها وهو ما رضخت له قيادة الجيش وأصبحت تردد نفس العبارات التى تنادى بالحرب والحشد لها فى تحد كبير وخطير لإرادة السودانيين ورغبتهم فى السلام والحياة الكريمة وأيضا تحدى المجتمع الدولي والإصرار على مواصلة القتال دون النظر إلى الثمن الذى يمكن أن يدفعه الشعب السوداني ننيجة لأطماع فئة قليلة إختطفت الجيش والدولة ولا تؤمن إلا بسلطة السلاح والقوة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى