مباحثات عسكرية جديدة بين روسيا والسودان حول قاعدة لوجستية في البحر الأحمر وتسليح الجيش
محمد الأقرع
اللقاءات السرية بين عسكريين من روسيا والسودان وضعت النقاط الأخيرة في مشروع القاعدة المطلة على البحر الأحمر التي كانت قد طلبتها موسكو في وقت سابق من الحكومة السودانية.
الخرطوم ـ «القدس العربي»: كشف مسؤول بالخارجية السودانية عن عقد مباحثات عسكرية بين موسكو والخرطوم الأيام الماضية مشيرة إلى أن نتائجها كانت مثمرة وتتوافق مع التطور الحالي في العلاقات بين البلدين.
وقال سفير السودان لدى روسيا، محمد الغزالي، إن وفداً سودانياً رفيع المستوى بقيادة وزير الدفاع يس إبراهيم أنهى الجمعة زيارة لروسيا بعد أن أجرى لقاءات ثنائية مع قيادات روسية رفيعة لافتاً في تغريدة له على منصة إكس، إن مخرجات اللقاء كانت إيجابية تتوافق مع تطور علاقات البلدين.
ورجحت مصادر دبلوماسية لـ«القدس العربي» إن اللقاءات التي أحيطت بالسرية بين عسكريين من روسيا والسودان وضعت النقاط الأخيرة في مشروع القاعدة اللوجستية المطلة على البحر الأحمر التي كانت قد طلبتها موسكو في وقت سابق من الحكومة السودانية، بالإضافة إلى مناقشة المشاريع المتصلة بها وأهمها تسليح ودعم الجيش السوداني.
وسبق أن صرح مساعد قائد الجيش الفريق أول ياسر العطا عن اعتزام السودان المصادقة على إتفاقية إنشاء القاعدة الروسية في البحر الأحمر وغيرها من الاتفاقات قريباً، وقال العطا: «اقترحت روسيا التعاون العسكري من خلال إنشاء مركز دعم لوجستي وليس قاعدة عسكرية كاملة مقابل إمدادات عاجلة من الأسلحة والذخائر».
وأعلن العطا موافقة السودان على العرض الروسي مشيراً إلى أنهم طالبوا بتطوير هذا التعاون ليشمل الجوانب الاقتصادية، وقال وقتها إن البرهان سيوقع قريباً على الاتفاقية.
السفير السوداني لدى روسيا، أكد في تصريحات هو الآخر في حزيران/يونيو الماضي، إلتزام السودان بالاتفاق مع موسكو حول بناء قاعدة على البحر الأحمر لافتاً إلى أن عمليات تشيدها ستتم مباشرة عقب الانتهاء من بعض الإجراءات.
وكان قد وقع الرئيس المخلوع عمر البشير، في العام 2017 إتفاق إنشاء القاعدة البحرية مع موسكو وهي قاعدة تموين وصيانة للبحرية الروسية في بورتسودان شرق السودان تهدف إلى تعزيز السلام والأمن في المنطقة ولا تستهدف أطرافاً أخرى حسبما جاء في مقدمة الاتفاقية.
ووفقاً للاتفاقية الموقعة في عهد البشير سيحصل السودان على أسلحة وذخائر وغيرها من المعدات التي يحتاجها بالإضافة إلى التدريب وتبادل معلومات القضايا العسكرية والسياسية والأمن الدولي.
لكن عقب الإطاحة بنظام البشير في نيسان/ابريل 2019 رأت السلطة الجديدة تجميد الاتفاقية إلى حين إيداعها للبرلمان عقب انتخابه للمصادقة عليها.
ويقول مراقبون أن اندلاع الحرب في السودان والموقف العسكري المتأرجح بالنسبة للجيش ساعد في إحياء الاتفاقية مرة أخرى بهدف الحصول على إمداد حربي يعيد توازنه على أرض المعركة ويخفف عليه الضغوط الدولية في سبيل إنجاز تسوية غير مرضية بالنسبة له.
المصادر الدبلوماسية قالت لـ«القدس العربي» إن السودان طالب موسكو لدى زيارة المبعوث الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا مخائيل بوغدانوف، إلى مدينة بورتسودان في حزيران/يونيو الماضي، طالب بأسلحة ومعدات حربية للجيش بالإضافة إلى قطع علاقة فاغنز بالدعم السريع.
بينما طالب الطرف الأخر بعدم التعامل مع أوكرانيا وتخصص مربعات للتعدين بالإضافة إلى إنشاء القاعدة.
الضابط السابق في المعارضة السودانية، حسام ذوالنون، قال لـ«القدس العربي» إن زيارة الوفد العسكري رفيع المستوى بقيادة وزير الدفاع السوداني، هي زيارة مهمة للغاية لكل من روسيا والسودان.
ورأى أن طبيعة الوفد ودرجة تمثيله تؤكد أنها زيارة ذات أجندة عسكرية صرفة تهم كل الدولتين لإدارة الحروب التى يواجهونها بطريقة تضمن لهما الانتصار فيها ضد التحالفات الدولية ضدهما.
وأوضح أن أهمية منطقة البحر الأحمر تمثل عنصرا حاسما في الصراع الروسي – الغربي الذي يدور بالأراضي الأوكرانية، فأي وجود عسكري روسي بمنطقة البحر الأحمر هو تهديد مباشر لحركة التجارة العالمية والبترول، ما يقود إلى ضغط اقتصادي كبير على أوروبا والغرب عموما بصورة سريعة بالتالي ينعكس تأثيره على ميزان الحرب لصالح روسيا.
ومضى بالقول: «المحور الشرقي الممتد من الصين وكوريا الشمالية وإيران مرورا بالبحر الأحمر إلى القاعدة الروسية بسوريا، يشكل تهديد عسكري خطير على حلف الغرب بالمنطقة ويخلق توازن جديد يعيد الذاكرة إلى الحقبة ثنائية القطبية في إدارة الشأن الدولى، وهي بداية النهاية للهيمنة الأمريكية الأحادية».
ويعتقد ذوالنون، إن الغرب وخاصة الإدارة الأمريكية يتحسبان لهذا الأمر لكن سوء إدارة ملف السودان الذي ظهر جلياً في مفاوضات جنيف ومحاولة لعب دور الشرطي الطيب والشرطي الشرير، لإجبار الحكومة السودانية لتفويض الجيش للمشاركة في المفاوضات، أهمل وجود لاعبين داخليين لديهم تأثير لإفشال أي صفقة تحافظ على وجود الدعم السريع بصورة تمثل تهديد مستقبلي.
وقال ذوالنون: «مناصري التحالف الغربي داخل الحكومة السودانية خسروا الجولة لصالح التيار العملى الذي ينظر لمصالح البلاد من نافذتي الحوجة والمنافع المتبادلة بغرض كسب الحرب وحماية السودان من التآمر الغربي الذي يعمل بجهد على حماية الدعم السريع والمحافظة عليه، لضمان تنفيذ مصالحهم والسيطرة المطلقة على السودان، في ظل تفكك وضعف الدولة».
وأضاف: «المنطقة على فوهة صراع دولي قادم، من الصعب التكهن بنتائجه، ولكنه ليس في صالح الولايات المتحدة وحلفائها طالما ظلت نظرتهم قاصرة وتعيد تكرار ذات الخطوات التى تتصف بالجهل والغباء المؤسسي والغرور الزائف».
وأكد الضابط السابق في المعارضة أنه في حال لم تحدث متغيرات داخلية تعطل التحالف السوداني الروسي فإن مكاسب السودان كبير للغاية من حيث توفر الدعم بالأسلحة والآلة العسكرية التى تضمن تحقيق الانتصار وتقصير أمد الحرب. بينما يمكن هذا التحالف روسيا من التواجد في منطقة استراتيجية حاكمة، تمهد لها الطريق لإعادة التوازن العالمي وكسب معركته ضد الغرب.