الأخبار

أملتها ضروريات مرحلية مهمة،، مبادرة مجتمعية للمصالحة بين قيادات جبال النوبة ..

ورش عمل ومنتديات استباقية لتحديد جذور المشكلة وكيفية حلها

تأكيدات على وحدة شعب جبال النوبة والحفاظ على أرضه وتأريخه وثرواته..
رئيسة المبادرة: لابد من نبذ الخلاف، وإيجاد حد أدنى للتوافق..
دكتور تاور: نستهدف من الورش الداخلية قياس مدى أثر المبادرة على الأرض..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
<img src="https://omdertimes.com/wp-content/uploads/2024/08/IMG-20240822-WA0021-300×210.jpg" alt="" width="300" height="210" class="alignnone size-medium wp-image-208360″ />شددت ورشة المصالحة بين قيادات ونشطاء منطقة جبال النوبة على ضرورة تحديد المشكلة ووضع خطه استراتيجية للتعامل مع جذورها وكيفية حلها، وإيجاد آلية لتوطين إدارة الخلاف، والدعوة إلى وقف الحرب في إقليم جبال النوبة، وكانت الورشة التي احتشد لها نحو ١٠٠ من النخب المختلفة التي تمثل قيادات ونشطاء ومثقفي جبال النوبة في جمهورية مصر العربية، قد أقرّت بمبدأ وجود خلاف بين قيادات النوبة، وتوصيف هذا الخلاف بشكل واضح ليتسنى معالجته من خلال عقد مؤتمر عام يضع أرضية خصبة للمصالحة ويبحث هذه القضية بشفافية وتجرد ونكران للذات.
منطقة مقفولة:
وتعاني منطقة جبال النوبة الغنية بمواردها وثرواتها من تداعيات الحرب التي فُرضت عليها منذ ثمانينات القرن الماضي مما أقعدها لتكون في مؤخرة ركب أقاليم السودان رغم إمكانياتها الواعدة، وقد ظلت منطقة جبال النوبة تتنفس تحت الماء جراء سياسة المناطق المقفولة التي فرضها الاستعمار البريطاني بضرب عُزلة متكاملة على المنطقة منعتها من التواصل مع أجزاء السودان الأخرى، ومارس عليها أنواعاً سيئة وقميئة من التركيع والإذلال بفرض ضريبة الدِّقْنِيَّة ( ضرائب قاسية ومذلة)، لتأتي بعد ذلك الحكومات المركزية المتعاقبة في الخرطوم، وتزيد الطين بلة بإعمال تهميش ممنهج، قضى على كل الآمال التي كانت تتمسك بإمكانية وجود ضوء في آخر النفق، ليكون التمرد محاولةً جريئة من بعض المناضلين من أبناء المنطقة بإمكانية التوصل إلى حلول عبر لغة العنف، من خلال رفع السلاح في وجه المركز.
نضال مدني وعسكري:
وكانت جبال النوبة قد شهدت حراكاً سياسياً، ونضالاً مدنياً وعسكرياً بغية الانعتاق من نير الاستعمار والانتصار لصالح قضية المنطقة العادلة، بداية بالثورات المحلية كثورة تلودي التي أودت بحياة المأمور التركي المصري أبو رفاس في العام ١٩٠٦م، وثورة الفكي علي الميراوي في كادقلي، والسلطان عجبنا في الدلنج، وغيرها، وعقب الاستقلال تشكلت عدة منظومات مدنية سياسية وعسكرية، لرفع الظلم والتهميش الممنهج عن المنطقة، مثل تنظيم الكتلة السوداء، وتنظيم كَمُولو، واتحاد عام جبال النوبة، والحزب القومي السوداني، والحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، ومجلس عموم النوبة، وكيان وحدة النوبة، واتحاد جبال النوبة، ومع التطور التقني والتكنولوجي، انتقل الاصطفاف إسفيرياً من خلال المجموعات المبذولة على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والتي تسعى جميعها إلى تحقيق وحدة وتماسك النوبة والعمل بيد واحدة من أجل معالجة قضيتهم العادلة في تحقيق السلام والاستقرار والتنمية والازدهار.
جرثومة الخلافات:
وفي ظل تعدد الكيانات والمنابر، وعطفاً على الظروف الاستثنائية التي تعيشها منطقة جبال النوبة، فقد تكاثرت جرثومة الخلافات بين قيادات المنطقة ومثقفيها والناشطين فيها، فمن كانوا بالأمس رفقاء في النضال، أصبحوا اليوم أعداءً في ميادين السياسة والقتال، وهو الأمر الذي ألقى بظلال سلبية على استمرار تأخر المنطقة وتخلفها وتطاول فيها أمد الصراعات والحروب والنزاعات، ولما كانت الخلاف والاختلاف استثناءً، والوفاق والاتفاق من القواعد والثوابت في طبيعة العلاقة بين البشر، فقد تحرك نفرٌ كريم من أبناء منطقة جبال النوبة لطرح مبادرة لإعمال حوار ومصالحة بين قيادات وناشطي ومثقفي منطقة جبال النوبة تحت شعار قوتنا في وحدتنا، سعياً لبناء شعب نوبي قوي ومتماسك، ينعم بسلام دائم وتنمية مستدامة.
ضرورة مرحلية:
وتقول صاحبة فكرة مبادرة المصالحة بين قيادات النوبة، ورئيستها التنفيذية الأستاذة مريم البتول جادالله أوشي إن المبادرة أملتها ضرورة مرحلية تتمثل في الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة المتأثرة بتداعيات الحرب والتي تتطلب وحدة القيادات قبل وحدة القواعد، مشددة على ضرورة نبذ الخلافات والانقسامات، والتوافق على مرتكز واحد للتلاقي، وأبانت الأستاذة مريم البتول أن المصالحة العليا لجبال النوبة ستكون بمثابة البوتقة التي تنصهر فيها كل الخصومات وتنتهي عندها كل الاختلافات والخلافات، داعية جميع أبناء منطقة جبال النوبة إلى مد يد العون والمساعدة من أجل تحقيق الهدف النبيل للمبادرة وذلك بإزالة أسباب الخلافات، وطي صفحة الماضي، والعمل على تكوين حاضنة اجتماعية لشعب جبال النوبة للمدى الآني والمستقبلي، والتوافق على إزالة سوء التفاهم بين المكونات المنضوية تحت لواء شعب النوبة، وتشكيل أرضية مشتركة مبنية على التفاهم والثقة، تتعزز بتنفيذ عدد من ورش العمل للتثقيف بالمبادرة.
ورشة بورتسودان:
وكانت مدينة بورتسودان قد شهدت ورشة مماثلة للورشة التي اختتمت أعمالها مؤخراً بالقاهرة بشأن الحوار والمصالحة بين قيادات جبال النوبة، وأكد دكتور عبد الله سعيد تاور رئيس اللجنة التحضيرية لمنتدى الحوار والمصالحة بين قيادات النوبة، أنهم يهدفون إلى وحدة شعب النوبة، وامتدح في حديثه للكرامة الجهود الكبيرة والمتعاظمة التي بذلتها الأستاذة مريم البتول جاد الله أوشي صاحبة المبادرة ورئيستها التنفيذية، مبيناً أن المخاض الأول لمبادرة المصالحات انطلق في السودان، من خلال الورشة التي انعقدت في مدينة بورتسودان والتي قال إن مخرجاتها لم تختلف عن مخرجات ورشة القاهرة والتي أكدت على وحدة شعب جبال النوبة، والعمل من أجل تنفيذ هذا الهدف بإقامة حوار أو ملتقى عام للمصالحة بين قيادات وأبناء جبال النوبة، والمحافظة على الأرض، والتأريخ والهوية والثقافة والثروات الكامنة في المنطقة، وأشار دكتور تاور إلى ورش داخلية نفذتها المبادرة في مدينة كوستي شملت الشباب والمرأة، مؤكد مضي المبادرة قدماً في تنفيذ المزيد من الورش الداخلية في عدة مدن سودانية لقياس مدى أثر المبادرة على الأرض، منوهاً إلى التحضيرات الجارية لعقد ورشة أخرى في مدينة جوبا حاضرة دولة جنوب السودان، ومنها سيكون التوجه إلى دول أخرى تحظى بوجود كثيف من شعب جبال النوبة سواءً في كمبالا أو نيروبي وغيرها.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر، فإن مبادرة المصالحة بين قيادات النوبة تكتسب أهميتها من توقيت انطلاقتها في ظل الظروف والتعقيدات الأمنية التي أفرزتها الحرب والتي ألقت بظلال سلبية على شعب جبال النوبة مما يتطلب تحركاً عاجلاً لإنجاز المبادرة في أسرع وقت ممكن بتوحيد كلمة شعب النوبة ليكونوا على قلب رجل واحد، استشرافاً لمرحلة ما بعد الحرب والتي ستكون ميداناً لحراك واسع من أجل تعزيز السلام والاستقرار وإرساء دعائم التنمية وإعادة الإعمار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى