أثار كارثة انهيار سد أربعات : وفاة أكثر من 50 شخصا والكثير من العالقين في الاحياء المنكوبة
الساعات الأخيرة التي سبقت طوفان سد أربعات بولاية البحر الأحمر وسط التحذيرات من السيول والأمطار، ربما لم تكن كافية لفعل شيء سوى إجلاء المواطنين من تلك القرى الصغيرة إلى مواقع أكثر أمانًا. ومع ذلك، لم يحدث ذلك وفق روايات السكان المحليين.
يقول ناشطون في إقليم شرق السودان إن الإحصائيات عن ضحايا سيول طوكر وسد أربعات في قرى قنب وأوليب قد تصل إلى أكثر من 50 شخصًا قتلوا تحت المياه، ويشككون في الأرقام التي صدرت مقارنة مع حجم الكارثة.
خزان أربعات، الذي تصل مساحته إلى حوالي 4800 كيلومتر مربع، اختفى تمامًا عقب الانهيار المفاجئ الأحد الماضي، محطمًا صمتًا حكوميًا في ولاية البحر الأحمر بشأن عدم صيانته ووضع تدابير فنية تمنع انهياره.
بلغ ارتفاع مياه الطوفان عقب انهيار سد أربعات نحو 25 مترًا في بعض الممرات الجبلية والمنخفضات، بفعل الإطماء الذي زاد من سرعة وقوة الاندفاع. ولم تعلق حكومة الولاية على المطالب الخاصة بصيانة الخزان من الإطماء في الفترة الماضية.
ويقول محمد عمر من بورتسودان لـ”الترا سودان” إن أغلب الضحايا من الأطفال والنساء، وجدوا أنفسهم في خضم الطوفان، ولا يمكن فعل شيء حيال الكارثة سوى الاستسلام. لقد ماتوا بفعل الإهمال الحكومي، هذه حقيقة واضحة.
وأردف: “المجتمعات في القرى المنكوبة تعيش في فقر مدقع. عندما تهطل الأمطار يشعرون بالسعادة لأنها تسقي الزراعة والماشية، خاصة مع اعتيادهم على شح مزمن للمياه بفعل غياب الدولة منذ سنوات طويلة، رغم أن موطنهم معروف بإنتاج الذهب من منجم أرياب”.
ويشدد عمر على ضرورة فتح تحقيق فوري وعاجل وشفاف في كارثة سد أربعات للوصول إلى الحقائق التي من حق السكان والرأي العام السوداني معرفتها، عما إذا كان من الممكن صيانة الخزان وتنظيف الإطماء والكشف المبكر والوقائي عن سلامة السد، ولماذا لم تتحرك حكومة الولاية.
وكان المجلس الاستشاري لشرق السودان “منظمة مجتمع مدني”، قد عزا انهيار سد أربعات إلى عدم كفاءة البوابات وتراكم الإطماء، مما أدى إلى حدوث ما يشبه الانفجار بسبب قوة المياه.
وأعلن المجلس في مؤتمر صحفي أمس الأربعاء أن الحكومة مطالبة باستيراد مصنعين لتحلية مياه البحر الأحمر، سعة المصنع 50 ألف متر مكعب يوميًا.
ومع استمرار الكارثة دون حلول ناجعة، نزح المئات من مواطني طوكر إلى بورتسودان وسنكات وسواكن وقرى الولاية، أمس الأربعاء، حسب محمد عمر، الذي قال إن المجتمع المحلي استضاف الأقارب والأهل والمعارف من كارثة طوكر، لأنهم فقدوا المنازل مع الأنباء التي تتحدث عن زيادة كمية المياه مجددًا.
وأشار عمر إلى أن العالقين في طوكر وقنب وأوليب حصلوا على بعض المساعدات من خلال وصول جرافات محملة بالمساعدات، لأنها الوسيلة الوحيدة للوصول إلى طوكر وقنب وأوليب. ولا تزال جهود الإنقاذ بين المتطوعين مستمرة للوصول إلى الناجين والضحايا حتى في الأنقاض والصخور الجبلية والممرات.
وأوضح أن كارثة السيول في البحر الأحمر تتطلب تدخلًا دوليًا متخصصًا في عمليات الإنقاذ، لأن الجهود المحلية غير كافية ولا تملك خبرة ولا معدات للوصول إلى الضحايا، ولا تتحلى بالصبر.
لا يزال الوضع في طوكر والقرى المنكوبة مرشحًا للمزيد من التحديات على الأرض، مع توقعات بسوء الأحوال الجوية والفرص القادمة لهطول الأمطار والفيضانات. وربما يقابلها المتطوعون من الشبان من أبناء المنطقة بالمزيد من العمل في ظل عجز السلطات المختصة.
وتعتبر ولاية البحر الأحمر من المناطق البعيدة نسبيًا عن الحرب، ونزح إليها نحو نصف مليون شخص، كما نُقلت العاصمة إلى هناك، وتضم بورتسودان مقر مجلس السيادة والحكومة والوزارات الاتحادية والمجلس والهيئات الحكومية.