الدلنج تواجه حصاراً وهجماتٍ من الحركة الشعبية والميليشيا الإرهابية ..
حصار لأكثر من عام، جعل المدينة تتنفس تحت الماء..
أزمة اقتصادية خانقة، وارتفاع جنوني في أسعار المواد الاستهلاكية..
مبادرات مجتمعية، واستضافة أكثر من 37 ألف أسرة نازحة من القرى المجاورة..
إشادة بعملية إسقاط جوي للجيش، ومطالبة بتكرارها..
التحالف الديمقراطي العدالة الاجتماعية يطالب بتدخل عاحل لإنقاذ شعب جبال النوبة..
مناشدة لرئيس مجلس السيادة، وإصرار على الثبات في وجه الهجمات..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
تفاعل مواطنو مدينة الدلنج بعملية الإسقاط الجوي الناجحة التي نفذتها القوات المسلحة السودانية، حيث رقص سكان المدينة ضرباً وفرحاً مع العملية التي تضمنت عدد 8 حاويات كبيرة لم يتم الإفصاح عن محتوياتها، ولكن الجميع متفائل بأن تكون الحاويات محملة بالأدوية والمحاليل الطبية الخاصة ببنك الدم، وأدوية علاجية مخصصة للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، بالإضافة إلى مواد تموينية وسلعاً استهلاكية، وربما عتاد ومعدات خاصة بالجيش، وتعاني مدينة الدلنج إحدى أكبر المدن بولاية جنوب كردفان، من تداعيات الحصار المفروض على الولاية منذ يونيو 2023م، حيث ظلت جنوب كردفان تنفس تحت الماء جراء العزلة المفروضة عليها بسبب هذا الحصار الذي تضربه قوات الحركة الشعبية والجيش الشعبي شمال فصيل عبد العزيز الحلو، بالإضافة إلى قوات تابعة لميليشيا الدعم السريع ترتكز شمال الدلنج في مدينة الدبيبات والحمادي وما جاورهما.
قلق جراء الحصار:
وتململ الناس وضاقت بهم الأوضاع اقتصادياً وإنسانياً وأمنياً جراء تعرض مدينة الدلنج لعدة هجمات، تارةً من ميليشيا الدعم السريع، وتارةً أخرى من قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال فصيل عبد العزيز الحلو، وقد استطاعت الدلنج أن تصدّ الهجمات وتكبد العدو خسائر فادحة في الأرواح والأنفس والممتلكات، بيد أن وجود ميليشيا الدعم السريع شمال الدلنج ووجود قوات الحركة الشعبية جنوب المدينة قد أصاب الدلنج بحالة من الشلل التام في جميع مناحي الحياة، وأبدت الكثير من الكيانات المحلية والقومية قلقاً شديداً إزاء الحصار المفوض على مدينة الدلنج بصفة خاصة وولاية جنوب كردفان إقليم جبال النوبة بصفة عامة، وحذر التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية من وضع كارثي يجابه المنطقة، وكشف المتحدث الرسمي باسم التحالف حذيفة عبد الله في إفادته للكرامة عن مجاعة بشكل كامل تضرب المنطقة مما اضطر الأهالي لأكل أوراق الأشجار بسبب الإغلاق المفروض على المنطقة، والذي أدى إلى إيقاف حركة البضائع والاحتياجات الإنسانية، ودعا حذيفة الحكومة ومن أسماهم بأصحاب المصلحة والضمير إلى التدخل الفوري لإنقاذ شعب جبال النوبة، مطالباً بتنظيم عمليات إسقاط جوي لإغاثة المواطنين، وناشد المتحدث الرسمي باسم التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية، الرفقاء في الحركة الشعبية شمال بتقديم ما يليق بالمناصرة التاريخية التي قدمها أبناء جبال النوبة للحركة الشعبية.
وضع خانق:
وتقول الإعلامية نهى جودة عبد الله مراسلة الإذاعة السودانية من الدلنج إن المدينة تشهد وضعاً اقتصادياً خانقاً جراء الحصار المفروض عليها والذي انعكس سلباً على إنسان محافظة الدلنج من خلال ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية حيث بلغ كيلو السكر 8 ألاف جنيه، الدقيق 7 ألاف جنيه، الأمر الذي أدى إلى خروج عدد من المخابز من الخدمة، فارتفع سعر رغيفة الخبز إلى250 جنيه، وكيلو العدس وصل إلى13 ألف جنيه، رطل الزيت إلى 7 ألف جنيه، وصابونة الغسيل إلى 1500جنيه، ورطل البن إلى 16 ألف جنيه، وبلغ سعر ملوة الذرة طابت الغذاء الرئيس للمواطنين 14 ألف، وملوة الذرة ود أحمد والفتريتة إلى 13 ألف جنيه، وأكدت الأستاذة نهى جودة في إفادتها للكرامة أن عدم توفر الأدوية المنقذة للحياة أدى إلى ارتفاع معدل الوفيات بالمدينة بشكل ملحوظ، خاصة وسط الأطفال بسبب سوء التغذية، ووسط النساء الحوامل.
صمود المرأة:
وتمتدح الإعلامية نهى جودة عبد الله مراسلة الإذاعة السودانية دور المرأة (الدلنجاوية) التي قالت إنها ظلت صابرة وصامدة ومرابطة داخل المدينة، منوهة إلى أن بعض النساء خرجن دعماً وإسناداً للرجال وهن يحملن العصي، ويطلقن الزغاريد في مواجهة ميليشيا الدعم السريع عند هجومها على المدينة، مبينة أن العبء الأكبر مازال يقع على عاتق المرأة التي امتدت معاناتها منذ اندلاع التمرد في ولاية جنوب كردفان إقليم جبال النوبة، حيث فقدت العائل وفقدت الأبن والأخ، وتناولت الأستاذة نهى جودة الحراك المجتمعي الذي تشهده مدينة الدلنج من خلال عدة مبادرات مجتمعية تقوم على تقديم الوجبات للمواطنين النازحين إلى الدلنج من المناطق والقرى المجاورة، مبينة أن هذا النزوح شكل ضغطاً كبيراً على مدينة الدلنج، حيث بلغ تجاوز النازحين 49 ألف نازح، بما يعادل 37 ألف أسرة.
خندق واحد:
ولم يتخلف شباب مدينة الدلنج عن ركب الإسناد ودعم القوات المسلحة في معركة الكرامة الوطنية ضد ميليشيا الدعم السريع، يؤكد ذلك الأستاذ فطُر جمعة رئيس مجلس شباب النوبة بمدينة الدلنج، الذي قال في إفادته للكرامة إنهم يقفون في خندق واحد مع قوات الشعب المسلحة، والقوات المساندة لها، وأبان أن شباب الدلنج كانوا سباقين من كل مدن السودان، بالانتظام في صفوف الاستنفار والاستعداد بما استطاعوا من قوة في أحياء المدينة المختلفة للتصدي لأي هجوم أو اعتداء من قبل الدعم السريع، وقد نجحوا في صدِّ الهجوم الغادر لميليشيا الدعم السريع في العاشر من يناير 2024م، ودحروا قوة كان قوامها أكثر من 200 عربية خلاف الدرّاجات النارية والتكاتك، ولقنوهم درساً لن ينسوه ولن يفكروا مرة ثانية في محاولة الهجوم على الدلنج، وبعث رئيس مجلس شباب النوبة بمدينة الدلنج، الأستاذ فطُر عبد الله، رسالة إلى رئيس مجلس السيادة بضرورة الالتفات إلى مدينة الدلنج الصابرة الصامدة التي قال إن السودان لن يؤتى منها، ولكنها تحتاج إلى الدعم والعون والإسناد عطفاً على وضعها الإنساني الكارثي.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فإن مدينة الدلنج ما انفكت تقدم درساً في الصمود والصبر على المكاره، والثبات والعزم على قتال جبهتين من الأعداء ممثلين في ميليشيا الدعم السريع الإرهابية، والحركة الشعبية، وهي وقفة تحتاج إلى دعم وإسناد من قيادة الدولة تحفيزاً وتشجيعاً لمواطني هذه المدينة العصية، حتى تتنزل الطمأنينة في قلوب المؤمنين فيزدادوا إيمانًا على إيمانهم، وصموداً على صمودهم.