الأخبار

كلمة نقيب الصحفيين بمناسبة مرور عامين على إعادة تأسيس النقابة

الزملاء والزميلات، الصحفيين والصحفيات السودانيين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نلتقي اليوم ونحن نسترجع ذكرى مرور عامين كاملين منذ ذلك الصباح التاريخي، عندما توجهتم بعزم نحو دار المهندس بشارع 7 بالعمارات في الخرطوم، حيث صنعتم تجربة ديمقراطية فريدة لاستعادة نقابتكم. كان ذلك الحلم الذي ظل يراود أجيالًا من الصحفيين منذ يوليو 1989، وها نحن اليوم نفخر بتلك التجربة التي نالت إعجاب الداخل والخارج، حتى وصلت إشادتها إلى مجلس الأمن الدولي.
لقد نشأت نقابتكم في ظروف غاية في التعقيد، إذ كانت البلاد تعاني من انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي حاول إيقاف ثورة شعبنا. وعلى الرغم من تراجع الحريات وغياب قانون نقابي ديمقراطي، استطعتم التمسك بالأمل والعمل من أجل بناء نقابتكم، لتكون أداة تسهم في تحقيق حلم السودانيين في التحول الديمقراطي.
ولدت نقابتكم في ظل أزمات اقتصادية حادة، نتيجة تداعيات جائحة كورونا والقرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة الانتقالية استجابة لشروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ما أدى إلى تدهور أوضاع الإعلام وفقدان حوالي 25% من العاملين والعاملات في هذا المجال لوظائفهم. كما واجهت النقابة بيئة سياسية مليئة بالتوترات والاستقطاب الحاد.
على الرغم من هذه التحديات، بدأنا العمل بجدية، واضعين الأولويات من تحسين الأجور إلى إيجاد مقر يعبر عن هوية الصحفيين والصحفيات ويعكس دورهم الوطني. أدارت النقابة حوارات مع ملاك المؤسسات الإعلامية لعقد ورشتي عمل حول تحسين الأوضاع الاقتصادية وإنجاز عقد بين العاملين وأرباب العمل. ونجحنا في تأمين مقر للنقابة.
ومع فرحتنا بهذا الإنجاز، أطلت علينا نذر الحرب بين القوات المسلحة والدعم السريع. حاولت النقابة بالتعاون مع أجسام نقابية أخرى التدخل لوقف انزلاق البلاد نحو الحرب، لكن للأسف، اندلعت المعارك. وتعرضت المؤسسات الإعلامية للدمار والنهب، وتوقفت عن العمل، مما أدى إلى غياب الصحف الورقية لأول مرة منذ أكثر من 120 عامًا، وترك 90% من العاملين في الإعلام دون مصدر دخل.
في ظل هذه الظروف القاسية، تفاقم خطاب الكراهية وانتشرت الأخبار الكاذبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما هدد النسيج الاجتماعي للسودانيين. ورغم ذلك، استطاعت النقابة الحفاظ على حضورها واحترامها في الداخل والخارج، واستمرت في الدفاع عن حرية الصحافة، وأصبحت تقاريرها مرجعًا مهمًا لمتابعي حالة الحريات العامة.
على مدى العامين الماضيين، نظمت النقابة 20 ورشة تدريبية في السودان وخارجه، وقدمت دعمًا ماليًا مباشرًا لـ700 من أعضائها، وفتحت قنوات تواصل مع نقابات إفريقية وعربية ودولية. كما أطلقت حملتها لوقف الحرب، وأقامت ورش عمل حول مستقبل الإعلام السوداني ما بعد الحرب.
وفي هذا السياق، نؤكد مجددًا التزام نقابتنا الراسخ بدعم وحماية الصحفيين والصحفيات في كل الظروف، والعمل دون كلل على إنهاء الحرب والانقسامات التي تهدد وطننا. سنواصل جهودنا لتوحيد الصفوف وبناء جسور التواصل بين الأطراف المتنازعة، وصولًا إلى سودان ينعم بالسلام والديمقراطية. نحن على يقين بأن الصحافة الحرة هي ركيزة أساسية في تحقيق العدالة والتنمية، وسنظل صوتًا داعمًا للاستقرار والحوار الوطني من أجل مستقبل أكثر ازدهارًا لشعبنا.
وإذ نلتقي في هذا اليوم الهام، فإننا نتوجه بالدعاء والترحم على من رحلوا عنا من أعضاء المجلس وعضوية النقابة، وكذلك من الصحفيين والصحفيات الذين فقدناهم في هذه الفترة العصيبة. كما نترحم على جميع من فقدوا أحباءهم وأفراد أسرهم جراء الحرب والصراعات التي مزقت بلادنا. نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة، وأن يتقبلهم في عليين، وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان. فقد كانوا وما زالوا جزءًا من مسيرتنا المهنية والوطنية، ولن ننساهم أبدًا في رحلتنا نحو بناء سودان ينعم بالسلام والكرامة.
وفي الختام، نناشد الأطراف المتقاتلة: كفى! كفى! كفى! ما ذاقه شعبنا من قتل وتشريد وتجويع يكفي. عودوا إلى طاولة التفاوض، دعوا أطفال السودان يعودون إلى مدارسهم، ولتعود الحياة إلى حقولنا ومدننا.
عبد المنعم أبو إدريس علي
نقيب الصحفيين السودانيين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى