الأعمدة

الرحيل الحزين .. وداعا مارسيلو…

في المريكاتو الشتوي وتحديدا في يناير من العام ٢٠٠٧ تعاقد ريال مدريد مع ثلاثي لاتيني قادم من امريكا الجنوبية .. ثنائي من بلاد التانغو و واحد من بلاد السامبا .. الثنائي هم فيرناندو غاغو و البيبيتا غونزالو هيغواين اما الاخر فكان من ارض سحرة كرة القدم .. من ضواحي ريو دي جانيرو حيث ولد معظم اساطير السامبا .. مارسيلو فييرا دا سيلفا جونيور هو كان ثالث صفقات الريال الشتوية في ذلك الموسم ومن هنا كانت البداية

جاء ذلك الشاب ذو التسعة عشر عاما ليكون خليفة لاسطورة اخرى من اساطير الملكي وكذلك من اساطير الكرة البرازيلية وهو روبيرتو كارلوس .. هل تدركون حجم الضغط والمسؤولية التي واجهها ذلك الصغير منذ بداياته؟ .. روبيرتو كارلوس وقتها كان يمتلك في سجله مسيرة اثنا عشر عاما مع الملكي توج فيها بكل الالقاب الممكنة مع الريال وكذلك توج مع منتخب السامبا بكل ما يحلم به لاعب كرة قدم اضف الي ذلك انه كان يمتلك سجل تهديفي رائع مع مدريد بحكم قوة قدمه اليسرى واتقانه للضربات الثابتة .. اي خلافة واي مسؤوليه هي التي تنتظر هذا اليافع ؟!
جاء في اكثر فترة حساسة من الموسم .. وفي رأيي الشخصي في اصعب و اكثر ليغا عصيبة في تاريخ اي مشجع ولاعب ملكي .. ليغا ٢٠٠٧ المجنونة وجولاتها الاخيرة المثيرة .. الريال بعد اربعة سنوات عجاف بدون القاب ينافس برشلونة في اوج وعز قوته .. الفريقان متساويان في النقاط وفارق المواجهات المباشرة لصالح مدريد .. كما لا يمكن ان ننسى اشبيلية الذي كان خلف قطبي الكرة الاسبانية بقارق نقطتين فقط … اي بداية هذه لمارسيلو !!

بلاشك تلك البداية المثيرة ومع هذه الضغوطات الواقعة علي الفريق من اجل الحصول علي لقب الليغا بعد فترة فراغ عاشها الريال ومن ثم الحصول عليه فيما بعد هي من صنعت شخصية مارسيلو وساعدته كثيرا ليصبح احد اساطير النادي الملكي واحد افضل الاظهرة في تاريخ كرة القدم

ستة عشر موسما قضاها مارسيلو في القلعة البيضاء لعب خلالها ٥٣٦ مباراة وحقق فيها ٢٣ لقبا حتي الان وبات اللاعب الاكثر تحقيقا للالقاب في تاريخ النادي الملكي .. لا اظن ان الظهير البرازيلي حلم بكل هذا في بداياته فهذا الامر بكل تأكيد فاق كل توقعاته و احلامه ..
قلنا في البداية انا مارسيلو لديه حمل ثقيل بعد خلافة روبيرتو كارلوس ولكنه الان وبعد كل هذه المواسم تفوق وتجاوز ابن جلدته ومثله الاعلي في كل شي وسجل اسمه من ذهب في سجلات البيت الابيض الملكي وصار احد قادة الفريق في المنصات الشرفيه .. مارسيلو اصبح احد اساطير الريال وافضل برازيلي مثل النادي الملكي

داخل غرف الملابس كان مارسيلو محبوب من الجميع وكان صاحب الفكاهة والضحك كما ان حبه الكبير للنادي جعل له شعبيه كبيرة في مدرجات البرنابيو فهو احد رموز الوفاء الذين قدموا كل شي من اجل القميص الابيض ولم يطالبوا ولو لمرة واحدة بزيادة في سلم الرواتب .. كثيرا ما شاهدنا دموع البرازيلي التي زرفت في حب الريال .. مدريد ومارسيلو قصة عشق لن تنتهي

داخل المستطيل الاخضر صار الرواغ الايسر في تشكيلة الريال في وجود مارسيلو قوة ضاربة قهر بها ملوك مدريد الخصوم محليا واروبيا .. مارسيلو كانت له بصمة ومساهمة كبيرة في كل بطولات الملكي سواء على المستوى المحلي او الاوروبي او القاري ..
مارسيلو كان مميز جدا في العرضيات والتي كانت نادرا ما تخطئ رأس او قدم المهاجم ولعل الاسطورة كريستيانو رونالدو كان هو المستفيد الاكبر من هذه التمريرات الساحرة .. مارسيلو كان الاكثر مهارة في الفريق ..كان افضل من يجيد اختراق دفاعات الخصم علي الجهة اليسرى بفنيات ومهارات امتع واسعد بها الجمهور الملكي في كل العالم ..مارسيلو نثر كثيرا من سحر السامبا في القلعة البيضاء .. سحر مع ابتسامة دائمة ستظل عالقة في اذهان كل مشجع ملكي

حان وقت الرحيل ..

لكل بداية نهاية وفي كرة القدم تأتي النهاية دائما بما يسمى ” ضريبة العمر ” وحان الان لمارسيلو ان يدفع هذه الضريبة التي بلاشك ستحرم عشاق الملكي من لاعب مميز في كل شي حتي قصة شعره تميزه وحده .. في البرنابيو لن نرى تلك العرضية التي دائما ما تتبعها ابتسامة مرة اخرى .. سيرحل من جعل قلبه ينبض بحب مدريد وجعل اسمه محفور في قلب كل مشجع ملكي .. سيرحل احد رموز النادي و احد قاداته .. سيرحل اول من بكى فرحا في ليلة العاشرة الخالدة .. سيرحل من رفع الحادية عشرة والثانية عشر والثالثة عشر رفقة كريستيانو الكابيتانو راموس ..
سيرحل مارسيلو عن المستطيل الاخضر ولكن سيبقى اسمه في كل ركن من اركان القلعة البيضاء وسيبقي في قلب كل مشجع ملكي

وداعا مارسيلو !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى