تعديلات مرتقبة لقوانين تخص الوافدين واللاجئين الأجانب في مصر
مع زيادة الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي في مصر بشأن تأثير ارتفاع أعداد المغتربين الأجانب وتأثيرها على الأوضاع الاقتصادية في البلاد، عادت الحكومة للحديث عن تعديل القوانين المتعلقة بالوافدين، وسط انتقادات لـ”الحملات غير المدروسة” ضد “ضيوف مصر”.
يرى خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أن التصريحات الحكومية المصرية تمثل فرصة لتقنين الأوضاع وتأكيد حقوق الدولة، مما يساعد في تنظيم إيجابي للاجئين والمهاجرين. كما تسهم في إنهاء الاتهامات الموجهة لمنصات التواصل الاجتماعي في مصر، والتي تشير إلى مسؤوليتها عن ارتفاع أسعار السكن والسلع واحتكار الخدمات، مما يؤثر على حقوق المصريين.
عقّب رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي على ما تم طرحه خلال لقاء المفكرين يوم الأربعاء في القاهرة حول مسألة اللاجئين والمهاجرين، كاشفاً عن خطوات تشريعية سيتم اتخاذها بشأنهم، حيث أكد قائلاً: “نحن بصدد تعديل القوانين المتعلقة بهذا الموضوع لأنه من الأمور المهمة للغاية”، وفقاً لتصريح صادر عن مجلس الوزراء.
في يونيو (حزيران) 2023، وافق مجلس الوزراء المصري على مشروع قانون يهدف إلى “إلزام اللاجئين وطالبي اللجوء بتسوية أوضاعهم خلال سنة من بدء العمل باللائحة التنفيذية، بالإضافة إلى إنشاء لجنة حكومية لإدارة شؤونهم”. وتقدر “المنظمة الدولية للهجرة”، التابعة للأمم المتحدة، في أغسطس (آب) 2022، أن عدد الوافدين المقيمين في مصر آنذاك يتجاوز 9 ملايين شخص من 133 دولة، حيث يتصدر السودانيون القائمة بـ4 ملايين، يليهم السوريون بـ1.5 مليون، ثم اليمنيون والليبيون بمليون شخص لكل منهما.
وفيما يتعلق بمسار القانون الجديد، أفاد النائب مجدي عاشور، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، لجريدة “الشرق الأوسط”، بأن مجلس الوزراء قد وافق على مشروع قانون قدمته الحكومة يختص باللاجئين. وتمت مناقشته بصورة أولية قبل عام، ومن المتوقع أن يتم تحديد موعد آخر لنقاشه في لجان المجلس.
لم يحدد مجلس النواب، وفقاً للنائب مجدي عاشور، موعدًا نهائيًا لإقرار القانون، مشيرًا إلى أهمية هذا المشروع في تنظيم أوضاع اللاجئين، لا سيما أنهم يمثلون عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على البلاد ويتطلب الأمر تنظيم هذه الأوضاع.
يوضح خبير دراسات الهجرة وشؤون اللاجئين في “مركز دراسات الهجرة بالجامعة الأميركية” بالقاهرة، الدكتور أيمن زهري، لصحيفة “الشرق الأوسط” أن مشروع القانون الحكومي المقدم للبرلمان عاد للواجهة قبل شهرين، مشيراً إلى أن مصر لا تمتلك قانوناً خاصاً باللجوء، وتتعامل مع اللاجئين وفقاً لاتفاقية تم توقيعها مع مفوضية شؤون اللاجئين عام 1954، والتي بموجبها افتتحت المفوضية مكتباً في القاهرة.
يستهدف المشروع القانوني المرتقب، وفقاً للدكتور أيمن زهري، إنشاء لجنة حكومية تهتم بشؤون اللاجئين لاستقبال طلبات اللجوء وتحديد الحالة، مع التأكيد على أهمية أن يكون تحديد صفة اللاجئ حقاً سيادياً للدولة.
يوضح أن مصر، بتوقيعها الاتفاقية مع المفوضية في الخمسينات، منحت المنظمة دور تحديد الهوية، مضيفاً: “لكن كانت الأعداد صغيرة آنذاك، فعلى سبيل المثال في الستينات كانت تخص رموزاً سياسية وحركات تحرر، قبل أن تتزايد الأعداد بشكل كبير في الثمانينات نتيجة الأزمات في المنطقة”.
يشير إلى أن مفوضية اللاجئين تتلقى عددًا كبيرًا من طلبات اللجوء، وهناك أشخاص تم تحديد موعد لهم للنظر في طلباتهم في عام 2026. ويؤكد على أن هذا يتطلب جهودًا من الدولة، وهو ما يُنتظر أن يتضمنه هذا القانون.
وفقاً لمعلومات جديدة من مفوضية اللاجئين، تستقبل مصر أكثر من 756 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين من 62 جنسية متنوعة.
بناءً على تقدير زهري، فإن “مشروع القانون يبدو قيد النقاش، ولا يوجد موعد محدد له، ولكن من المتوقع أن يصدر في أي لحظة”.
في نفس الاجتماع مع المفكرين، أشار مدبولي إلى أنه يوافق على ما قيل حول ضرورة وقف الحملة الإعلامية غير المدروسة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد ضيوف مصر، مضيفاً أن زيادة الشائعات تحدث نتيجة وجود فجوة في المعلومات، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
يرى النائب المصري أن الحملات المتزايدة على منصات التواصل الاجتماعي ناتجة عن الأزمات التي يتهم فيها اللاجئون، مثل ارتفاع أسعار السكن وتنافسهم على الخدمات. لكنه أضاف: “لكن القانون المرتقب سيحاسب الجميع ويحل جميع الأمور”.
ويؤكد على أن مصر بلد مضياف يستقبل ضيوفه دائماً، ومن الضروري أن يكون هناك إطار ينظم الأوضاع ويقنن الوجود على الأراضي المصرية، حفاظاً على حقوق جميع الأطراف؛ سواء المصريين أو الأجانب، والتخفيف من الأعباء المتزايدة.
برأي زهري، فإن هذه الحملات ليست سوى “زوبعة في فنجان” ولا تعكس تياراً أو رأياً معبراً عن المصريين، بل يروج لها مجموعة من الشباب المتحمس الذين يقلدون اليمين الأوروبي، رغم اختلاف الظروف. كما أشار إلى أن تزايد هذه الأصوات على منصات التواصل الاجتماعي يأتي في ظل أزمة اقتصادية صعبة تمر بها مصر والعالم.
أعلنت الحكومة المصرية في 8 يناير الماضي عن بدء تدقيق أعداد اللاجئين والمهاجرين، بالإضافة إلى تكلفة المساهمات التي تتحملها الدولة لرعاية ضيوفها من جنسيات مختلفة، وذلك وفقاً لبيان صحفي صادر عن الحكومة عقب اجتماع برئاسة مدبولي.
خلال الاجتماع، استند وزير الصحة والسكان، خالد عبد الغفار، إلى تقرير منظمة الهجرة الدولية الصادر في أغسطس 2023، الذي أشار إلى أن المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء في مصر يتلقون الخدمات الوطنية في مجالي التعليم والصحة بشكل مساوي للمصريين، رغم التحديات التي يواجهها هذان القطاعان والتكاليف الاقتصادية العالية. ووفقًا لنفس البيان الحكومي، فإن العدد يقدر بنحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ يعيشون في مصر من حوالي 133 دولة.
وفي الاجتماع تم الإشارة إلى أن “وزارة الداخلية دعت جميع المتواجدين في مصر إلى البدء في اتخاذ خطوات إثبات إقامتهم، وذلك اعتباراً من الأول من يناير 2024”.
في شهر مايو الماضي، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال كلمة له أن “التكلفة المباشرة لاستضافة اللاجئين والمهاجرين والمقيمين الأجانب في مصر تبلغ 10 مليارات دولار سنويًا”.
واعترف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحفي في أوائل أغسطس الماضي، بزيادة ملحوظة في أسعار إيجارات الشقق السكنية نتيجة إقبال الأجانب عليها. ومع ذلك، رفض اتخاذ الحكومة أي إجراءات لضبط هذه الأسعار، مشيرًا إلى أن السوق تخضع لمبدأ العرض والطلب، مؤكداً أنها أزمة مؤقتة وليست دائمة، حيث تمر المنطقة بظروف استثنائية، ومع استقرار الأوضاع، من المتوقع أن يعود عدد كبير من الزوار إلى بلدانهم.
يعتقد النائب المصري مجدي عاشور أن على المجتمع الدولي أن يلعب دوراً مهماً في دعم مصر بمواجهة الأعباء والتكاليف المتعلقة بوجود اللاجئين على أراضيها، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي تؤثر على مصر والظروف المعقدة المحيطة بها في المنطقة.
يؤكد خبير شؤون الهجرة واللاجئين، الدكتور أيمن زهري، أن العدد الكبير للاجئين في مصر يسبب أعباء كبيرة على ميزانيات التعليم والصحة وغيرها، مشدداً على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مع مصر، وفقاً لمبدأ تقاسم الأعباء، تكاليف استضافة اللاجئين حتى يعودوا إلى بلادهم