الأعمدة

من قلب الجزيرة ” قلم و فأس ” .. خوجلي الشيخ

قبل سنوات مضت كتبت رواية بعنوان ” منجل و ميكرفون ” لو أعدت كتابتها الآن لأسميتها ” قلم و فأس ” في السابق كنا نعيش على ما ترسمه اقلامنا على صفحات الصحف.. و ما تدونه طبشيرتنا على سبابير حجرات الدراسة و الآن و بعد أن توقف كل هذا بات مصدر رزقنا الوحيد ” الاحتطاب” و سلاحنا الفأس و نأكل رزقا حلالا طيبا و لله الحمد.. الإنسان بطبعه الهلوع يظل في حالة حلم متجدد و معظم الأحلام ترتكز على منزل و سيارة و رصيد في البنك و تتعاظم الأحلام بعد تحقيق هذا الحلم.. انا ” خوجلي” كنت أحلم بالسترة و الحياة الكريمة لي و لأسرتي حتى و إن تواضعت مقومات هذه الحياة.. كنت أعيش في سعادة لا توصف براتبي .. تكتمل سعادتي بمتابعة مسلسل مصري فأنا من عشاق الدراما المصرية.. تحول الناس نحو الدراما التركية و لكني تمسكت بحبي لمسلسلات أبناء النيل.. تتعاظم سعادتي عند مشاهدة مباراة للهلال السوداني و كل مباريات الدوري القطري و دوري روشن.. أستمتع جدا بشاي المغرب.. كنت أحس بأن الدنيا قد حيذت لي على الرغم من أنني لا أملك سيارة و لا رصيد في البنك و منزلي أكثر من متواضع.. كانت حياتي مليئة بالسعادة.. سعادة و أنا وسط تلاميذي أعلمهم درسا جديدا.. سعادة و الناس يطالعون حروفي المتواضعة عبر الصحف .. كل هذا صار من الماضي الآن أعمل عملا شاقا و لا أستطيع متابعة مسلسل مصري و لا استطيع متابعة دوري روشن و الدوري القطري.. توقفت كتابتي عبر الصحف و اغلقت المدارس ابوابها و .. و ضاقت علينا ” الجزيرة ” كان اسمها الجزيرة الخضراء و اصبح اسمها جزيرة الدماء.. كان مكتوبا عند مدخل حاضرتها ود مدني” ابتسم أنت في ود مدني” الآن يجب أن تبكي إذا حضرت إلى الجزيرة.. نعم نعيش الآن في سجن كبير اسمه ولاية الجزيرة.. و كل أحلامنا ترتكز على الأمن.. لا أريد متابعة مسلسل و لا مباراة في دوري قطر أو دوري روشن فهذه أحلام كبيرة جدا علينا فقط نحلم بأن ننوم ليلة واحدة بلا خوف من مداهمة المليشيا لمنزلنا.. ليلة واحدة بلا اصوات رصاص و رائحة بارود.. نحلم بأن ينام أطفالنا في هدوء بلا خوف و كوابيس .. خرج معظم الناس إلى مصر في طريق محفوف بالمخاطر و مات معظمهم فرفضنا نحن هذا الطريق كيف ندخلها بهذا الطريق و هذه الطريقة و رب العزة قد قال : ” أدخلوا مصر إن شاء الله آمنين،” ؟؟
و بعد هذه بعض الحروف كتبتها لمن يسألون عنا مشكورين و لأولئك الذين بعثوا إلينا بالتهاني بعيد مولدنا مع أنني لا أذكره و لا اعرف حتى في أي يوم نحن..
نسألكم الدعاء بأن يلطف الله بإنسان الجزيرة و كل السودان.. و في الختام نحمد الله أننا بخير و نعيش الصبر و نتدثر بالصمود إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا… ( العفووووو )

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى