أخيراً.. صدرت الطبعة الثانية لرواية: (دموع القرية) لفضيلي جماع
“إنصرف السائق يبحثُ عن ظلّه في طرقاتِ المدينة. في “واو” دفن عشرين عاماً من الذكريات. جاء اليوم ينقّب عنها” !
( دموع القرية) ص 85.
ترددت قبل أن أتخذ قراراً بإصدار الطبعة الثانية لروايتي “دموع القرية”، إذ كتبتها وأنا طالب بأولى آداب – جامعة الخرطوم! كانت مغامرة لا أظن أنّ الصبي الذي كنته آنذاك قد حسب حسابها. فحين نقيس ما وصل إليه فن السرد القصصي عالمياً منذ بواكير القرن العشرين حتى اليوم فإنّ ما يقوم به كاتب مبتدئ دون العشرين لكتابة رواية هو دون شك مغامرة! وأنظر اليوم ورائي بعد نصف قرن من صدور الرواية لأسأل نفسي إن كنت سأقوم بذات الرحلة الصعبة لو أنّ الزمن عادت بي عجلاته إلى تلك الحقبة من العمر؟
والجواب هو أنني قطعاً لن أتردد لألقي بنفسي في لجّ موج تلك المغامرة القاسية والعذبة بكل ما تعنيه الأضداد في القسوة والعذوبة. يعرف هذا دون شك كل من حاول أن يجيب على أسئلة وأسرار هذا العالم عبر دنيا الفنون والآداب. ليس بالضرورة أن تصطاد سمكة ولا تظفر بها في خاتمة المطاف كما فعل العجوز الذي خاض المغامرة في المحيط بمركبه في رائعة أرنست هيمنجواي (العجوز والبحر The Old Man and the Sea ). المهم أن تترك لمركبك العنان ، وتجرب طرح الأسئلة الصعبة والأجوبة التي ربما تكون مستحيلة أحياناً.
شكراً لكل الأصدقاء وزملاء وزميلات الدراسة ممن شجعوا مغامرة الصبي الحدث في تلك الفترة الباكرة..البعض منهم الآن علماء وآخرون سياسيون لعبوا بمصير إنسان بلادنا حد الإهانة. إختلفت الدروب لكني أظل شاكراً لكل من ربت على كتفي آنذاك أو شجعني بابتسامة !
ولأن ميلاد هذه الطبعة لرواية (دموع القرية) قد تأخر عامين بسبب هذه الحرب التي قصد من أشعلوها وقف تيار الحياة والتقدم في بلادنا ، فإنّ الواجب يقضي أن أشكر كل من أصروا على شخصي ألا أنحني للعاصفة ، وأن أعيد للقارئ باكورة ما كتبت. ولعلي أخص بالشكر الأستاذة نوال عليش – مدير النشر بدار جامعة الخرطوم للطباعة والنشر ، والتي حرصت – رغم كل الصعاب – أن ترى هذه الإصدارة النور.
ملحوظة ليست بذات أهمية: توزع الإصدارة قريباً عبر المكتبات ومعارض الكتب. وسيعلن الناشر عن ذلك.
فضيلي جمّاع
لندن
8/11/2024