الأناشيد و المحفوظات المدرسية ايام زمان (1) وقال لى حريتى لاتشترى بالذهب !
ان التعليم فى الصغر كالنقش فى الحجر هى حقيقة لا تقبل الجدال ! فحتى الان لازلنا نذكر الكثير من ما درسناه فى المرحلة الابتدائية او الاولية فى السلم التعليمى ومن تلك الدراسات هى الاناشيد المدرسية التى كنا نسعد بها كثيرا اذا انها تخرجنا من صرامة و جدية بعض المواد الدراسية بسبب احتواء تلك الاناشيد على الكلمات الجميلة و المعانى الرائعة واللالحان البديعة اذ كان المعلمون يحرصون على جعل هذه الدراسة ممتعة للتلاميذ تزيد من ذخيرتهم اللغوية و وتحسن من نطقهم للحروف وتوفر لهم معلومات ومعارف فى ثوب قشيب والاهم انها تغرس فيهم القيم النبيلة و السلوك الحسن . وفى مدرسة العزبة 2الابتداية التى شهدت اولى مراحلنا الدراسية والتى والتى كانت مدرسة مميزة بها مجموعة طيبة من المدرسين وعلى راسهم الناظر المهيب المرحوم الاستاذ حسن عبدالقادر . وكانت هذه الاناشيد تدرس من كتاب ” الاناشي والمحفوظات” والذى كان يتم اعداده وتجهيزه بعد دراسة وافية من قبل اساتذة اجلاء و كرماء وخبراء فى فى شعبة اللغة العربية ببخت الرضا وما ادراك ما بخت الرضا ذلك الصرح التعليمى الشامخ وصاحب التاثير الكبير فى السودان والذى انشأه المستر قريفيث Mr. Griffiths البريطانى فى العام 1934م ابان الحكم البريطانى للسودان 1899-1956م. ومن المفيد ان نعرف بان غالبية هذه الاناشيد كانت موجودة فى كتاب الاناشيد و المحفوظات فى العام 1976م وبعضها لشعراء معروفين سواء ان كانوا سودانيين او من جنسيات عربية مختلفة والان لنستعرض سويا بعض تلك الاناشيد :
· “دجاجى يلقط الحب ويجرى وهو فرحان كأن عيونه خرز له فى الشمس الوان :
ولعل هذه القصيدة هى من اوائل ما درسناه فى تلك المرحلة المبكرة والعجيب اننى كل ما رايت دجاج وليس ( جداد) كما نقول فى لغتنا العامية اتزكر هذه القصيدة على الفور
· ” لى قطة صغيرة سميتها سميرة”
وهذه ايضا من اقدم القصائد التى درسناها وهى تحكى عن قطة ( كديسة) صغيرة ولطيفة ولكن على ارض الواقع فالامر مختلف فالكديس الذى نعرفه حيوان كسول جدا ينام طول النهار وفى الليل يتغذى على صيد الطيور ويعتدى على اقفاص الحمام ويغزو المطابخ و يسرق كلما تقع عليه عيناه التى تبصران جيدا بالليل كما انه يشتهر بهوسه الكبير تجاه الاسماك .
· انظر اخي للنهر
فيه المياه تجري
تجري باستمرار بالليل والنهار
وكلما امر اسمعها تخر ”
وكنت اذكر هذم الكلمات كلما عبرت كوبرى النيل الازرق مشيا على الاقدام كما كنا نفعل دائما فى الذهاب الى سينما النيل الازرق او حوض سباحة جامعة الخرطوم , فكنا نسمع خرير مياه النيل الازرق تحت اقدامنا فى ايام الفيضان حيث تفور مياه النيل الازرق و يتحول لونها الى البنى الغامق فنشعر بالرهبة و الخوف ونقول لانفسنا ماذا اذا سقطنا فى هذه المياه ؟ كا اذكر فى اول يوم درسنا فيه هذا النشيد ان قام احد زملائنا المشهورين بخفة الدم قام بسؤال المعلم ” كيف يعنى يا استاذ المياه تخر ؟؟ ” فكان رد الاستاذ طريفا اذ قال للتلميذ: تخر هنا ليس المقصود بها المعنى الذى يدور فى ذهنك الخامل هذا ولكنه اسم صوت جريان المياه فى اللغة العربية والتى لها اسماء للكثير من الاصوات مثل النار و الرعد الرياح و خلافه .
· صباح الخير مدرستى صباح الخير والنور
اليك اشتقت فى امسى فزاد اليوم تفكيرى
سمعت رنين اجراسك وجئت اليك فرحانا
هذا النشيد يحض على محبة المدرسة وهو من تأليف الاديب المصرى محمد الهراوى الذى كان يكتب الشعر للاطفال
· قد كان عندى طائر فى قفص من خشب
ظريف شكل ريشه حلو طويل الذنب
وهو يغنى دائما بصوته المحبب
ولم أكن امنعه من مأكل او مشرب
ففر عنى ومضى بدون ادنى سبب
وقال لى حريتى لا تشترى بالذهب
هذا النشيد كانت له محبة خاصة لدينا فبلاضافة للحن الجميل المأخوذ من اغنية كانت رائجة ايامها فقد كنا اكثر اعجابا بالمضمون وهو ان الحرية لا ثمن لها وان هنالك اشياء لا يستطيع المال شراؤها
· يالهى يا الهى يامجيب الدعوات
اجعل اليوم سعيدا وكثير البركات
واعنى فى دروسى واداء الواجبات
وانر قلبى وعقلى بالعلوم النافعات
واجعل التوفيق حظى ونصيبى فى الحياة
أملأ الدنيا سلاما شاملا كل الجهات
يا الهى يا الهى واستجب كل صلاتى
هذا النشيد اسمه ” دعاء التلميذ” وكان يدرس فى الصف الثالث الابتدائى
ونواصل بأذن الله