الأعمدة

الفيتو الروسي الفايت ..والآخر الغربي البايت !

لابد أن نؤمن في البداية على حقيقة أن نشوة الحكومة السودانية و بعثتها في الأمم المتحدة بالفيتو الروسي الذي عطل مشروع القرار البريطاني في شأن الأزمة السودانية بإعتباره في نظر تلك الجهات إنتصارا متفردا رغم تخطيه اجماع اعضاء مجلس الأمن على مشروع القرار الذي كسر حائطه ذلك الفيتو التاريخي ..وهي فرحة مشروعة و إحراز لاستثمار دبلوماسي مقدر ومؤثر دون شك في فك تلك العزلة نسبيا التي عاشتها الحكومة السودانية عقب إنقلاب البرهان حميدتي .
غير أن الخشية أن يكون رفع اصبع الإعتراض الروسي قد تجاوز كتوف المصالح المشتركة الإقتصادية والإستراتيجية بين حكومة روسيا والحكومة السودانية مرتفعا إلى مستوى رؤوس التناطح بين نظام الرئيس بوتين و مجموعة الدول الغربية لاسيما الأوربية منها لتصفية ألحسابات البينية وجعل الروس من قضية السودان مجرد كرة تتقاذفها مع تلك الدول تارة بضربات الرأس داخل مجلس الأمن وتارة أخرى لعبا بركلات الاقدام في ميدان الحرب الروسية الأوكرانية التي تجاهر دول الغرب دون مواربة بتأييدها العملي عسكريا ولوجستيا ومعنويا للموقف الأوكراني ليستفيد السودان ولو بصفة مؤقتة من حالة الاستقطاب الحادة تلك .
و ليس من المستبعد وهذا ما يخشى منه بقوة في المستقبل القريب أن تكون الدول الغربية الدائمة العضوية في مجلس الأمن تبيت النية مجتمعة أو منفردة لتعطيل اي مشروع قرار اخر تتقدم به الحكومة السودانية أو أحد داعميها في المنظومة الدولية وعلى سبيل المثال إفشال مساعي حكومة الفريق البرهان لإعتماد مجلس الأمن مسألة تصنيف قوات الدعم السريع منظمة إرهابية على ضوء ما ترتكبه من انتهاكات لا تحتاج إلى إثبات أكثر مما توثقه بعيون كاميراتهاالذاتية!
فتخرج الدول التي تناصب روسيا العداء لتطرح مشروعا معاكسا لإدانة كافة عناصر الحرب المشاركة لكل طرف بالفعل العسكري أو التي تزود هذا الطرف أو ذاك بالسلاح والعتاد والإسناد فيغوص عشب قضيتنا من جديد في وحل الصراعات الدولية ويضيع دهسا تحت اقدام الأفيال الكبيرة !
وهذا ما نخشى أيضا أن يمدد من عمر هذه الحرب اللعينة التي لا يكتوي بنارها لا الكبار أصحاب المصالح التي تجعلها تبيع الضحايا في سوق التسويف والمماطلة والتعطيل الكيدي للقرارات ولا يشعر بوجع كل ذلك التناطح حتى جنرالات هذه الحرب في كل معسكر و الذين ينفخون في لهيبها الحارق للمواطن السوداني وحده بغض النظر عن تفاوت دور كل طرف في درجة ضرر الانتهاكات ومستوى التقتيل والتدمير !
كان الله في عون هذا الوطن الجريح و أهله المنكوبين دون ذنب جنوه خلاف أنهم طيبون.
وهو من وراء القصد إنه الرحيم اللطيف .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى