اللاجئون السودانيون في الكفرة يواجهون الشتاء الصحراوي القاسي.
في وقت يحذر مسؤولون ليبيون من أن اللاجئين السودانيين الموجودين منذ أشهر عدة في مدينة الكفرة (جنوب) المحاذية للحدود مع بلدهم، سيعيشون في ظروف أكثر قسوة مع دخول فصل الشتاء، يؤكد عميد بلديتها عبد الرحمن عقوب أن لاجئين كثيرين يبيتون في العراء بالتزامن مع استمرار تزايد عددهم في شكل يومي وتراجع قدرة البلدية على بناء مخيمات ومواقع مناسبة لإيوائهم.
ويتحدث يعقوب لـ”العربي الجديد” عن أن الاستقرار المناخي في الأسابيع الأخيرة شجع عدداً من اللاجئين على المرور عبر الصحراء إلى الكفرة، لكن الظروف المناخية في المرحلة التالية ستتحوّل إلى قاسية جداً خلال فصل الشتاء، ما يزيد في شكل كبير احتياجات مواجهتها التي لا تستطيع البلدية توفيرها في ظل معاناتها من نقص كبير في كل الإمكانات اللازمة، وعدم القدرة على تأمين مستلزمات توفير الخدمات الصحية والكهرباء والمياه. ويطالب بتكاتف الجهات الحكومية الليبية والمؤسسات الدولية المعنية بالإغاثة واللجوء من أجل تقديم الدعم الكافي لمساعدة اللاجئين”.
وحتى منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كشفت بيانات نشرتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد اللاجئين السودانيين الذي وصلوا إلى ليبيا منذ اندلاع الحرب الأهلية في بلدهم منتصف إبريل/ نيسان 2023 ارتفع من 100 إلى 200 ألف، معظمهم موجودون في مدينة الكفرة حالياً، ومن بينهم 48751 استطاعت تسجليهم، لكن سلطات بلدية الكفرة تشير إلى أن عدد اللاجئين أكبر من تقديرات المنظمة الأممية.
ويؤكد يعقوب أن تدفق اللاجئين مستمر، مرجحاً أن يكون عددهم مئات يومياً، ما يجعل تحديات استيعابهم وتوفير خدمات لهم ترتفع في شكل مضطرد وسط عدم توفر أدنى الإمكانات، وتزايد مشكلات الاحتياجات الضرورية للحياة ومعالجة المتطلبات الصحية التي تتعامل مع الوقائع السيئة السائدة في ظل المكوث في العراء.
من جهته، يعبر الناشط الإغاثي أنور الزوي، في حديثه لـ”العربي الجديد”، عن قلقه الكبير من محدودية إمكانات تقديم المساعدات اللازمة للاجئين مع دخول فصل الشتاء، ويشير إلى أن السكان المحليين أنفسهم قلقون من التغيّر المناخي وما واجهته مدينتهم خلال الأشهر الماضية من فيضانات لم يعرفوها سابقاً، والتي تسببت في تعطل الكثير من مظاهر الحياة لأيام.
ويشير إلى أن “مشاهد أوضاع اللاجئين خلال تدفق مياه السيول والفيضانات كانت قاسية ومؤلمة على صعيد إيجاد أماكن لإيوائهم وتجنيبهم المخاطر. وقد جرى توزيعهم على مزارع ومواقع مؤقتة من دون أن يحملوا شيئاً من الاحتياجات التي كانوا تلقوها من الجهات الإغاثية”.
ويلفت الزوي إلى أن زملاءه الذين يعملون في مجال الإغاثة في الكفرة أكدوا له أن كل الأماكن التي يسكن فيها اللاجئون لا توفر إمكانات مواجهة ظروف الشتاء واحتمال عودة السيول، وقد مرّ على هذا الوضع أكثر من عام، ولم تجر المنظمات الإغاثية الدولية والمعنية بشؤون اللاجئين أي شيء سوى تقديرات، واكتفت بإصدار بيانات من دون أن يكون لها أي وجود على الأرض، ولم تتلق البلدية سوى فتات من المساعدات الدولية التي شكلت أيضاً فرقاً طبية ضمت عاملين صحيين من المدينة نفسها لتأكيد وجود مندوبين عنها في المنطقة”.
وفي تصريحات وبيانات سابقة أعلن مسؤولو بلدية الكفرة أنهم رصدوا تفشي أمراض خطرة بين اللاجئين، وسجلوا إصابة 100 شخص بفيروس نقص المناعة المكتسب (إيدز)، و800 بالتهاب الكبد الوبائي، وآخرين بالملاريا. وأشاروا إلى بذل جهود مضاعفة لإصدار بطاقات صحية للاجئين في محاولة لبناء قاعدة بيانات من أجل حصرهم ومعرفة أنواع الأمراض المتفشية بينهم.
ويعلّق الزوي بأن “حصر الأمراض لم يعد مجدياً في ظل عدم وجود الأدوية والقدرات الصحية لمواجهتها. وكل ما يتوفر هو إمكانات المراكز الصحية التابعة للبلدية، والآن باتت شريحة أكبر من اللاجئين مهددة بظروف البرد القارس، وهي تحديداً شريحة الأطفال باعتبارهم الأكثر ضعفاً، ويحتاجون إلى ملابس شتوية ومأوى دافئ وغذاء ورعاية صحية”.
ويشدد الزوي على أن “الأمر لا يتعلق بظروف الشتاء فقط، بل بشتاء صحراوي أكثر قسوة قد لا يستطيع أن يتحمله الضعفاء، خصوصاً كبار السن والأطفال”. ويؤكد أن “الدعم الخيري القادم من المنظمات الأهلية يحاول توفير ما يمكن من أغطية وملابس الشتاء والمياه النظيفة، لكن يجب أن تقدم المنظمات الدولية المعنية باللاجئين أدوية خاصة بالأمراض التي يزيد انتشارها في ظروف الشتاء القاسية، مثل نزلات البرد والأمراض التنفسية وغيرها”.