الأعمدة

17يناير…نقطه سطر جديد

في هذا اليوم السابع عشر من يناير 1996 كان يوما حزينا ،حيث رحل فيه الاستاذ الفنان مصطفى سيد احمد الذي كان يقيم في الدوحه التي رحل اليها وتوفي فيها،رحل الي قطر بعد ان ضيق عليه الخناق هنا في بلده لانه كان ملهما ومازال ،تغني للحريه وللوطن ولحليوه،كان يستمد منه الناس القوه والصبر وان هناك املا وضوءا في اخر النفق استمدوه من وحي كلمات اغانيه التي صاغها كوكبه من اساطين الشعر في بلادي،برحيله والذي اعقبه رحيل الكثير من اساطين الغناء والشعر والموسيقي والتلحين فقدت البلاد مكونات الاغنيه ومنصات الفنون،حينما كانت مكونات الاغنيه موهبه من الله، تحرسها لجنة نصوص لاتجامل في حرف مشاتر واحد،وهو امر لن يعود مرة اخرى لتغير الزمان والمكان والبيئه والانسان والذائفه اللحنيه،بانحطاط الفن انهارت الدوله،لان كل هذه العوامل التي ارتقت بالفن الي اسمي مراتبه لقوة التعليم في ذلك الوقت وحينما انهارت التعليم انهارت القيم كان من الطبيعي ان تنهار الدوله والمجتمع،والشعراء الذين كانوا بتيحينون الفرصه لرؤية المحبوبه في الاعياد فقط، وهو امر كان غير متاح اطلاقا،كان تاتي قصائدهم قويه معبره والحانهم مؤثره وجميله،بعكس اليوم فقد اصبجت المحبوبه متاحه عبر كل الوسائط الا من ابي صوره وصوت وحينما يستبد بهم الشوق تجدهم راكبين موتر، لذلك غابت اللهفه وماتت القريحه وتلاشي الالهام وخاطرة كتابة القصيده،وخاصة حينما تتذكر ولو بالغلط المحبوبه ،وحينما تراجع تلفونك تجدها قد ارسلت لك عشره رسائل عبر كل الوسائط سوار ان فيس او وطساب او ايمو او ماسنجر ومكالمة فيديو فائته،بخلاف المسكولات ،مما قتل اللهفه وماتت القصيده وانزوي الفنانين والشعراء والملحنين،ليجدوا انفسهم امام جيل جديد من الشعراء والفنانين والملحنين واغاني تختزل كل جمالياتها في ذكر منطقة او قرية او حي احد المعجبين الذي يهمس به في اذن الفنانه او الفنان الذي يحيط به بودي قارد لايحلم به الرئيس الامريكي وتبدا النقطه رزق ساقه الله ليضع نقطه وسطر جديد يفصل مابين السودان زمان مؤرخا لفتره الفن ماقبل النقطه ومابعدها،ليبدا سطر جديد،لتبدا بعده سرد تفاصيل ماساة وطن يحتاج لمعجزه،للرجوع به لاول السطر حينما كان يتسيد كل الساحات سياسيا وثقافيا ورياضيا وفنيا واجتماعيا.
ايضا كان في هذا اليوم السابع عشر من يناير رحيل الفنان محمود عبدالعزيز كاخر ملهم تسلم الرايه من مصطفي سيداحمد التف حوله الشباب،وسار في جنازته سبعه مليون شخص اصطفت فيه كل الخرطوم من المطار والي منزله بالشعبيه،بخلاف الجاليات خارج السودان،رغم الاجراءات الامنيه المشدده والتي قادها رئيس جهاز الامن شخصيا وحمل جثمانه بطائره خاصه ومركبه خاصة،موته كشف عن نقطه وسطر جديد لجيل تواصل بعد ذلك ليخرج في 19 ديسمبر 2018 ليحقق المعجزه والنبوءه،ليتوالي سيل الشهداء وتتكرر ماساة الرحيل المر في نفس اليوم الموافق 17 يناير 2022 حيث رحل عنا كوكبه تتكون من سبعه شهداء،تغنوا بجميع اغاني الحوت وحفظوا عن ظهر قلب اغاني مصطفي سيد احمد،ليرحلوا جميعا في يوم واحد وشهر واحد ليضعوا نقطه يوقفوا بها نزيف الوطن ويكتبوا بدمائهم سطرا جديد لاستعادة سودان قديم متجدد.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى