الأعمدة

في رحاب البادراب كان لنا لقاء

مشافهه ثقافية في المدن،الناس والاشياء.

صديق الحلو

الكاتب الروائي الراحل الاستاذ عيسي الحلو
نجد انفسنا امام قصصه في عوالم شديدة البهاء كثيرة الجاذبية.قصصه
تمتاز بجمالية باذخة في الشكل
والموضوع مما يوصل للامتاع
وهو حداثوي متمكن من عمله
وادواته معا
يداعب الاحلام الجميلة عند المتلقي ولديه دائمآ الاجابة علي الاسئلة الصعبة
يحاور الحاضر والمستقبل ولديه
وسائله.يكشف الاشياء في العتمة
عيسي الحلو نسيج وحده كاتب مجتهد ومبدع مثابر لذلك ارتقي عتبات المجد
مواكب لفنون القص علي مستوي العالم.
لديه اشارات ودلالات والمعرفة عنده لاتكتب زائدة.يوظف البني السردية لتخدم أغراض الحكي وتعابيره شديدة
الاشراق تداعب الاشواق وتجعلك تفكر في مصير الانسان الكوني ووحدة الوجود
واشكاليات الموت والحياة
يعرف فداحة الواقع ووحشته
وفي بعض قصصه يبدو متخم بالتناقضات ولكنه
يعرف الاحلام الموعوده ويتفادي الغرق في السراب وحينما لانفعل شيئا نبكي بحرقة
ونغني كمراهقين
يطاردون العصافير الصغيرة وطيور الجنة بين الحقول
والنهر.تحيزه للمكان والانسان
ووقوفه بجانب الحب
تكنيك القص عنده رائع تحكمه
في التيمة كانما يغني اناشيد الحياة التي لاتري
والوله القديم حاضر في ليلة لم يغب عنها القمر
هناك خبرة مباشرة وتجربة ثرة ومعرفة وغزارة في الانتاج
الرصد للمعاش
بعمق حكاوي العشق والريد والاشواق التي لم تكتمل.قساوة الظروف والأيام الخضراء التواهه
والتوازن ونضوج الاحداث والشخوص.
لابد ان نتعامل مع
الحاضر بموضوعية حتي نكسب المستقبل.

في رحاب البادراب كان لنا لقاء
زرت ام ضوا بان لاول مرة في حياتي هنا نلتقي بالتاريخ حيث العبيد ود بدر
الذي وقف مع الامام المهدي في فتح الخرطوم
هنا حيث تراتيل القرآن راتبة. تتنزل
النفحات مع ضربات النوبة والذكر يشرق الارواح مع عبق البخور المتصاعد
تشف الروح وتستجاب الدعوات
ودبدر وقف علي مرمي حجر من العيلفون العيلا فونج احدي حواضر الفونج واعظمها.رحب به
ذووها عندما راوا فيه ولاية وصلاح.
البادراب تركوا علامات مضيئة في ارض السودان
المآذن الشامخة
المساجد والقباب
وخلاوي ذكر القرآن ومدارسها
التقابة المتقدة لقرن من الزمان او يزيد
حفير الماء امام المسجد الكبير
الطقس هنا روحي يتجلي فيه الايمان التهليل والتكبير والصلاة علي الحبيب المصطفي تعطر المكان باريج المسك والصندل
اصوات طلبة المسيد يرتلون القرآن علي رواية الدوري وورش
هنا لكل شيءٍ لغة
الغرف والاسوار والاشجار ومزيرة شرب الماء البارد
والحجارة الجذور
الضاربة في عمق
التاريخ.تحولات كثيرة تمت تغيرات وتبدلات
والصوفية تدخلها
جرثومة السياسة
من يسمع ليس كمن يري الايمان الراسخ كالجبال رايته يسير والناس
وقوف علي المباديء بصلابة
ان تتذوق حلاوة الايمان لتصل الي اليقين.البطون تشرب من عين ماء الحياة والوصول علي بعد خطوات لايعرف ذلك الا التواق لبلوغ الغاية.تختلف المقاصد وليس كل من يري يروي الاحوال.
اللهم لك في كل طرفة عين مئة ألف الف لطف بلطف خفي منك ياخافي الالطاف
هنا تصدق العبارات وتشف ونحن في رحاب البادراب.حفيف الايمان وهسيس التدفق والتذوق
نحو النور يهمس كالجهر وقدرة التقصي ودقةحفي اختيار الكلمات في لغة تبدو سهلة عصية
ولكنها تتغلغل في الكيان
اللهم صلي علي سيدنا محمد عدد مافي علم الله صلاة دائمة بدوام ملك الله موصلا لطريق القوم درب التوق والشوق في مدينة حشاشتها كالقطيفة والبنية الفارهه شاهدة علي اللطف المغدق وفيض
النفحات في حلاوة الذكر ونداوة العبارة الممزوجة بالعرفان
الروح الممزقة متعلقة بالحنايا في اوج رقتها.هنا
تلفحنا بالعشق
الذي نود الناي عنه ولكن هيهات.
وبما ان كل فناء الي خلاء كان لابد من الرجوع ونحن نفسر ما كمن بالنفس في سعيها للتطلع لمعرفة كنه الاشياء والاقامة هناك في مدارج المحبين الواصلين القوم الذين لايشقي جليسهم
وتتابعت دقات القلب حتي خفنا ان تتوقف الانفاس ونحن نندمج مع الكون
اللامرئي والمدرك حيث الجمال والصفاء والانعطافات الجميلة والانثناءات الرائعة ساعين لنظافة الذات
نظرنا الي النجوم التي بدأت تتلألأ
توحدنا وكل منانا
انهم هناك يتطلعون الي السماء في ذات الوقت الذي نتظر فيه اليه
2

مروي وعبق تاريخ باهر
هناك عند سفح اهرامات مروي العريقة كنا جلوس مبدعين
اعلاميين،سياسيين ،رياضيين وفنانين.
بكل شموخ ،كبرياء وألق تقف اهرامات مروي ملوك مروي القديمة وآلهتها
في صحراء البجراوية ،السماء كانت مكسوة بالهدوء والجلال
بكل تلك الهيبة
والعظمة والأبهة
حيث عشنا مساء
الجمعة الانيق لملمنا شتات النفس واستمتعنا
بجماليات لاتحد
في خاضرة مروي
بكل تفردها في المعتقدات والبيئة التي شكلت وعيهم قبل 5الاف سنة
هذه الخصوصية
تركت لنا رسومات
واقعية عن حياة ناس
المملكة
ومايمارسونه من نشاط.
لقد اثرت الحضارة المروية في ممالك اكسوم
ونبتة وكوش.
وامتدت آثارها حتي مصر القديمة
متاثرة بالحضارة اليونانية والرومانية في ذلك الوقت.هناك التعاليم والاوضاع
والميزات النادرة
حفلات الزواج والتتويج والشعائر الجنائزية.النظافة
لحد الترف وايقاع
الحركات الراقصة
تجدها في الملبس والاطعمة
والمسكن هنا فن
خرافي معقد وجميل.
انتجته مخيلة مستقرة.ومازال يخضع لكثير من التفاسير.موسيقيون المان اتوا من برلين وهامبورج
بتمويل ذاتي ليشاركونا هذه
اللحظات الممتعة علي سفح اهرامات مروي في صيف
العام 2007
عزفوا موسيقي
ل فردريك الكبير
ملك المانيا ول بتهوفن وموزات
من القرن 18
لقد غمرنا بيفضح
من الاحاسيس في بيئة الاهرامات البديعة الرائعة في ربوع البجراوية.
كلاوس بيتر مودست قائد الفرقة كان رائعا
وهو يقود الاوركسترا بالجلابية السودانية. صفق
صديقي الناقد السينمائي المرحوم محمد مصطفي الامين
طويلا وهو يشرح لي عظمة الحدث
الدكتور هنكل فك
طلاسم مملكة مروي حيث اقام
بالسودان اكثر من اربعين عاما.اقترب من حياة الناس هناك
وهو يجازف في طقس شديد الحرارة في الصيف وشديد البرودة في الشتاء.
نقي في الأحجار وتعامل مع الطبيعة القاسية
بمعونة سودانية
من مصلحة الآثار.
استطاع ان يتوصل الي اكتشافات عظيمة
قوية ومؤثرة وبذلك عرف العالم بحضارة كانت ملء السمع
والبصر ذات يوم
والآن في طريقها للتلاشي ان لم نسعفها
اكثر من 225
هرما انهدم بعضها بفعل عوامل التعرية
وبعضها يحتاج للترميم.الملكة أماني شيختوا
بعانخي.ترهاقا.
كانوا هناك.
امسية العمر التي لاتعاد قضيناها هناك والقمر الفضي يتلألأ ضياؤه مع نسمات الصباح الاولي وعزف سيمفونيات مميزة وعازفيين عالميين متفردين
مع مئات المشاهدين وتغطية اعلامية
من 40 قناة حول
العالم نقلت الحدث التلفزيون
الالماني والفرنسي
الهولندي .الإنجليزي والدنمارك
الاعلام العربي والسوداني والافريقي التحية
للسودانيين القدماء الذين صنعوا حضارة هنا وبنوا اهرامات
شقوا جداول الزراعة وصهروا الحديد وصاروا
ملتقي شعوب العالم في هذا الجمع الفريد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى