الاندبندنت اللندنية : هل السودان على اعتاب حرب أهلية طاحنة !
هل يقترب العنف في السودان من الحرب الأهلية؟
مؤشرات خطرة لدعوة البرهان الشباب لحمل السلاح والقتال إلى جوار الجيش
بعد الدعوة الرسمية التي وجهها قائد الجيش السوداني إلى الشباب خصوصاً، وإلى كل من كان قادراً على حمل السلاح، الأسبوع الماضي، عبر خطاب متلفز في القناة الرسمية لتلفزيون البلاد، تدخل الحرب بين القوات المسلحة و”الدعم السريع” منعطفات خطرة، لا سيما بعد سقوط معسكر قوات الاحتياطي المركزي على يد قوات حميدتي قبل أيام.
ثمة مؤشرات خطرة لهذه الدعوة الصريحة التي أطلقها قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ورسائل عديدة يكشف عنها مضمونها من خلال السياق الذي مرت به الحرب بين الطرفين وهي تدخل شهرها الثالث.
حقيقتان مؤلمتان
ففيما تبدو هناك شبه قناعة تتعزز يومياً في نقاشات السودانيين الدائرة حول هذه الحرب، مفادها أن ضعفاً واضحاً يعانيه الجيش، من خلال معطيات كثيرة خلال وقائع هذه الحرب، تمثلت في استيلاء الدعم السريع -حتى الآن– على كثير من المقار الاستراتيجية للجيش مثل المجمع الصناعي، وعديد من المعسكرات في الخرطوم، إلى جانب بعض المقار الاستراتيجية كالقصر الجمهوري وجزء كبير من مقر القيادة العامة للجيش، علاوة على مبنى الإذاعة والتلفزيون، تبدو حقيقتان أظهرتهما الحرب.
الحقيقة الأولى ترتبط بأنه لم تكن هناك جاهزية لهذا الجيش “أو أن هناك كثيرين من كبار ضباطه وقادته وجزء من أقسامه لم يكن على علم بتوقيت الحرب التي اندلعت 15 أبريل (نيسان) الماضي، بدليل وقوع المئات من كبار ضباط الجيش في الأسر منذ الأيام الأولى من المعارك”.
أما الحقيقة الثانية، فهي أن هذا الجيش ومن خلال جرعات من التسييس والأدلجة التي مارسها الإسلاميون منذ استيلائهم على السلطة بانقلاب البشير– الترابي في عام 1989 بدا واضحاً أنه جيش لا تعكس عقيدته القتالية تأويلاً حقيقياً لوظيفته في أن يكون جيشاً مهمته، الدفاع عن حدود الوطن وحماية الدستور والاستقرار.
صورة معكوسة
اليوم، وبعد أكثر من شهرين بدا واضحاً أن عجز الجيش عن مقاومة ضغط “الدعم السريع” هو سر هذه الدعوة التي وجهها قائد الجيش للشباب بحمل السلاح، وهي دعوة ظهر معها المنطق معكوساً، ذلك أن حماية الجيش للمدنيين هي المهمة الأولى التي تبرر شرعيته، لكن وفق الدعوة الجديدة هذه يدعو الشعب –بصورة من الصور– إلى حمايته هو والقتال إلى جانبه.
وفيما يخرج الناس من الخرطوم التي غادرها نحو مليوني نازح إلى داخل الولايات السودانية، ولجأ أكثر من 500 ألف إلى دول الجوار منذ بدء الحرب، كيف يمكن فهم هذه الدعوة من طرف البرهان إلى تسليح الشباب في هذا التوقيت؟
تعني هذه الدعوة نقطة البداية لتحول الحرب من عنف سياسي، حتى الآن في الخرطوم، إلى بدايات حرب أهلية، في ظل محاذير من أن تكون هناك دعوة من طرف الدعم السريع أيضاً إلى تجنيد حواضنه الاجتماعية ومكوناته الإثنية في دارفور التي ربما كان هو الإقليم الذي تأثر كثيراً بالحرب في الخرطوم.
وسرعان ما بدأت ملامح للاصطفاف الأهلي والمناطقي والولائي على خلفية دعوة البرهان لانخراط المدنيين في الحرب وحمل السلاح، حيث رأينا إعلاناً واضحاً نشرته وسائط الأنباء بانحياز قبائل عرب جنوب دارفور إلى “قوات الدعم السريع” بعد أيام من دعوة قائد الجيش، وسط أنباء عن معسكرات تدريب تنظمها مراكز قوى متحالفة مع الجيش لبعض قبائل شرق السودان.