الأعمدة

زلزال الانقلاب ..والهزات الارتدادية ..!

الحياة الدنيا تقوم في أغلب أيامها على الابتلاءات التي فيها ما يسر وفيها ما يضر ولكنها في مجملها امتحان من المولى عز وجل للبشر حتى يأخذوا منها العبر الحية والدروس المفيدة..فلا يتبطروا في وفرة النعم ولا يتذمروا في وطأة الألم .ونسأله سبحانه تعالى أن يلطف باخوة لنا في الإنسانية قد ظللنا نشاهدهم منذ حدوث الزلزال الاول في السادس من فبراير الجاري وحالتهم تتقطع لها نياط القلوب ..فمن مات منهم ربما هو احسن حالا ممن ظل يتعذب صابرا و محصورا تحت الأنقاض في ظروف لمجرد أن يتخيلها المرء يفر عقله من رأسه .
اما الذين يعانون مرارة فقد الاعزاء و لا يعرفون مصيرهم حتى الآن فمن الصعب تصور مشاعرهم الممزقة بين فسحة الأمل الضيقة في أن يجدوا ما يعيد إلى ثغورهم تلك البسمة المفقودة وبين صخرة اليأس التي تجثم فوق صدورهم المثقلة أصلا بهموم الحروب والتشرد و فقدان القريب العزيز والجار الطيب والدار الأمنة .
بالأمس عاد ذلك الزلزال من جديد بجيوشه لينشر الزعر في ذات المناطق التركية والسورية التي احالها من قبل إلى أثر بعد عين و كان منظر الناس مؤثرا ومؤلما وهم يفرون بحياتهم من بقايا بيوتهم التي اهتزت من جديد دون النظر إلى متاع الدنيا الذي يصبح بلا قيمة أمام حلاوة الروح .
ونحن نطالعهم عبر الشاشات كمن يعد العصي على خلاف من توجعه ضرباتها على جسده ..اللهم ..ألا بتضامننا معهم من على البعد كأضعف الإيمان ولا حيلة لما غير التضرع لرب العالمين الرحيم بعباده ليكف عنهم غضبة هذه الطبيعة القاسية أنه لطيف حكيم .
ونحمد الله على ما ابتلانا به فقط من زالزال السياسة وهزاتها الارتدادية التي تهدد قشرة استقرارنا كلما حاولنا أن نلملم شتات متاعنا لنعود إلى رشد اتفاقنا ولو بصورة نسبية فيخرج علينا من بين شقوق الانقلاب صدع الخلافات المفتعلقة ومؤامرات الأغراض الدنيئة لتعود بنا إلى مربع اليأس حيال قتامة المستقبل الذي لن ينجلي امامنا إلا بترميم الطرق المؤدية إليه من جديد و بسواعد اعتصامنا بحب الوطن و نبذ المطامع الذاتية وتذويب قطرات الأنا في ماعون النحن .. والله من وراء القصد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى