الأعمدة

هذا .. أو المتاهة!

عبدالباسط شاطرابي
ما زلت عند رأيي بأن الاختلاف سنّة كونية لا تستقيم الحياة بغيرها، لكن أن يتحول الاختلاف إلى احتراب فهذا ما يجب قطع الطريق أمامه.
كثيرون فرحوا بما شهدته الساحة مؤخرا من احتقان في الرؤية بين قيادات المكونات الرئيسة في الجانب العسكري من المعادلة الحالية، حتى وصل الأمر إلى المنابر العامة بتصريحات متبادلة ومباشرة بين أولئك الحلفاء، أو بتلميحات من قبيل “إياك أعني واسمعي يا جارة”.
لقد فرحوا على اعتبار أن ذلك يفت من عضد الانقلاب، ويجعل التغلب عليه أمراً ميسوراً، في حين فاتهم أن مواجهة غريم واحد متحد في أي اصطراع .. أسهل كثيراُ جداً من مواجهة غريم يعاني التشظي ومنقسم إلى غرماء مسلحين يدعي كل واحد منهم بأنه الأجدر بالاتباع!
أعتقد أن المواقف المعلنة كلها تؤكد أن الجيش لن يكون له وجود في المشاركة السياسية مستقبلاً، وهي مواقف يتبناها حاليا الجانب العسكري نفسه .. بعد تجربة عملية جرجرت أذيال الفشل وزادت مساحات الانسداد في أفق الأزمة.
ولأننا مازلنا نحاكم الناس بمواقفهم المعلنة لا بما يضمرون، فالواجب أن ندعم مناطق الالتقاء، ونغض الطرف عن مناطق الاختلاف التي تبدو معالمها واضحة في رؤية حميدتي من جهة والبرهان من جهة أخرى، فهذا شأنهما وهما الأدرى بعبور شعابه.
إن أي نفخ من فئات مدنية في خلافات الجانب العسكري لتطويرها إلى صدام .. لن يخدم إلا أعداء الثورة، ولن يؤدي سوى لتعقيدات إضافية وخيمة لا يعرف مآلاتها إلا الله.
إن الجانب المدني، ولا سيما في إعلامه، مطالب بالعمل على إذابة التناقض في صفوفه، والدفع بالأمور إلى غاياتها التي باتت أقرب من أي وقت مضى، بدلاً من إلهاب خلافات الجانب الآخر والتصفيق لها .. لأن الحصاد لن يكون خيرا .. أبدا أبدا.
أمامنا الآن قناعات معلنة وموثقة ووثيقة موقع عليها .. وكلها تحمل ما نبتغيه من مدنية السلطة .. وهي ما يجب أن يكون تركيزنا عليها لتكون مساراً لما تبقى من الفترة الانتقالية.
أما الانغماس في خلافات (الآخر) فهو الطريق صوب المتاهة .. وما أقساها من متاهة!
اعقلوها وتوكلوا .. يرحمكم الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى