الأعمدة

عقلية ثعالب الإنقلابات !

انا هنا لا أعني شخصا محددا ولكن ملابسات المشهد السياسي الماثل في بلادنا قد تسقط هذا التوصيف على شخص بعينه أو عدة أشخاص يمارسون لعبة شد الحبال المهترئة التي أن هي تقطعت أثناء ذلك التجاذب فلا مناص غير سقوط الجميع وحتى الوطن لا قدر الله في حفرة المجهول .
فشتان في الشأن السياسي ما بين الذكاء الحقيقي والتذاكي المصطنع مثلما الفرق كبير بين الدهاء الأقرب للحكمة والمكر المتفرع من سمة الغباء ..لأن المكر السيء كثيرا ما يحيق باهله فينقلب سحر الساحر عليه بدلا عن أن ينعكس ضررا على الآخرين فقط .
الآن تمور الساحة بصراعات مختلفة الابعاد ما بين عملية سياسية تنحو في اتجاه التسوية واستلام زمام العمل التنفيذي والدستوري والتشريعي من العسكر الذين اعترفوا في ظاهر القول بوقوف حمار انقلابهم عاجزا عند عقبة الفشل ..بينما الذين يؤيدونهم من المدنيين و بعض الحركات المسلحة يقولون إنه لا زال في ضرع بقرة الانقلاب بقية من ترياق قد يبلل حلوقهم التي بحت و تشققت من شدة هتاف
( الليلة ما بنرجع )
أما الجذريون المتطرفون فإنهم متفقون حول دفن جسد الانقلاب في حرارة رمال ضفة النضال وبلوغ الثورة ذروة اهدافها بمؤازرة الشارع ولكنهم يريدون دفع مركبهم الحاملة للرحلة سباحة على موجات المهلة وبحبال الصبر دون النظر بعين الإعتبار لظروف البلاد التي تستصرخ الحلول العاجلة .
غير ان الذين يراودهم الحنين لأيام هي لله لا للسلطة و لا للجاه ومن يزحفون خلفهم بطارات التحميس ..فهم يريدون أن يحرضوا ثيران الحرث العبثي في وحل الحقل الغارق أن يتناطحوا حتى يكسب تيارهم المراهن على فشل الثورة التي يصفونها باللوثة المصنوعة .
و يبدو ان عيون غزلهم الموتور ة بالغرض تغمز لأحد ثعالب الانقلاب ولكنه يتظاهر بهز ذيله تحية لكل الأطراف ..ولا احد يستطيع أن ينفذ لسبر الذي في عقله من احلام وهو ربما يرى أن من يحمل قرونا حادة فوق رأسه مثله يقف حائلا دون هناءة غمضته على وسادة الاسترخاء منفردا بعد أن ثبت له أن قياد المركبة براسين متعاكسي الإتجاهات بات امرا صعبا إن لم يكن مستحيلا .
فثعالب الانقلابات قد تظهر قولا وتبطن الفعل المناقض لكلامهم ولعل الليلة التي سبقت إسقاط حكومة الحرية والتغيير /حمدوك.. والتي ذهب بعدها المندوب الأمريكي الزائر وقتها حاملا بطيخة صيفية في بطنه مطمئنا بأن مسألة الانقلاب هي من الأمور المستبعدة جدا حسبما اكد له المنقلبون على اعتقابهم ..إذ لم يطلع النهار على مغادرة طائره الميمون حتى سبقه طلوع البيان إياه ورقص الراقصون ولا زالوا يترنحون في منتصف السلم كما يقول المثل المصري لا هم باتوا مقبولين من الجالسين في الاعلى ولا استاطعوا أن يهبطوا إلى درجات التواضع اعترافا بخطأ تأييد تلك اللعبة غير محسوبة العواقب !
وفي خضم هذا التشاكس الذي يختلط فيه حابل انفاس التفاكر السياسي بنابل البارود المكتوم في افواه البنادق المعلقة حول خصر القلق.
فعلى الشارع الثوري وايضا العام أن يتخذ كل حيطة الترقب وجاهزية الحذر ..لأن ثعالب الانقلابات ممكن أن تبيض احيانا تعقلا تكتيكيا مؤقتا..ولكنها قد تنجب أيضا افاع سامة في أغلب الأحيان كسيطرة استراتيجية متكلسة تحكم عقلية الوصاية التي توجههم بحكم عوامل تركيبتهم غير الخافية .. فتجدهم يتقلبون تماما مثل ثعالب الرياح الهوجاء لاتعرف لها اتجاها !
نسال الله ان يكفي شعبنا المغلوب شرور ابنائه قبل أعدائه .
وهو من وراء القصد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى