الأعمدة

الاشتعال

قصة قصيرة / صديق الحلو – السودان
هذه البلدة بلا ذاكرة، نبت فيها احمد توش هكذا فجأة. يسير وحده..يعيش وحده…يضحك ويغني. عندما كان صغيرا كان يقتل الحرباء والجراد ويبول علي السحالي بعد ان يدهسها حتي الموت. تقوم من عثرتها كأنها مدوخة من نعاس. أحمد توش من أصول يمنيه،جدته من غرب افريقيا وامه نيليه كقطعة من الزيتون المدهون. ولد احمد توش بشعره المسدل وعينيه الكبيرتين وانفه المستقيم. نشأ وترعرع. كل بيوت الحله بيته. علي وجهه مسحة من الأسي،ويسيل من فمه اللعاب. قميصه الشفاف وقدميه الحافيتين. يساعد هذا في البناء ويجلب الماء لتلك. والحطب لأخري.تجده في دكان صابر وفي قهوة حامد وطاحونة بابكر في نفس الوقت . ضحكته الرنانة تشعر الناس بالأمان. كبر أحمد توش وأتسعت وسامته وإزدادت. يدخل البيوت في اي وقت شاء . مما زاد من خوف الرجال وحرصهم وإرتباك الصبايا لحسنه الدفاق. بضحكته المذهلة جمد في عروقهن الدم. كن يقلن: آه لو انه استحم وتعطر. خاطب فيهن شيئا دافيء وغامض يسري في الأعصاب كالمس. والأماسي باردة وكئيبة. تمر بطيئة ومعتمة. نفس الخال الذي في خد أحمد توش وجد في طفل ودرحمة. الشعر المسدل الغزير في بنت عمر. والأصبع السادس في تيمان فضل. في أحمد توش شيء كالمغنطيس يجذب الحسان إليه. الصغار منهن. الشابات والأرامل. صفية الآتية من المدينة لزيارة خالتها في القرية شهقت عندما راته لأول مرة. كاد يغمي عليها كأنما سكين بارد طعن منها الفؤاد والخاطر. أحمد توش في لهوه يضحك. والدنيا اهازيج لاتنتهي. غشيم ومبروك. وهاله من الضوء تكسو محياه. غرقان ودرويش. تتدلي أشاؤه كلها. يعرف أسرار البلدة. كل شاردة وواردة. والناس مستغرقون في أعمالهم. ابو القاسم قال: ان أحمد توش هذا خطر علي بناتنا وهو يدعي المسكنة. أقره عبدالله وأردف أن أحمد توش عندما يدخل بيتا،تعاف المرأة زوجها وتنكر العروس بعلها وتتململ الفتيات في خدورهن.تنتشي أحلامهن يعانقن الوسائد في وله. شيء مثل النسغ يدب كالهسيس يشعل الحرائق في كافة الاتجاهات. ذاكرة البلد لاتتوقف مثل ذاكرة السمك والذباب. أحمد توش كالنحلة واسع النشاط ومتوفر…يقدمون له الطعام والحنان والحب. لا أحد يعرف أصله. قيل انه من اصول يمنيه أو من بلاد شنقيط. جدته من الجبال وأمه كأبنوسة تشق عنان السماء وتغرق الحك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى