الأعمدة

(مارس) شهر المستهلك

مهد الحروف
د.هيثم حسن عبد السلام
خبير شؤون المستهلك
mismawia@yahoo.com
على العكس تماماً للمقولة التي تقول أن شهر (مارس هو شهر الكوارث) ، يعتبر شهر مارس عيداً للمستهلك ، ففي الخامس عشر منه يحتفل العالم بيوم المستهلك العالمي والذي جاء تحت شعار نحو تمكين المستهلكين عبر التحول إلى الطاقة النظيفة، وعند الخامس والعشرين منه يحتفل المستهلك بيوم التقييس العربي ، فالتقييس يعتبر الوسيلة الأبرز في تحقيق هدف حماية المستهلك ، وأجد أن المستهلك يجد في التقييس ملاذاً آمناً في ظل المد السلعي الكبير فالغذاء الآمن حق لابد منه ولا يمكن أن تتحق المأمونية المطلوبة إلا من خلال مواصفات قياسية ومعايير مضبوطة وموثوقة ملزمة للأطراف المنتجة والمصنعة للغذاء .
وبحسب الاتحاد الدولى للمستهلكين فإنه ثمة حاجة ماسة إلى إجراء حوار عالمي بشأن المستهلكين والتحرك بشأن الطاقة لسببين رئيسيين. أولاً، بنهاية العام 2022م إرتفعت أسعار الطاقة العالمية بنسبة 50 ٪ وستظل مرتفعة في عام 2023 وفي ظل ارتفاع أسعار الغذاء والتمويل، يغير المستهلكون في كل مكان أنماط حياتهم بشكل جذري لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
وفي أحدث استطلاع لرؤى الأعضاء الذي أجراه الإتحاد الدولى للمستهلكين، أفاد أكثر من 80 ٪ أن المستهلكين يعدلون ميزانياتهم لدفع فواتير الطاقة الخاصة بهم. ثانيًا، ستلعب زيادة إمكانية الحصول على الطاقة الحديثة والموثوقة والمستدامة والميسورة التكلفة دورًا رئيسيًا في تجنب تغير المناخ الكارثي؛ حيث يُقدر أن تحولات الاستهلاك ستقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في المستقبل بنسبة 40 إلى 70 ٪ .
وتتمحور إجراءات تمكين المستهلكين حول زيادة إمكانية الحصول على الطاقة النظيفة في ثلاثة مناحي أساسية: المنازل النظيفة، والنقل النظيف، وإمدادات الكهرباء النظيفة. وهذا مانرجوه من التوعية بهذا الاحتفال في السودان .
كذلك يهدف الاحتفال لإبراز دور التقييس فى تعزيز القدرات المؤسسية على التحول الرقمى من خلال وضع المعايير والمواصفات القياسية التى تضمن الاستغلال الأمثل لهذه التكنولوجيا وتسخيرها فى التنمية. وأن العالم يولى إهتماماً كبيراً لبرامج التحول الرقمى كونها داعماً أساسياً للقطاعات الاستراتيجية وتوفر المال والجهد والوقت، وتحافظ على البيئة.
إذن فشهر مارس بحق ، يتعبر شهراً لحماية المستهلك ، فكل المؤسسات الحكومية والخاصة العاملة في مجال المواصفات وحماية المستهلك تفتح الأبواب المغلقة في هذا اليوم لتعبر عن ما يدور فيها لأجل صالح المستهلك ، وفي المقابل يجب على المستهلك ان يلتزم التزاماً كاملاً بكل ما تقدمه هذه المؤسسات في سبيل تكامل الأدوار التي بلا شك تصب في مصلحة الجميع.
ولا بد من الإشارة لدور المنتج والمصنع والمستورد والمصدر في تحقيق رغبات وتطلعات المستهلك ، وهم أيضاً مستهلكين ، فالابتعاد عن كل ما يمكن أن يضر بالمستهلكين أو خداعهم أو تضليلهم يعتبر جريمة في حق أنفسهم في المقام الأول.
وبالنظر في دواعي الاحتفال بيوم التقييس العربي نجد أن المواصفات القياسية تعتبر المرجع المعترف به عالمياً في تنظيم الدائرة المتكاملة لسلسلة الإنتاج والتداول وحافزاً على تحسين الجودة والاهتمام بمقومات الحفاظ على البيئة وبكل المتطلبات الآنية والمستقبلية للأسواق، كما تؤدي دوراً رئيساً في تبسيط القوانين الهادفة إلى تقييم جودة السلع أو المنتجات بما يضمن سلامتها وخلوها من كل شائبة قد تؤدي إلى ضرر المستهلك.
وحينما تحتفل المؤسسات العامة والخاصة بالمستهلك ، هذا يعني أنه يمثل محوراً مهماً في استراتيجياتها وفي قمة أولوياتها ، ولابد أن يجد هذا الاهتمام من قبل المستهلك نوعاً من التقدير والتفكر لماذا هذا الاهتمام ؟ والاجابة لابد أن تصاحبها واجبات يجب على المستهلك ان يقابل بها هذا الاهتمام ، فليس على المستهلك فقط دوماً المطالبة والمناداة بحقوقه ، بل يجب عليه أن يقوم بالواجبات كما يطالب بالحقوق.
ومن أوجب الواجبات على المستهلك ، الوعي الكافي بما يضره من خلال تجاربه الشخصية والتجارب العامة ، بجانب الإستجابة السريعة لإرشادات التوعية والتثقيف.
كما على المستهلك دوماً التعامل والانفعال الايجابي مع مؤسسات المواصفات و حماية المستهلك وعدم النظر إليها بكونها مؤسسات تقوم بعملها فقط ، بل لابد من التعاون معها والتواصل الايجابي لأن النجاح في عملية حماية المستهلك يتوقف على التعاون المشترك والتعامل بثقة وشفافية وتكامل للأدوار أقلها سرعة البلاغات والشكاوي عبر الرقم 5960 . وبحمد الله الآن تطورت وتكاملت آليات حماية المستهلك في السودان بوجود قانون وجهاز قومي لحماية المستهلك وكذلك شرطة مباحث التموين وحماية المستهلك ونيابة للمستهلك والبيئة والصحة العامة واكتملت الدائرة بمحكمة خاصة لسرعة البت في قضايا المستهلك ، وأحسب أن الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس قد أبلت حسناً بتشكيل اللجنة القومية لشؤون المستهلكين في المركز والولايات إستجابة للتوجه الدولى وتحقيق الهدف السابع عشر من اهداف التنمية المستدامة الشراكات لتحقيق الأهداف .
الحديث يطول ، وسأعود لواجبات المستهلك ، غير اني أبعث تهنئتي للجميع بمناسبة يوم المستهلك العالمي ويوم التقييس العربي ، فمجرد تخليد الذكرى هو نوع من الحب والوئام والسلام ، والاهتمام بداية النجاح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى