الأعمدة

اتفاقية ابراهام ليست بعيدة عن مطابخ القرار العربى / التقي البشير الماحي

الراهن السياسي / التقي البشير الماحي
تظل قضية فلسطين و الفلسطينين هي قضية كل الشعوب الحرة وليست قضية العرب و المسلمين اذا تم التعامل معها من منظور حقوقهم المهضومة من قبل الحركة الصهيونية العالمية وليس اليهود هم سوا فى هذا .
الصهيونية العالمية فى ذلك شأنها شان نظام الفصل العنصري الذي كان سائد فى جنوب أفريقيا وكذلك النازية فى أوروبا لذلك يجب التفريق بين اليهودية و الصهيونية .
من يتحدث عن اليهود بإطلاق نسى قوله تعالى ” ولا تزر وازرة وزر أخرى ” ويعني ذلك أن ليس كل يهودي مسؤول عن ما حدث للرسول صلى الله عليه وسلم من اذى فهم أردنا ام لم نرد اهل ديانة ومعتقد .
اليهود كانوا جزء من النسيج الاجتماعى لمعظم الدول العربية والامبراطوريات الاسلامية ولم يتم حرقهم او نفيهم من بلدانهم تصاعد العداء لهم بعد ما تم وعدهم بإقامة وطن بديل لهم فى فلسطين وذلك فى الوعد الشهير ” وعد بلفور ” .
العداء الشديد لهم كيهود انطلق من اتجاهين مختلفين احدهم من التيار العروبى اليسارى والآخر تيار اسلامى اخوانى رغم العداء بينهما لكنهم كانوا متوحدين فى هذا العداء.
الحركة اليسارية حتى داخل اسرائيل لها موقف عداء من الصهيونية وليس اليهودية كدين فالصهيونية هي الصبغة الدينية لكسب اليهود لذلك مواقفهم حتى داخل اسرائيل تأتى متسقة مع ما يطالب به احرار العالم .
دعا الاستاذ محمود محمد طه ، وفى قمة فوران المد القومى العربى الذى قاده الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، الى الصلح مع اسرائيل على أساس الاعتراف المتبادل ، وحل قضية فلسطين عبر التفاوض ! ، مذكرا العرب بأن قضيتهم ليست اسرائيل ، وانما هى اقامتهم على قشور من الدين وقشور من حضارة الغرب ، مما جلب عليهم الخسران المبين. وقد كان هذا الرأى غريبا على كل العرب! اذ أنه قد انبنى على قراءة دقيقةٍ للتاريخ وبصيرةٍ ثاقبةٍ بالمستقبل.
الان قد يبدو المشهد مرتبكا تماما للأجيال التى لم تطلع على طبيعة العداء الذى كان سائد فى فترات بين اسرائيل و بعض الانظمة العربية التى كان لها أيضا عداء مع الاسلاميين فعبد الناصر الذى كان يوما العدو الابرز لإسرائيل كان هو الشيطان عينه عند الاخوان
لقد أدركت معظم الدول العربية هذه الحقيقة ولكن بعد ان اضاعت الكثير من الدماء والدموع لتطرح السعودية اتفاقية السلام العربية اساسا للتفاوض بين اسرائيل والعرب وما يحدث اليوم يمضى في هذا الاتجاه بصورة غير معلنة و واهم من ظن ان اتفاقية ابراهام بعيدة عن مطابخ القرار العربى بصورة عامة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى