الأعمدة

جامعة ابوالغيط ..إكرام الميت دفنه .

السياسي اللبناني المخضرم رئيس الوزراء الاسبق الدكتور سليم الحص ..سئل مرة عن جدوى منظمة دول عدم الانحياز في ظل قطبية المعسكر الغربي بعد سقوط معسكر الاتحاد السوفيتي المناوي له ..فاجاب بسخريته المعهودة ..فعلا لافائدة منها لانها اصبح نصفها عدم ونصفها الآخر انحيازا !
وهذا بالضبط ماينطبق على انتفاء دور الجامعة العربية التي نشات في حقبة كانت دول الإقليم العربي تناضل في ظروف مختلفة من حيث طموحاتها التحررية وبعضها خارجة لتوها من قيود الاستعمار الاجنبي في كثير من اجزاء ذلك الإقليم ..و الحاجة الملحة لحدة الصف العربي الرسمي تجاه القضية الفلسطينية في مواجهة اسرائيل وعدم شتات المنظمات الفلسطينية التي تفرقت ايد سبأ حاليا وتلك بعض جوانب ضرورة إنشاء الجامعة وليست كلها طبعا في بداية تبلورها كحلم يخدم مصالح الشعوب وليس الانطمة !
ولكن مياها كثيرة جرت تحت جسور المنطقة باسرها لا سيما بعد اتفاقية كامب ديفيد التي قادتها مصر في عهد الرئيس الراحل انور السادات وقد تفككت جرائها تلك اللحمة العربية على مختلف مستوياتها مما ادى الى قرار نقل مقر الجامعة العربية لعدد من السنوات إلى تونس من القاهرة التي باتت لاتصلح كمقر محايد من وجهة نظر الدول المعارضة لمبدا التصالح مع اسرائيل وقتئذ .
غير ان عودة الجامعة مرة اخرى إلى مقرها الاول لم تجعل منها احسن حالا في ايجابية دورها تجاه مصالح شعوب الدول الاعضاء التي لم تلمس آية فائدة من هذا الكيان لاسيما في عهد الامين العام الحالي السيد احمد ابو الغيط الذي جعل من هذا المرفق مجرد إدارة تابعة لوزارة خارجية النظام المصري الحاكم متبنية كافة المواقف التي تعكس رؤية الدولة المصرية الرسمية !
بالامس وفي مداخلة له خلال جلسة عامة كان يحضرها الرئيس المصري وفي تزلف واضح لاسترضاء السيد عبد الفتاح السيسي شن ابو الغيط هجوما عنيفا على ثورات الربيع العربي التي وصفها بالجحيم العربي ..وقال إنه شرد الشعب السوري واشعل حرب اليمن و مزق وحدة ليبيا و اضاف في استحياء وحتى جارتنا في بحيرة وادي النيل لم تسلم من تلك الفوضى ..وكانه بذلك القول المرسل جزافا بحمل الشعوب وحدها وزر كل هذا المصير دون ان تواتيه الشجاعة ليشير من قريب او بعيد إلى دور الانظمة الديكتاتورية القابضة على زمام الامور وهي تقود الناس كالعبيد بسياط الذل و تتحكم في إرادة تلك الشعوب عبر سلطة الرجل او الحزب الواحد و تفسد وتقتل و تسجن وتعذب كيفما شاءت لها الإمارة بالسوء ثم ترمي لشعوبها بفتات ما تبقى من مائدتها المترفة ظننا منها ان ذروة طموح تلك الامم فقط هي سد الرمق وابتلاع الألسن وهي مقيدة في زرائب حكم من يظنون انفسهم اسيادها إن هم اعطوها شكرت وان منعوها صبرت !
نعم ياسيد امين الجامعة التي قرانا الفاتحة على روحها في عهدك غير الميمون ونرى ان إكرام الميت دفنه ..ولا عزاء لكل شعوب الدول الاعضاء الا الترحم على عهود الجامعة في ظل قيادة رجال اكفاء امثال السادة عبد الرحمن عزام و عبد الخالق حسونة ومحمود رياض والشاذلي القلييبي وعصمت عبد المجيد ..
اما في ايام قيادتك وتمثيل سفاح مجزرة طلاب العيلفون كمال حسن علي للسودان واستمراره بتاييد منك حتى بعد قيام ثورة ديسمبر التي قامت بخلع نظامه الذي نصبه رغما عن انف اهل ضحاياه المكلومين ..فلم يبقى لنا من قول غير ان نوصيكم قبل الدفن ان تاتوا بدكتاتور سوريا بشار الاسد لإستعادة كرسي عضوية نظامه وبالمرة تكريمه قبل التشيبع لانه قتل وشرد شعبه المتمرد على مساحة الحرية التي منحها له رئيسه تكرما ومنة والذي زال شبيحته و من قبيل عبادة الفرد يهتفون .
اما الاسد او نحرق البلد !

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى