محبّةً ووفاءً / بقلم د.مازن العصيل
إنّ من أكثر ما يؤلم القلب ويؤثر على الإنسان في حياته هو فقد الأحبّة ، لا سيّما عندما يكون هذا الإنسان ذو قيمة وأثر في حياة الكثير من الناس ممّن تتلمذوا على يدَيه ، ونهلوا من تجربته وخبرته الشيء الكثير ، هذا هو حالنا مع فقيدنا الغالي الأديب والشاعر الكبير والمربي الفاضل الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الواصل – رحمه الله – والذي بفقده فقدنا قامة وطنية كبيرة قدّمت للطلبة وللتعليم الشيء الكثير ، حيث كان رحمه الله محبّاً وغيوراً على وطنه ومشجّعاً لنجاحات أبناء الوطن في مختلف المجالات ، ولعلّنا لا ننسى اللحظات الصعبة التي عاشها العالم خلال جائحة كورونا وعشتها شخصياً خلال عملي بين أروقة المحجر الصحي ؛ إلا أنّ كلماته المحفّزة والمشجعة دائماً لي ولزملائي كانت كالبلسم الدافئ ، ولا أنسى تهنئته لنا شخصياً أنا والأستاذة عالية الغامدي بعد انتهائنا من الإصدار المشترك الذي حمل عنوان ( مذكراتي بين أروقة المحجر الصحي ، وهذا الكتاب يهمّك ) حيث كان يعبّر عن تقديره لنا بأبيات شعريّة فيها من الثناء والمديح ما يُحفّزنا لبذل المزيد من العطاء لخدمة الوطن والإنسان .
كان رحمه الله كثير النصح والترغيب بمواصلة طلب العلم النافع وتقديم المبادرات المجتمعية النافعة والمفيدة والتي تنعكس على الارتقاء بجودة حياة الإنسان ، فكان رحمه الله بقدر حُبّه وتقديره لكل ما هو يستحق ذلك ؛ إلا أنّه لا يتوانى في إسداء النصيحة والتوجيه لمن رأى منه تقصيراً أو خللاً في مسؤوليّاته .
كان الدكتور الواصل رحمه الله قد كتب أبياتاً شعريّة عن والدي الدكتور عبدالرحمن العصيل حفظه الله الذي جمعتهما علاقة أخويّة حميمة منذ سنوات طويلة تجسّدت في التعبير عنها بقصيدة حملت عنوان ( مشروع الدكتور عبدالرحمن العصيل التنويريّ ) .
في يوم الأربعاء الثامن والعشرين من شهر ربيع الثاني وصلتني رسالة من الدكتور عبدالرحمن رحمه الله مضمونها هو تعرّضه لوعكة صحيّة ألمّت به حيث طلب منّا الدعاء له بالشفاء والعافية ، لم أكن أعلم بأنّ هذه كانت هي الرسالة الأخيرة التي تجمعني بهذا الإنسان العزيز في هذه الدنيا حتى وافته المنيّة في صباح يوم الجمعة الثامن عشر من شهر شعبان من عام ١٤٤٤ه ، تغمّده المولى بواسع الرحمة والمغفرة وأسكنه ربي فسيح الجنّات .