الأعمدة

طه القرين .. والعودة لمشروع الجزيرة

بما انه ترجع اصولي لاقصي الولايه الشماليه،الا انني كغيرى من ابناء العاملين بمشروع الجزيره والذين نزح اجدادهم وابائهم الي مشروع الجزيره وامتداد المناقل منذ انشائه،وتوزعوا في الاقسام الكبيره والتفاتيش الصغيره والقناطر الممتده في سفوح المواجر والترع والكنارات والتي تحفها الكنابي في كل اخر دورانات الترع والمواجر حيث يعتبر مشروع الجزيره والجزيره كولايه هي سودان مصغر يضم كل قبائل السودان واثنياته وعرقياته واديانه ،حيث كانت جميع اقسام المشروع الثمانية عشر قسما وتفاتيشه التي تعدت المائه واربعة عشر مكتبا بخلاف مئات القناطر قد عمل بها تقريبا كل قبائل السودان من الشمال والشرق والغرب والجنوب والوسط.
كنت ككثيرين من ابناء العاملين بمشروع الجزيره من الذين ولدوا وتربوا وترعرعوا بمشروع الجزيره،واصبحنا وجدانيا مرتبطين بالجزيره موطنا وميلادا ونشاة وطبعا ومزاجا،ولم نتواصل مع اصول جذورنا بالشماليه او المناطق التي اتينا منها عموما الا منذ فتره بسيطه.
،وبعد الغاء الوظائف بمشروع الجزيره واعلان وفاته في عهد العهر والنظام المافون غادرت الكثير من الاسر بيوت التفاتيش بالغيط ورحلوا الي المدن الكبيره بولاية الجزيره وقليل منهم من رجع الي مناطقهم الاصليه.
عرفنا انسان الجزيره بكرمه وقد كانت علاقة اهل القرى بالعاملين بالمشروع كعلاقة الانصار مع المهاجرين في تالقهم وتواددهم وتعاونهم والقصص كثيره جدا تلك التي تروى وقد تطرقت لها في كثير من المقالات والقصائد التي تناولت فيها كرم انسان الجزيره.
تذكرت هذه المشاهد في هذه الايام بعد نزوح اغلب مواطني ولاية الخرطوم بعد الحرب اللعينه التي نشبت مؤخرا بين ابناء البلد الوتحد ممثلة في قواتنا شعبنا المسلحه والدعم السريع حيث استضافتهم جميع قرى ومدن ولاية الجزيره في ملاحم انسانيه وبطوليه كشفت عن معدن اهل الجزيره،حيث فتحوا دورهم ومدارسهم وانديتهم وجامعاتهم وداخليات طلبتهم لاستفبال الوافدين والعمل علي راحتهم.
تطوف بخاطرى ذكرى عمنا طه القرين والذي كان يعمل بمشروع الجزيره وهو من الرحيل الاول من ابناء الشماليه الذين عملوا بالمشروع،حيث كان يتخذ من الاشجار التي تحيط بمنزله بمكتب راس الفيل كمضيفه وصالون لاستقبال كل من هب ودب وعمل بالمكتب او اتي به الطريق عابرا ليقدم الطعام والشاي لكل الناس،وقد كانت ابنته ام الحسن طه القرين هي ذراعه اليمين في اعداد الوجبات للضيوف علي مدار اليوم بدون كلل او ملل،وقد اشتهرت بظرفها وطرفها والنكات،فاذكر انها قد حكت لنا طرفه وقد حكتها لنا عن المغتربين في ثمانينات القرن الماضي ،حينما كان الاتصال بالمغتربين يتطلب السفر الي الخرطوم لعدم وجود وسائل الاتصال بالاقاليم وقالت ان المغترب حينما تتصل به واول مايرد عليك يكون مخلوع ويقول ليك مالكم ياجماعه انشاءالله خير قبل ان يسالك عن سبب اتصالك وهو غالبا لارسال مصاريف،تذكرت هذه الطرفه الان لان مواطني الخرطوم قد هجموا علي اهلنا بالجزيره دون سابق انذار او اخطار في ظل ظروف معيشيه صعبه جدا ولسان حالهم يقول لناس الجزيره ياجماعه انشاء الله مانكون خلعناكم،فياتيهم الرد والله حبابكم عشره وعلي الطلاق نزلتم اهلا وحللتم سهلا،ناس الجزيره انا بحبكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى