الأعمدة

نُشِرَ لأول مرة عام 2013 نعيد نشره الآن : أمةٌ عربيةٌ واحدةْ

منذ ان تثاءبنا، ونفضنا غبار الكسل عن عيوننا، وافتتحنا رحلتنا المضنية مع الدراسة التي كانت بمثابة عقوبة يومية في مدارس لا تعير الطفولة اهتماماً،ولا يوجد للمواهب حيزاً فيها بل الأهم تنفيذ الخطط الدرسية، والخطط الشهرية لمنظمة طلائع البعث التي لو طُبِقت بحذافيرها لألتهمت كل المناهج الدراسية كرمى لعيون الزجاج المعشّق،وتوالف البيئة،والفقرات الفنية، وحفل التنسيب،ومسابقات الرواد الخادعة،ومحاضر الجلسات الورقية التي تبقى ورقاً وحبراً جافاً فقط .
عند تحية العلم يبدأ التدرب والتعلم على شعارات يتم ترديدها ببغائية مفرطة ( أمة عربية واحدة … ذات رسالة خالدة ) .
كنا نردد الشعار لننهي هذا الواجب الصباحي القارص،ولنهرع هرباً من برد الصباح الذي يلسع وجوهنا، وككل الشعارات الرنانة التي كان يتم تعليّبها،وتسويقها، وصياغتها، وزرعها في العقول لتبقى شعارات تصطدم بها على ارض الواقع فعلاً مغايراً .
فلسنوات خلت كان يتم اقتطاع مبلغ من ضمن المبالغ المقتطعة من رواتب العاملين بالدولة، و التي توضع تحت تسميات خلبية كدعم المجهود الحربي على سبيل المثال، وليس الحصر، وعند أية كارثة للشعب الفلسطيني يهب سدنة شعار”أمة عربية واحدة” لعقد المؤتمرات الشعبية، والمسيرات التضامنية، وجمع التبرعات المالية التي كان الجميع يدركون حينها أن القسم الاكبر منها إن لم يكن كلها لا يذهب إلا لجيوب المتاجرين بالقضية الفلسطينية،ويبقى الشعب الفلسطيني وكارثته الدجاجة التي تبيض ذهباً لأصحاب شعار أمة عربية واحدة .
وفي نفس الوقت تفاجىء عندما تستمع لنشرة الثانية و الربع ظهرا من اذاعة دمشق للاتهامات المتناثرة للدول العربية الشقيقة فهذا نظام رجعي، وذاك نظام عميل، و اخر نظام مأجور .
إذاً كيف يمكن ان تتوازن صباحاً و تردد الشعار إياه و أنت مقتنع ؟؟!!
فتبقى مقتنعاً فقط بأن عليك أن تهرب من البرد للصف حتى لو كانت الحصة الدرسية الأولى ستكون مادة التربية القومية .
و منذ آذار 2011 بدأت حملة معاكسة ومضادة لمحو هذا الشعار من ذهن الأجيال التي تم تلقينها إياه على مدى عقود، وبشكل منظم، وأصبحت الوطنية تعني ببساطة رفض العروبة وسط سيل مقذع من الشتائم للعرب و للجامعة العربية ولكل من يدعي العروبة .
هكذا تم مسح هذا الشعار، وضمن إطار وطني براق تم تعلّيبه، وتسوّيقه بشكل ممنهج، ولم يتوقف الناس الذين تبنوا هذا التوجه الجديد ولو للحظة ليتسائلوا لماذا نادوا به ثم كفروا به بلا أدنى تفكير ؟؟؟.
هكذا… بكل بساطة أصبح مَن كان يُعتقل ويلاحق لانه يرفض شعار أمة عربية واحدة، يكتشف أنه كان على حق لأن المطلوب الآن إلغاءه، وانعكست الآية فمن يعترف بالعروبة عليه أن يواجه الملاحقة و الاعتقال .
مفاهيم و معايير مزدوجة و غريبة، عليك أن تكون جزءاً من غريزة القطيع، وأنت تتبعها و تكررها ببغائية مقرفة .
#يا_زمان_الطائفية
#ملكون_ملكون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى