تقارير

حزب اليسار الأخضر يعلن دعمه لكمال كليتشدار خطوة مفاجئة

إعلن  حزب اليسار الأخضر دعمه لكمال كليتشدار خطوة قيمة للغاية

هل وقعت أية مخالفات خلال انتخابات الرئاسة التركية في الـ 14 مايو (أيار) الجاري؟ وهل فشل تحالف الأمة في حماية صناديق الاقتراع؟ ولماذا لم تجد الحملة الانتخابية الواسعة لكمال كليتشدار أوغلو رداً إيجابياً من الجمهور؟ وهل سيؤثر تغيير خطاب المعارضة في جمهور الناخبين؟ وماذا سيفعل كليتشدار أوغلو بين الناخبين القوميين الأتراك وبين والأكراد؟

هناك كثير من الأسئلة هذه الأيام بخصوص انتخاب رئيس الجمهورية التركي، إذ ذهبت الانتخابات إلى جولة ثانية للمرة الأولى في تاريخ  تركيا ، فيما تراجع مستوى حزب العدالة والتنمية تقريباً إلى مستواه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2002، ولم يتمكن الرئيس رجب طيب أردوغان  من حسم النتيجة من الجولة الأولى كما كان يقول.

وعلى رغم ذلك يتحدث ناخبو المعارضة حول إمكان كيليشدار في حسم  أوغلو في الجولة الثانية، وإذا تم جمع الأصوات التي حصل عليها حزب “الحركة القومية” وحزب “الجيد” وحزب “النصر”، أي الأحزاب التي تعرف نفسها على أنها قومية، سنجد أن نسبتهم من الأصوات وصلت إلى 23.72 في المئة، وذلك يشير إلى أن ربع الناخبين في تركيا استخدموا تفضيلهم في إطار القومية، كما حصل مرشح تحالف “الأجداد” الذي تم تجاهله في استطلاعات الرأي سنان أوغان على 5.17 في المئة، لكن قبل النظر في الكيفية التي يحدد بها القوميون الأتراك السياسة ينبغي النظر في مزاعم المخالفات التي تحدثت عنها المعارضة، إذ ظهرت ادعاءات على وسائل التواصل الاجتماعي حول عمليات عد احتيالية.

الرئيس أردوغان قال إن “تصريح وزير العدل بكير بوزداغ قبل الانتخابات ’من قال إن هناك غش في الانتخابات يعلم بوضوح أنه سيخسر ولذلك يختلق الأعذار، فالانتخابات التركية هي من أكثر الانتخابات نزاهة في العالم‘ يكشف أكاذيبهم، وعلى رغم ذلك لم يعتذروا لا لناخبيهم ولا للجمهور”.

أكثر تساؤلات ناخبي المعارضة كانت حول الصمت الذي أبداه قادة أحزابهم، إذ ظهر كليتشدار أوغلو صباح 15 مايو الجاري في بيان موجز لمدة دقيقة ونصف الدقيقة فقط، مما جعل الناخبين يتساءلون لماذا لا يوجد تفاصيل أكثر، قبل أن يأتيهم الجواب يوم الخميس 18 مايو، إذ قال كليتشدار أوغلو إنهم “لن يسمحوا حتى لصوت واحد أن ينهيهم، وفي انتخابات الـ 28 من الشهر الجاري، سيكون هناك مليون مراقب من المعارضة على صناديق الاقتراع لضمان نزاهة الانتخابات”، وبعد تصريحاته بدقائق تم تعيين ديفريم باريش جليك نائباً لرئيس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بعد استقالة سلفه أونور سال أديغورزيل.

موقع “اندبندنت التركي” تحدث إلى عضو هيئة التدريس بجامعة كوتش للعلوم السياسية والعلاقات الدولية الأستاذ الدكتور مراد سومر لسؤاله عما إذا كان هناك تدخل منظم ومنهجي في الانتخابات، إذ يرى أن حزب الشعب الجمهور “غاب”، وذلك على رغم أن النائب الممثل للحزب، محرم إيركي قال “إننا نتابع كل صوت”، وبحسب سومر فإنه إذا كان هناك فرق بين النتائج المعلنة من قبل المجلس الأعلى للانتخابات واللوائح الموقعة فيجب تحديدها والتحقيق فيها، كما طالب أن ينشئ تحالف الأمة فريقاً يطابق كل تقرير موقع إلكتروني مع بيانات الجهة الانتخابية المتعلقة بصناديق الاقتراع المعنية.

أما متخصص العلوم السياسية بجامعة إسطنبول بيلغي إمره أردوغان فيرى أن الشيء الرئيس الذي يجب الانتباه إليه هو عملية العد، “إذا كان هناك من يريد الخداع فليس هذا هو المكان المناسب، إنما هناك مسألة تسجيل ما يخرج من صندوق الاقتراع، وكيف تم تسجيل التقرير من صندوق الاقتراع؟ وكيف دخل الصندوق؟ وكل هذا لا يمكن ملاحظته في هذه المرحلة إنما أثناء الانتخابات، وعلى سبيل المثال في ولاية معينة يدلي رئيس قرية بأصواته نيابة عن القرية بأكملها، وليس من الممكن رؤية السيطرة على هذا الآن، أنت تراها فقط هناك وبعد ذلك هناك عملية فرز الأصوات، وإذا كان هناك بعض الفساد يمكنك ملاحظته في تلك اللحظة فلذلك فإن الأخطاء المذكورة في الوقت الحالي هي في مرحلتها النهائية، وهناك قرى صغيرة فيها 50 أو 60 أو 80 صوت، هل يمكن إرسال شخص إلى هناك؟ ولنفترض أن شخصاً قد ذهب، فهل سيكون قادراً على أداء واجبه؟”.

مزاعم تلاعب

هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها أتراك عن مزاعم التلاعب بعد الانتخابات، فبعد انتخابات 2018 تعرضت المعارضة إلى انتقادات واسعة لعدم قدرتها على حماية الأصوات، وحتى لو تم محو هذا التصور في الانتخابات المحلية لعام 2019، لا سيما في إسطنبول، إلا أن القضية نفسها لا تزال على جدول الأعمال بعد انتخابات الـ 14 من مايو، إذ تتبادر إلى الذهن القصة المنسوبة إلى نابليون عندما يسأل القائد بعد خسارة معركة ما “لماذا خسرنا؟ فيجيب: السبب الأول هو عدم وجود ما يكفي من البارود”، فيرد نابليون، لا حاجة لحساب الباقي”.

ألم يكن لدى المعارضة بارود في انتخابات الـ 14 من مايو؟ ألم تكن الطاولة السداسية التي تضم أحزاب سياسية مثل حزب “المستقبل” وحزب “الديمقراطية والتقدم” غير مدركة بشكل كاف إمكانات حزب “العدالة والتنمية” الذي كان في السلطة لأكثر من 20 عاماً، وبمعنى آخر هل كانت المعارضة تستعد وهي تدخل الانتخابات الأكثر أهمية في التاريخ، وكأنها تدخل دولة إسكندنافية وليست تركيا؟”.

ورداً على ذلك يقول أستاذ العلوم السياسية البروفيسور مراد سومر إن “هذا التشبيه قد يكون مبالغة بالنسبة إلى المعارضة، ولسنا في وضع يمكننا فيه القول إن ديمقراطيتنا قوية، ونحن نثق بالمؤسسات كما هي الحال في السويد فلا داعي للقلق، لكن المعارضة ربما كان لديها قلق لأنها قد تخيف الناخبين في طريقهم إلى صندوق الاقتراع إذا ظهرت أخطار وتهديدات محتملة، لذا وبصراحة أعتقد أنك لا تفهم الناخبين جيداً، وعلى رغم ذلك فإن جزءاً مهماً من الناخبين وبخاصة الأجيال الشابة يريدون المشاركة، فهم لا يريدون فقط أن يهدأوا، وإنما يريدون أن تقال لهم الحقيقة ومن ثم يكونون جزءاً من حل المشكلة، وعلى المعارضة أن تأخذ مصيرها بأيديها، إذ كان عليها الإدلاء بتصريحات منتظمة للغاية وإبلاغ الناخبين ووسائل الإعلام بذلك”.

من جانب آخر يقول البروفيسور إمره أردوغان إنه “عندما يتعلق الأمر بالانتخابات، حتى في انتخاب جمعية، إذا لم تتمكن من التحكم في صناديق الاقتراع فستخسر، لذا فإن السيطرة على صناديق الاقتراع هي المرحلة الأساس من هذا العمل”.

ويشير أردوغان إلى التصريحات التي أدلى بها نائب حزب الشعب الجمهوري أوز كان ساليجي في شأن أمن الانتخابات قبل التصويت، إذ قال “لا توجد مشكلة، نحن هنا نتحدث عن طاولة من ستة أحزاب، ولنفترض أنه إذا كان أحدهم ضعيفاً في الجنوب الشرقي فسيكون الآخر داعماً، وإذا كان أحدهم ضعيفاً في البحر الأسود فسيكون الآخر داعماً، ستة أحزاب إنها ليست مجرد حفلة واحدة، وإضافة إلى ذلك هناك مواطنون مراقبون، وإذا لم تتمكن حركة سياسية تستهدف 26 مليون صوت أو أكثر من جذب 20 ألف شخص إلى صناديق الاقتراع فهناك مشكلة”.

هناك أسئلة أخرى تتبادر إلى الذهن، إذ إن الحزب الذي زاد عدد مقاعده في البرلمان هو حزب “الشعب الجمهوري”، والحزب الأكثر خسارة في البرلمان هو حزب “العدالة والتنمية”، لكن لا يزال تحالف “الجمهور” يشكل الغالبية، وبمعنى آخر فحتى لو فازت المعارضة في الانتخابات الرئاسية في الجولة الثانية فإن وعدهم بنظام برلماني معزز سيرحل إلى فترة ربيع أخرى لتحالف الأمة، لأن المعارضة لن يكون لها غالبية مطلقة في البرلمان لتغيير الدستور، إذا هل توزيع المقاعد في البرلمان يجعل كليتشدار أوغلو أفضل في نظر ناخبيه؟

البروفيسور أردوغان يرى أن هناك تأثيراً نفسياً سيكون له أثر سلبي، ويؤكد أن “نسبة 88 في المئة من المشاركة في الجولة الأولى ليوم الـ 28 من مايو لا ينبغي خفضها أو زيادتها، لكن لكي تستطيع المعارضة جذب عدد أكبر من الناخبين إلى صناديق الاقتراع فينبغي أن تعطي شعورا بـ ’نحن نفوز‘ فعلى رغم الزلزال والأزمة الاقتصادية وغيرها من المشكلات”.

المصدر :اندبندنت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى