مصادر… بغداد تفتح قنوات للوساطة بين واشنطن و طهران

شفت مصادر مطلعة عن تلقّي شخصية سياسية عراقية تلميحاً بفتح قناة خاصة للوساطة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، مؤكداً أن فريق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، يتحرك لتهدئة نزاعات الشرق الأوسط.

وقال مصدر حكومي رفيع المستوى، إن “المخاوف العراقية اليوم تتجسد في الصراع الأمريكي-الإيراني، حيث إن الحديث عن هجمات تشنها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ضد طهران، سينعكس سلباً على العراق بشكل مباشر وعلى استقراره الأمني العام.

وأضاف لـ”إرم نيوز”، أن “تصريحات الحكومة العراقية المتمثلة برئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، ووزير الخارجية، فؤاد حسين، حول إمكانية لعب دور الوساطة بين الطرفين، دفع بفريق، ترامب، للتواصل مع شخصية سياسية عراقية رفيعة المستوى إيعازاً بفتح قناة تواصل خاصة لنقل الرسائل بين أمريكا وإيران، في محاولة الوساطة لتخفيف حدة التوتر بين الطرفين”.

ويحاول العراق تجنب أية حرب محتملة بين واشنطن وطهران، حيث ستؤثر بشكل كبير على البلاد بسبب موقعها الجغرافي والسياسي، ووجود نفوذ كبير لكلا الطرفين داخل العراق، سيما مع عزم واشنطن، القضاء على النفوذ الإيراني في البلاد، مما قد يحول العراق الى ساحة صراع كبيرة.

وأكد المصدر، الذي اشترط حجب اسمه، أن “القيادة السياسية الإيرانية المتمثلة بحكومة، مسعود بزشكيان، أبلغت العراق استعدادها لفتح باب الحوار والجلوس إلى طاولة واحدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، والعراق نقل تلك الصورة لواشنطن ولفريق ترامب، تحديداً”.

وكان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، قد أبدى، الخميس الماضي، استعداد بغداد للمساهمة في تخفيف التوتر بين الولايات المتحدة وإيران إذا طلب منها ذلك، مستشهدًا بدور العراق في الوساطة بين السعودية وإيران، مما أدى إلى تطبيع العلاقات بينهما في عام 2023.

إلا أن المصادر، أكدت أن حراك الوساطة بدأ بالفعل بتحديد رغبة الطرفين باللقاء المباشر للتفاوض وتحديد الأولويات، والشروط الأولية لإجراء الحوار.

وخلال زيارة السوداني، إلى طهران، الأسبوع الماضي، أبدى الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، ترحيبه وثقته بقدرة حكومة العراق على لعب دور الوسيط بين طهران وواشنطن.

دور واضح

بدوره قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي، النائب عامر الفايز، أن “مجلس النواب يدعم أي حراك دبلوماسي للحكومة العراقية وخطواتها لإرساء الاستقرار في المنطقة”.

وأكد في تصريح مقتضب، لـ “إرم نيوز”، “أن العراق بات قادراً على لعب دور واضح المعالم للوساطات وخفض التصعيد، سواء بين واشنطن وطهران أو بين طهران والدول العربية مثلما فعل في الملف السعودي الإيراني”.

وبحسب مراقبين، فإن العراق يمتلك مقومات تؤهله للعب دور الوسيط بين الولايات المتحدة وإيران، حيث يتمتع بعلاقات وثيقة مع إيران نتيجة للروابط الجغرافية، الثقافية، والدينية، في الوقت نفسه، للعراق علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة، بما في ذلك التعاون الأمني والعسكري.

تجارب سابقة

بدوره قال الخبير في العلاقات الدولية، واثق الدجيلي، إن “هذه ليست المرة الأولى التي يلعب فيها العراق دور الوسيط بين الولايات المتحدة وإيران، فقد أسهم عام 2021 رئيس الوزراء العراقي الأسبق، مصطفى الكاظمي، في تخفيف التوترات بين واشنطن وطهران”.

وأضاف لـ”إرم نيوز” أن “الساحة السياسية في المنطقة مهيأة لأن يلعب العراق دور الوساطات، ولديه تجارب سابقة، خصوصاً وأن الحكومة الحالية تسعى لتحقيق توازنات في المنطقة، وتريد أن تجنب البلاد أية اضطرابات، سيما وأن البلاد مقبلة على انتخابات تشريعية بعد أشهر قليلة”.

وبين الدجيلي، أن “كلا الفريقين، واشنطن وطهران، لن يتمكن أحدهما من إزاحة الآخر عن الساحة العراقية بشكل نهائي، لذا هو يريد أن يظهر حيادية تامة في التعامل مع الطرفين”.

وأضاف: “إذا اندلعت حرب بين الولايات المتحدة وإيران فإن انعكاسات ذلك ستجر العراق إلى حرب مدمرة، وسيكون من أكثر الدول المتضررة، وهذا ما يدفعه إلى اتخاذ موقف دبلوماسي متوازن وسياسة داخلية قوية لتجنب الانزلاق في مستنقع الصراع”.

لاعب أساسي

من جهته، رجح الخبير الأمني والعسكري، فوز الطائي، تحول العراق إلى “ساحة صراع بين القوات الأمريكية والفصائل المدعومة من إيران، وزيادة الهجمات على القواعد الأمريكية والسفارة في البلاد، إذا لم يتم التوصل إلى تهدئة بين واشنطن وطهران”.

وبيّن لـ”إرم نيوز”، أن “العراق بات يتمتع باستقرار أمني لم يعهده منذ عام 2004، لذا هو لا يريد أي حرب تندلع بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وهو يحاول دفع المنطقة تجاه السلام والاستقرار للحفاظ على مكتسباته الأمنية”.

وأشار الطائي إلى أن “العراق بحاجة إلى العمل على تقوية وضعه الداخلي وإظهار حياديته أمام المجتمع الدولي، وإذا نجح في ذلك، فقد يصبح لاعباً أساسياً في تهدئة التوترات الإقليمية وتحقيق الاستقرار”.