Categories: الأعمدة

يحيى السويد يكتب : الغلاء والجشع ينهشان لحم المواطن السوري وهو حي

 

على يبدو أن المواطن السوري ( العادي ) سيبقى الحلقة الأضعف على الدوام ، فهو كان كذلك في زمن النظام البائد ، والذي ذهب إلى غير رجعة غير مأسوف عليه ، وهو كذلك الآن ، وبعد أن أصبحت البلاد خضراء .

قبل سقوط النظام البائد ، وطوال سنين الثورة ، دفع المواطن السوري العادي ولا زال ، فواتير باهظة الثمن على كافة الصعد ، فمن الموت إلى الإعاقة ، ثم إلى التشرد والنزوح ، إلى الغلاء الفاحش و جشع التجار وكأن هذا ما ينقصه .
تهجير المواطن السوري القسري من مسقط رأسه ، لمن يكن خياراً له ، ولم يسأله أحد فيما إذا كان يريد ترك بيته وأرضه وناسه أم لا ، بل جاء هرباً و إتقاءً لموت محقق ، فغلاوة الروح وحب الحياة من فطرة كل كائن حي ، فكيف بمن يصنف بأنه إنسان ، مع أنه محروم من معظم الحقوق التي من المفترض أن تكون مؤمنة .
التهجير القسري كان على مراحل ، وكانت سكان ريف محافظة إدلب الجنوبي والشرقي ، وريف حلب الجنوبي والغربي آخر من هجر الديار ، فيما سبقهم لذلك أهالي غوطتي دمشق ، و ريف حماة
الغربي والشمالي ودير الزور وغيرها .
عانى المهجّرون والذين يطلق عليهم ( نازحون ) الأمرين لاسيما الغلاء الفاحش ، سواء فيما يتعلق بآجار البيوت ، أو المواد الشرائية والغذائية ومستلزمات العيش ، حتى أن الكثيرين وخاصة ممن لم تشملهم المواد الإغاثية ، التي توزعها المنظمات كخيار وفقوس .
كثير من السلع التي كانت أساسية ، أصبحت في هذا الزمن العار سلع كمالية ، أقنع المواطن نفسه بذلك ، قبل أن يقنع أهله أولاده .
اللحوم بكل أنواعها والفواكه بجميع أصنافها أصبحت في بعض الأوقات كمالية ، ومثلها الحلويات والمعجنات و المشروبات وغيرها ، حتى الألبسة والأحذية الجديدة صارت حلم لدى المواطن العادي ، فتحول إلى محلات البالة ، قبل أن ينتبه أصحابها لذلك فرفعوا الأسعار على مبدأ ما حدا أحسن من حدا .
لم يقتصر الأمر على ما سبق ، بل وصل الأمر ومنها محاربة مواد التدفئة قسراً ، و الإكتفاء بحرق الكرتون و الأحذية المدورة والبالية وأكياس النايلون ، لتأمين الدفء ولو على حساب الصحة .
كل ذلك وأكثر كان يحصل عندما كانت سورية مقسومة إلى قسمين ، مناطق سيطرة النظام البائد ، و مناطق سيطرة المعارضة التي كانت تتركز في شمال غرب البلاد ( منطقة ادلب وريفها الغربي والشمالي ) وكذلك شمال محافظة حلب .
بعد المفاجأة السارة ، وهروب النظام البائد حسب الناس ، وخاصة المواطن العادي ، أن الأمور ستتغير إلى الأفضل ، و إن ما كان محروماً منه سيعود إليه ولو تدريجياً ، لكن على مايبدو فإن الذي حدث عكس ذلك تماماً .
فالغلاء زاد حتى أن بعض المواد تضاعف سعرها وخاصة المحروقات ، ما يؤثر سلباً على اسعار جميع المواد ، وكذلك آجار النقل ، و ما يزيد الطين بلة ، جشع التجار معللين ذلك بارتفاع قيمة الصرف ، وفرض رسوم جمركية على جميع السلع ، و تحول البضائع إلى المناطق التي كانت محرمة من ذلك في عهد النظام البائد .
ومع قناعتنا التامة أن هذه الأمور مؤقتة ، و أن الوضع سيتغير إلى الأحسن في الشهور القادمة ، إلا أن ذلك يجب أن لاينسي الحكومة الجديد متابعة تجار الأزمات ، وحاولة إنصاف المواطن ، والذي على مايبدو لم ينل حتى الآن لا عنب الشام و لا بلح اليمن .

 

osama

Recent Posts

محمد سيدأحمد ( الجكومي ) يكتب : “ابو نمو والتزييف المتعمد التاريخ “

  حزنت كثيرا لابو نمو و هو يمارس التزييف المتعمد للتاريخ و يحرف الكلم عن…

11 دقيقة ago

قبل جلسة مجلس الأمن اليوم … البرهان يوافق على هدنة إنسانية لمدة أسبوع في الفاشر

وافق رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، خلال مكالمة هاتفية مع الأمين العام…

ساعة واحدة ago

الطيران السودان يدمر معسكر للدعم السريع بقرية “هبايل” قرب الجنينة

كشفت معلومات متطابقة عن تدمير سلاح الطيران السوداني  معسكر يتبع لقوات الدعم السريع المتمردة تدميرا…

ساعة واحدة ago

تعيين سفير جدبد للسودان لدى إرتريا

سلّم سفير السودان المرشح لدى دولة إريتريا ، أسامه أحمد عبد الباريء امس نسخة من…

ساعة واحدة ago

تاركو للطيران تستأنف رحلاتها إلى مطار كسلا

أعلنت شركة تاركو للطيران عن استئناف رحلاتها المجلية إلى مطار كسلا الدولي ابتداءً من 1…

ساعة واحدة ago

أجتماع العطا وكباشي مع إدريس حسم أزمة الحركات

انتهى اجتماع عُقد بين رئيس الوزراء د. كامل إدريس  وعضوي مجلس السيادة الانتقالي مجلس السيادة…

ساعتين ago