Categories: الأعمدة

​ بابكر فيصل .. يكتب .. المنعطف الأخطر في مسار الحرب

​    منذ اليوم الأول لإندلاع حرب الخامس عشر من أبريل اللعينة قلنا أنه ليس بإستطاعة أية طرف من الأطراف المتحاربة تحقيق نصر عسكري حاسم وأن إطالة أمد الحرب ستؤدي لمخاطر جدية ستعصف بوجود البلد.
​ ​وعندما رفعنا شعار “لا للحرب” ودعونا الأطراف للذهاب لطاولة التفاوض، إنتفض دعاة إستمرار الموت والجوع والتشرد في وجهنا ورمونا بتهمة موالاة الدعم السريع لأن موازين القوة على الأرض تمضي في صالحه. ولأن موقفنا الاخلاقي والسياسي متماسك لم نتزحزح قيد أنملة رغم حملات الإبتزاز والتخوين.
​ ​وبعد أن إسترد الجيش مساحات واسعة من الأرض التي كانت يسيطر عليها الدعم السريع في سنار والجزيرة والخرطوم، ظلت دعوتنا لوقف الحرب وضرورة التفاوض مستمرة، بينما أعطى تقدم الجيش دعاة الحرب جرعة زادت حماسهم لمواصلة الخراب والنزوح، وصاحت حمالة الحطب “تاح تاح نحسمها بالسلاح” !
​ ​قلنا منذ أيام القتال الأولى أن الخطر الأكبر على البلد لا يتمثل في تراجع الجيش في الميدان، بل في إستمرار الحرب نفسها لأنها ستؤدي لإزدياد الإنقسام الإجتماعي والتدخل الخارجي غير الحميد وسيادة العنف مما سيقود بدوره إلى وضع البلد في طريق التقسيم والتفتيت.
​واتخذت سلطة الأمر الواقع في بورتسودان التي يقف من ورائها حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وحركات مسلحة قرارات في غاية الخطورة زادت من عوامل الإنقسام الإجتماعي والسياسي وجعلت الطرف الآخر وأطرافاً أخرى تسير في طريق تشكيل سلطة موازية تم تدشين ميثاقها اليوم في العاصمة الكينية.
​ ​إنَّ أي شخص عاقل لا بد أن يدرك الخطورة الكبرى التي ينطوي عليها وجود سلطتين في بلد واحد، ومهما تم التقليل من فرص نجاح السلطة الموازية من حيث عوامل الإعتراف الدولي وتوفر الموارد، فإن إستمرار الحرب سيجعل منها أمراً واقعاً يفرض على أطراف عديدة التعامل معها لضرورات عملية.
​أحد أدواءنا التي تستعصي على العلاج يتمثل في عدم الإستفادة من عبر التاريخ والعجز عن الوصول للخلاصات من دروس الماضي، والتي يقف على رأسها درس إنفصال الجنوب الذي بدأ بمطلب صغير لفيدرالية الحكم ثم تطور رويداً رويداً مع عدم المبالاة وعجز الإرادة وضعف الخيال الوطني حتى أفقنا من غفلتنا لنجد الجنوب “دولة شقيقة” !
​إن ذات الأمر الذي حدث مع الجنوب يتكرر اليوم بوتيرة أسرع، بينما رسل الفتنة ما زالوا في ضلالهم القديم يبثون سموم الكراهية وينشرون الأكاذيب الذي تلعب على عواطف البسطاء وتعدهم بنهاية وشيكة للحرب ترجع بعدها البلاد كما كانت وأفضل في ظل سيادة تقوم عليها المليشيات الآيدلوجية والقبلية والجهوية !
​إنَّ بلادنا تتدحرج بسرعة شديدة نحو نفق التقسيم، ولا عاصم لنا من ذلك سوى الإسراع في وقف الحرب عبر العودة لطاولة المفاوضات في أقرب فرصة، فمن الجلي أن حسم أحد الأطراف للمعركة غير ممكن، وأن التقدم على الأرض يجب أن يكون دافعاً أكبر للذهاب للتفاوض وليس لإستمرار القتال، وسيقع على عاتق دعاة الحرب وزر المآلات الخطيرة لإستمراها وعلى رأسها تفتيت وحدة البلاد.
​​
​ا
​ 
​ 
​ 
​ 

​ 
​ 
​ 
​ 
​ 
​ 

​ 
​ 
​ 

​ 
​ 
​ 
​ 
​ 
​ 



​ 
​ 
​ 

​ 
​ 
​ 
​ 
​ 
​ 

ahmed

Recent Posts

أمسية شعرية خاصة بتجربة الشاعر الكبير عبدالوهاب هلاوي في قنصلية سفارة السودان في أسوان

امس الخميس .. شهدت قاعة قنصلية السودان باسوان الأمسية الشعرية الخاصه بتجربة الشاعر عبدالوهاب هلاوي…

ساعة واحدة ago

ترامب يشتاط غصباً من خامنئي ويقول أنا أنقذتك من موت بشع ومخز !

قال ترامب أوقفت تخفيف العقوبات عن إيران فور صدور بيان خامنئي بشأن الحرب . المرشد…

ساعة واحدة ago

سمر نديم.. قلب نابض بالرحمة ورسالة إنسانية تتجدد في كل موقف

متابعة : المغيره  بكري : "  أمدر تايمز"  كشفت الإعلامية سمر نديم على حسابها الرسمي…

ساعة واحدة ago

مرتضى الغالي يكتب: تمزيق فاتورة العجائب..!

لا ترفعوا (حواجب الدهشة) .. فالأمور قي سيرها الطبيعي و(الأوضاع تحت السيطرة) في ظل دولة…

ساعتين ago

السعودية … ريشة فنان” تضيء ينبع التاريخية بألوان الإبداع في فعالية “الرسم المباشر”

متابعة : المغيره بكري "  أمدر تايمز نظّم نادي ريشة فنان، التابع لـ جمعية أندية…

ساعتين ago

الحلم جنين الواقع — كريمه سلام مفسرة الاحلام

الحلم جنين الواقع ووليد المستقبل الجنين الشئ الغير معروف ولد ولا بنت حلو ولا وحش…

4 ساعات ago