حكايات منتج برامجي فقرة لم اكن صاحب فكرتها حكاية حلقة العطالة

امير احمد السيد
في نهار صيف ساخن جدا اتصل بي شاعر الشعب المتفرد الراحل محجوب شريف وبدأ كعادته بسؤاله عن الأحوال والأخبار وكنت وقتها في قمة الاستياء وكنت قريب جدا من اتخاذ قرار جاد بمغادرة قناة النيل الأزرق كان يستمع لي فقد كان رحمة الله عليه مستمعا جيدا وبعد ان انتهى حديثي قال لي ياخي انت لو مشيت حيجي زول غيرك والزول الحيجي ده ما حيوصل حاجاتنا أبدا وواصل حديثه سريعا أنا هسه متصل بيك بخصوص موضوع مهم جدا فقلت له خير يا استاذ فقال لي ياخ أنا أحمل هم كم هائل من الشباب خريجي الجامعات قضوا وقتا طويلا بلا عمل والمطلوب منك فقط ان تخرج لهم كعادتك بالكاميرا تعرف عليهم وعلى مشاكلهم ستجدهم في الشوارع والأسواق وفي كل الطرقات وسأختار لك ضيفه مهندسة كهرباء خريجة جامعة الخرطوم اضطرتها ظروفها للعمل في مجال إصلاح اعطال في كهرباء المنازل يعني تحولت ل(كهربجيه) تصلح الأعطال الصغيرة بدلا من مهندسة كان يمكن الاستفادة من قدراتها الكبيرة تخمرت الفكرة في رأسي سريعا وأعجبت بها بل وتحركت فيها سريعا حجزت كاميرا وقمت بعمل تقرير بدأ من المهندسة وهي تصلح عطب هنا وهناك ثم انتقلت إلى الشارع والأسواق وقتها فقط ادركت حجم المأساة التي قصدها استاذي محجوب ووقتها فقط علمت انه لايوجد رجل يهمه هذا الشعب بقدر محجوب ووقتها فقط تمنيت لو يحكمنا رجل في قامة محجوب ، وجدت أطباء يعملون في أعمال هامشية وجدت طالب دكتوراه يقود ركشة وجدت كم هائل من خريجي وخريجات كليات مختلفة عطاله بلا عمل طاقات جبارة يهدرها سفهاء الحكومة
كان التقرير ضافي جدا ويوضح بجلاء شديد حجم المأساة التي يعاني منها اولئك الشباب
كتبت التقرير بحرقة وألم شديد وجاء يوم الحلقة التي أفردت لها ساعة كاملة كانت ضيفتها الباشمهندسة وكان لا بد من اختيار شخص يتحدث بشجاعة كبيرة في هذا الصدد وان يكون صحفي من ذات الجيل فوقع اختياري على الصحفي الصديق محمد إبراهيم الحاج ومنذ عرض التقرير بدأت الحلقة قوية جدا وكان فيها طرح بناء جدا ومر وقتها سريعا وتمنيت لو استمرّت لساعتين او ثلاثة فالمتحدثين كانوا شجعان جدا في طرح مشكلة العطالة وبجرأة شديدة جدا ادهشت الجميع
انتهت الحلقة وقبل خروج الضيوف من الاستديو اتصل بي استاذي محجوب شريف سعيدا جدا وطلب مني ان يكلم الصحفي محمد إبراهيم الحاج عبر الهاتف مبديا اعجابه بشجاعته و جرأته في طرح الموضوع دون خوف بل وطلب مني ان يزوره محمد في المنزل ولكنه لقاء لم يكتمل فقد رحل استاذنا سريعا جدا له رحمات ربي ومغفرته وجناته