Categories: المنوعات

الفيلم الفلسطيني “لا أرض أخرى”… شهادة سينمائية تصرخ بالحق في وجه الظلم

IMG 20250303 WA0041
IMG 20250303 WA0040

IMG 20250303 WA0039
سيلينا السعيد-مسقط
في ليلةٍ من ليالي الفن التي يُفترض أن تكون احتفالًا بالجمال، صعدت فلسطين إلى خشبة الأوسكار ليس بألوان الفساتين ولا ببريق المجوهرات، بل بصوت الأرض، بنداء البيوت المهدّمة، وبعيون من هُجِّروا وبقوا هناك، في الذاكرة، في التراب، في صمت الحجر حين ينادي صاحبه.
“لا أرض أخرى”، الفيلم الذي خرج من وجع مسافر، لم يكن مجرد عمل وثائقي، بل كان مرآةً لوجع وطن، صدىً لخُطى المُهَجَّرين، وصرخةً في وجه من يقتلع الجذور ويظن أن الشجرة ستنسى تربتها.
الفيلم الذي صنعه المخرج الفلسطيني باسل عدرا والصحفي الإسرائيلي يوفال أبراهام، حمل إلى العالم حقيقةً ربما تُخفى خلف عناوين الأخبار: هناك شعبٌ يُنتَزع من أرضه، يُجَرَّد من سمائه، لكنه باقٍ.
عندما نُطق اسم الفيلم على مسرح دولبي، لم يكن الفوز مجرد لحظة انتصار سينمائي، بل كان حضورًا فلسطينيًا يتحدى الإقصاء، يفرض نفسه في أكثر ساحات العالم بريقًا، ليقول: ها نحن هنا، لا نُمحى، لا نُنسى، لا نغيب.
على المسرح، وقف عدرا، ليس فقط ليشكر، بل ليشهد، ليُذكّر، ليمنح صوتًا لمن صودر صوتهم، وليقول أمام العالم أن هناك أرضًا واحدة، وأن تهجير القلوب أصعب من تهجير الجدران.
“هذا الفيلم ليس فقط عن فلسطين، بل عن الإنسانية التي تُختبر في كل حجر يُهدم، في كل شجرة تُقتلع، في كل أمّ تراقب بيتها يتحوّل إلى غبار.”
كلماته لم تكن مجرد خطاب، بل كانت دمعةً في عين طفل يحمل مفتاحًا صدئًا، وكانت نظرة عجوز تحفظ خريطة القرى التي محتها الجرافات، وكانت نداءَ الأرض لمن يسمع.
أما أبراهام، فقد أضاف بصوت يرتجف: “صنعنا هذا الفيلم معًا، فلسطينيين وإسرائيليين، لأن أصواتنا معًا أقوى، لأن العدل لا يعرف لونًا واحدًا، ولا وجهةً واحدة. رأينا بأعيننا الخراب، وعرفنا أن الصمت خيانة.”
لكن في قاعة الأوسكار، حيث يعلو التصفيق، كان هناك إدراكٌ آخر: هذا الفيلم ليس فقط عن ماضٍ يُوثَّق، بل عن حاضرٍ لا يزال يُكتب، عن بيوت تُهدم الآن، عن مدن تنادي أهلها ولا يسمعها أحد.
في عالمٍ تُمسح فيه الحقائق بضغطات الأزرار، جاء “لا أرض أخرى” ليكون شاهدًا لا يمكن حذفه، شهادةً سينمائيةً تنزف بالحقيقة، وتعلن أن الأرض تعرف أصحابها، حتى لو زيفوا الخرائط.
وإن كان للفن أن يكون سلاحًا، فقد حمل هذا الفيلم كلمةً تُقاوم، وذاكرةً تُحفظ، وأملًا يُولد في عيون من يرفضون أن يكونوا مجرد أرقام في نشرات الأخبار.

ahmed

Recent Posts

من دهاليز المحاكم السودانية – قصة كرتونة المخدرات

الحلقة الثانية: مناقشة المتحري في قاعة المحكمة، حيث تتراقص الحقائق مع الأوهام، وحيث يصبح الكلام…

3 دقائق ago

(الشيزوفرينيا السياسية)

صباحات وطن الجمال الجديد المنشود وجمعة طيبة مباركة للجميع وعنوان المقال انا وطنيٌ لا علاقة…

3 ساعات ago

هل أخطأ د.عبد الله حمدوك قائد مجموعة صمود حين أصر على موقفه الداعي #لوقف الحرب العبثية حتى اغتاظت منه خارجية بورتسودان.؟

✍️ المستشار/مهيد شبارقة... في أزمنة الحرب حين تختلط الأصوات، ويعلو هدير المدافع والطائرات الحربية على…

3 ساعات ago

عندما يختبرك القدر: رحلة من الظلم إلى العدالة الإلهية”

بقلم : المستشار معاوية أبوالريش "عندما تنقلب الحياة رأساً على عقب" في لحظة واحدة، قد…

3 ساعات ago

الهلال السعودي يتأهل إلى دور 16 بكاس العالم للاندية رفقة ريال مدريد

📘نهاية المباراتين في كأس العالم للأندية :- 🔹ريال مدريد والهلال إلى دور الـ 16 بكأس…

3 ساعات ago

مسيرات في سماء بورتسودان.. والدفاعات الجوية تتصدى

تصدت الدفاعات الجوية في بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للسودان، لهجوم جوي محدود عبر مسيرات تم…

3 ساعات ago