ود الحلة و الجيران لدى اهل بحرى !!

أخبنى احد الاصدقاء انه فى واحدة من رسائل الدكتوراة فى علم الاجتماع كانت بعنوان ” العلاقات و الروابط الاجتماعية فى الاحياء الشعبية” استشهد الطالب بتلك الوشائج و الروابط الاجتماعية والتى لا تقل عن صلات الدم و القرابة التى وجدها فى احياء بحرى القديمة حيث ذكر انه من المدهش استمرار تلك العلاقات بين الجيران و انتقالها من جيل الى اخر ( الاباء و الابناء و الاحفاد” وتستمر العلاقات ولا تنقطع حتى عندما يرحل عن الحى و يبتعد عنه ضاربا المثل بسكان قشلاق البوليس !!
ونحن عندما نستخدم كلمة ” ود الحلة” فهذا يعنى فى الموروث السودانى انك تتحدث عن علاقة عميقة و اسرية حيث ان ابناء الحلة او الحى تربطهم علاقات متينة و ممتدة اذ انهم يولدون و ينشأون و ىترعرعون معا فى نفس المكان و يتشاركون السراء و الضراء ,فمن المعروف ان المدن الكبيرة تتميز بتعدد الاثنيات و القبائل و تتعدد فيها الثقافات و تمتزج جميع مكونات المجتمع فى بوتقة واحدة لتكون الثقافة العامة التى تميز المدينة من الاخريات فتنصهر القوميات و القبائل و تختفى الجهويات فمثلا بدلا ان يتم التعريف بالقبيلة كما كان سائدا فى الماضى يتم التعريف بالمدينة وهذا تطور ايجابى فمثلا بدلا من تعريف الناس بدنقلاوى او شايقى و بقارى مثلا يتم الاستعاضة بها ب بحراوى و امدرمانى و خرطومى و كسلاوى وحتى داخل المدينة الواحدة نجد التعريف بود شمبات وودالصبابى و هكذا . . و مدينة بحرى كما اسلفنا بوصفها مدينة عمالية تحتضن المنطقة الصناعية الاكبر و الاوفر انتاجا فى السودان وهذا بالضرورة يعنى ان مستوى الوعى و التفكير لدى سكان بحرى كان متقدما بسبب العوامل التى ذكرناها وغالبية السكان ينتمون الى الطبقة العاملة مع وجود ملحوظ للطبقة المتوسطة وهذا بدوره انعكس على الاحياء التى يسكن فيها اهل بحرى اذ ا ان غالبيتها احياء شعبية يعيش فيها الحميع من عمال و موظفين و حرفيين بتناغم و انسجام قل ان تجدها فى مكان اخر . واللافت للنظر هو ذلك الترابط والتازر و التضامن بين ابناء الحى الواحد و خصوصا فى الاحياء القديمة حيث نجد ظاهرة الاسرة الكبيرة الممتدة التى تتميز بتعدد الاجيال والتى تضم الاب الوالد و ابناءه و ابناء ابناءه , وهذه الظاهرة و التى هى فى طريقها الى التلاشى و الزوال بسبب ظهور المفاهيم الجديدة و رغبة الاسر الحديثة او المتزوجين حديثا فى الاستقلالية و الابتعاد عن المشاكل او الاحتكاكات التى قد تحدث وهى نتاج طبيعى للاكتظاظ فى مكان واحد كما ان المشاكل القانونية بسبب مشاكل الورثة و التوريث اطلت برأسها و فاقمت من المشكلة , والملاحظ ان الغالبية الكبرى من سكان بحرى قد ارتحلوا الى الحاج يوسف كوجهة اولى و بعدها مناطق شمال بحرى كالدروشاب و السامراب و الخوجلاب و خلافهم كحال اهل امدرمان القديمة الذين ارتلحوا الى الثورات و امبدة و اتخذوها موطن جديد لهم .
ونواصل باذن الله