محمد عبدالله برقاوي
.فيما كان شباب قرى منطقتنا على وجه التحديد وسط الجزيرة وعقب سقوط مدني وغيرها ينشطون ليل نهار لفرض استحكامات التروس على الأرض و يتحصنون عند مداخل القرى و القيام بالدروريات و تجمعات المراقبة على مدار الساعة ..ففي المقابل دأبت لجان الكبار على تلمس نوايا المسلحين الذين كانوا يحاولون استمالة السكان لاسيما القادرين على حمل السلاح بتجنيدهم وهي فكرة قوبلت بالرفض التام ..غير أن ضرورة استمرار دورة الحياة في المجتمعات كانت تدفع بتلك اللجان إلى التواصل الحذر والإضطراري مع قيادات تلك المليشيات التي اتخذت من بعض المواقع في مدينة الحصاحيصا على سبيل المثال كمقرات لما أسمته بالسلطة المدنية ..وهو تواصل املته ضرورة حماية المنطقة من تفلتات المسلحين التي بدأت في تقصد ممتلكات السكان بل وقد راح ضحية تلك الأقتحامات الغاشمة نفر عزيز من المواطنين وكانت منطقة المعيلق مثلا لا حصرا اولى تلك التي تضررت بصورة مفاجئة مما أثار التخوفات في نفوس أهل المناطق الأخرى الشيء الذي حدا بهم للتواصل مع مراكز قيادات المليشيات أو من يدعون أنهم يملكون زمام الأمور في كبح تجاوزها ..وكان الهاجس الذي يؤرق تلك اللجان المحلية التي شكلها المواطنون كخليات إدارة أزمة في ظل غياب السلطة التي كانت قائمة إلى ما قبل سقوط مدني وبقية نواحي الجزيرة حتى على كافة مستويات إدارات مشروع الجزيرة التي اختفت تماما من المشهد لا سيما وأن بعض المحاصيل قد أزف موعد قطافها وكان لابد من التفاهم حتى ولو مع الشيطان لإنقاذ تلك الثروات التي تشكل عصب المعيشة بالنسبة للناس الذين توقفت مصادر دخلهم وكان لابد من تحرك قياداتهم في ذلك الصدد وبالسرعة القصوى .
طبعا جاءت استجابة قادة تلك العصابات لا تخلو من الخبث والمكر وهي التي اتخذت لها ما يسمى بالإرتكازات الأمنية في مختلف القرى والطرقات فكان لها ثمنها الغالي من حيث بسط سيطرة المليشيات على مواقع الإنتاج والري وتوفير الآليات والمبيدات والاسمدة التي لايعرف مصدرها فضلا عن فرض الاتوات الباهظة على حركة المرور التي تناقصت آلياتها ولم تعد ترتاد الطرقات ..فانتشرت بالتالي ظاهرة العربات البدائية التي تجرها الدواب وحتى هذه تتعرض لنهب ما تحمله من سلع إلى جانب سلب هواتف وأموال الذين يتحركون بها كوسيلة مواصلات في المشاوير القصيرة .
ورويدا رويدا تفاقمت ظاهرة التعدي على القرى أثناء النهار و في جنح الليل والتي كانت ترعب الناس وهي تطلق وابلا من رصاص التخويف والردع و الأجبار على التسليم لما يطلبه اولئك الغزاة قساة القلوب ومتجهمي الوجوه .
غير أنه وعلى مستوى قريتنا تلك الوادعة فقد بدأ ينكسر تدريجيا طوق تلك التروس البشرية في ليالي رمضان الثاني بعد انطلاق شرارة الحرب ودخول المليشيات إلى مناطق الجزيرة ..إذ بدأت تحرشات تلك العصابات ومحاولة التعدي على شباب القرية الذين كانوا يطلقون صفارات الانذار المتفق عليها مع السكان كعلامة لقدوم الخطر بينما تعلن مكبرات الصوت عبر مأذن المساجد دعوة السكان ليخرجوا تصديا لاولئك المتحرشين .
ففي المرة الأولى ..دخل اولئك المسلحون بقصد سرقة إحدى السيارات الخاصة مما دفع الناس لمواجهتهم فهربوا وهم يطلقون النار لإبعاد الحشود التي حاصرتهم خارجة من كل فج عميق إلاانهم وأثناء هروبهم اختطفوا صاحب تلك السيارة المستهدفة واحد جيرانه وما لبثوا حتى تركوهم في منطقة خلوية غرب إحدى القرى المجاورة ..وكانت تلك الحادثة نذير شئوم بأن القادم سيكون هو الأسوأ مما يحتم على أهل القرية المزيد من اليقظة والحذر والاستعداد وبالفعل توالت تلك الاستفزازات التي كان الشباب الباسل يتصدى لردعها قبل التوغل في القرية ..وهم العزل إلا من العصي و جسارة القلوب .
ولكن ليلة منتصف رمضان الثاني لم تكن كسابقاتها من حيث التحرشات التخويفية ..إذ باغت بعض المسلحين شباب القرية المرابطين عند القنطرة شرق القرية واعتدوا عليهم في بداية الأمر بالضرب والركل تحت تهديد السلاح مستغلين عدم وجود أية أسلحة نارية أو حتى بيضاء بحوزة فتية التروس الشجعان .
ولكن حينما هبت جموع الناس لدحر تلك المجموعة المعتدية بادرت بإطلاق النار الكثيف عشوائيا على الشباب بل ووجهت رصاصها علينا نحن الكبار الذين انتشرنا أمام القرية لمؤازرة شبابنا الذين لم تلن لهم عزيمة ولم تنكسر شوكةصمودهم و بسالة تصديهم وهم يواجهون تلك النيران المنهمرة كالمطر ..فسقط خلال خمس وأربعين دقيقة فقط من لعلعة الرصاص المتواصلة دون توقف من جانب الغزاة ثلاثة شهداء على الفور من شباب قريتنا .
هم الزين سليمان محمد سليمان..
وشنان خالد ابراهيم النذير .
وعابدين اسكندر سليمان زروق .
وأصيب عدد آخر من شبابنا عملنا على نقل الحالات الحرجة إلى مستشفى رفاعة فورا في تلك الليلة الحالكة السواد بعد أن عجزت إمكانيات مركزي القرية الطبيين عن مواجهة تلك الحالات الموجعة .
وقد لحق الشاب محمد عبد الرحمن حماد برفاقه الشهداء في عليائهم بعد ثلاثة أو أربعة أيام في إحدى مستشفيات القضارف التي أحيل إليها من مستشفى رفاعة نظرا لخطورة حالته .
وكان الشاب مصطفى سليمان الزين قد سبق الجميع في نيل الشهادة قبل مدة ولكن في إحدى المعارك خارج القرية .
لهم جميعا الرحمة من لدن العلي القدير و ربط على قلوب الاهل في مصابهم الجلل أنه رؤوف رحيم..
بينما تماثل بقية المصابين من الشباب للشفاء. ولله الحمد وهم. .
بابكر حمد سليمان ..
طارق عبد العزيز احمد المصطفى….
حذيفة معتصم علي احمد..
محمد كمال دفع الله التقليل..
.ياسر خير السيد علي خير السيد..
.احمد محمد احمد القرشي…
شوقي صلاح الدين سليمان حمد..
اصف احمد عبد الله احمد بابكر..
.عوض بلل الشيب ..
محمد يوسف العطا..
وفي ذكرى استشهاد اولئك النفر من ابطال القرية …اقيم بالامس افطار رمضاني جماعي شارك فيه المئات وافترشوا ذات الموقع في نفس
الارض التي روتها تلك الدماء الطاهرة . وتناول المتحدثون تخليد تلك الذكرى تقريظا و تمجيدا مشيدين بمآثر اهل القرية نساءا ورجالا شيبا وشبابا في مواجهة تلك المحنة خلال عام كامل من البذل والعطاء والصمود والتعاضد والايثار.
داعين للمزيد من اعداد النفوس لدرء اي خطر قد يتهدد القرية لا قدر الله ..وبذات الروح .
يتبع..
أفادت مصادر مطلعة بحصول رئيس كيان الشمال محمد سيدأحمد سرالختم الجكومي، رئيس مسار الشمال في…
في خطوة مفاجئة ومثيرة للجدل، أصدر وزير الداخلية السوداني أول قراراته عقب توليه المنصب، والتي…