تحركات الدعم السريع شمال السودان: قراءة استراتيجية مع اللواء يوسف محيسي .

في ظل التحركات العسكرية المتسارعة لقوات الدعم السريع في تخوم مدينة الدبة، تبرز أسئلة ملحّة حول طبيعة هذه الخطوة، أهدافها، ورسائلها العسكرية والسياسية. ورغم أن البعض يرى فيها مؤشراً لتصعيد محتمل، يرى آخرون أنها جزء من إعادة تموضع محسوبة تهدف لضبط الاستقرار ومنع انزلاق الشمال إلى فوضى محتملة.
في هذا السياق، التقينا بالخبير العسكري والاستراتيجي اللواء (م) يوسف محيسي، الذي قدّم رؤية تحليلية شاملة تُسلّط الضوء على أبعاد التحرك الميداني الأخير لقوات الدعم السريع.
⸻
.. المـريديان تايمز : كيف تقيّمون التحركات العسكرية الأخيرة لقوات الدعم السريع في محيط الدبة؟
محيسي : هذه التحركات ليست عشوائية، بل تعكس مستوى عالٍ من الانضباط والتخطيط العسكري. الدعم السريع، بخبرته المتراكمة في إدارة جبهات واسعة ومعقّدة، يعرف تماماً أهمية الدبة كمنطقة استراتيجية، خصوصاً في ظل تصاعد التهديدات ومحاولات زعزعة الاستقرار من بعض الجيوب الخارجة عن السيطرة.
⸻
.. المـريديان تايمز : البعض يرى أنها مقدّمة لاجتياح، ما تعليقكم؟
محيسي : الاجتياح ليس هدفاً بحد ذاته. ما تقوم به القوات هو خلق توازن ردع. مجرد التمركز بهذه الطريقة يبعث رسالة واضحة بأن أي تحرك عدائي سيتم التعامل معه بصرامة، ولكن ضمن قواعد الانضباط العسكري، وهذا ما يفتقر إليه الطرف الآخر في كثير من الأحيان.
⸻
.. المريديان تايمز هل تحمل هذه الخطوة أبعادًا نفسية إلى جانب العسكرية ؟
محيسي : بالتأكيد. الحرب في السودان لم تعد تقليدية فقط، بل نفسية بامتياز. الدعم السريع يستخدم أدواته بذكاء: تحركات محسوبة، رسائل ميدانية، وإدارة للرأي العام. الهدف ليس التصعيد فقط، بل فرض واقع ميداني يُذكر الطرف الآخر بأن زمام المبادرة ليس بيده.
⸻
.. المـريديان تايمز:كيف تتوقعون أن يتفاعل الجيش السوداني مع هذا التموضع ؟
محيسي : إن كانت هناك حكمة في القيادة العسكرية للجيش، فسيتفادون التصعيد. الدعم السريع اليوم ليس كما كان في بدايات الأزمة؛ تطوّر تنظيميًا وعملياتيًا، وأثبت قدرته على التحرك بفاعلية على أكثر من جبهة. التهور في مواجهة مثل هذه القوة ستكون عواقبه كبيرة.
⸻
.. المـريديان تايمز هناك مخاوف من تأثير التحركات على السكان المحليين، ما تعليقكم ؟
محيسي : الدعم السريع، رغم كل الحملات التي حاولت تشويه صورته، أثبت في أكثر من مناسبة أنه يتحرك بحساسية تجاه المدنيين. الهدف من التمركز هو حماية المناطق الحيوية ومنع تسلل الفوضى، وليس إقلاق المواطنين. التوتر طبيعي في أي منطقة تشهد نشاطًا عسكريًا، لكن القيادة الميدانية واعية تماماً لهذا الجانب.
⸻
.. المريديان تايمز : هل ترى أن هناك أطرافًا خارجية تراقب أو تتأثر بهذه التحركات ؟
محيسي : بالتأكيد. ما يجري في شمال السودان ليس محليًا فقط، بل يحمل أبعادًا إقليمية. الرسائل تصل للعواصم المجاورة وللقوى الدولية التي تتابع الملف السوداني. الدعم السريع يبعث بإشارة مفادها أنه لاعب ميداني لا يمكن تجاهله، وأن لديه القدرة على تأمين المواقع الحيوية متى استدعت الضرورة .
.. المريديان تايمز : ما رسالتكم الأخيرة للاطراف الاخرى في السودان ؟
محيسي : الاستقرار لا يُفرض بالقوة وحدها، بل بالرؤية والواقعية. وقوات الدعم السريع أثبتت أنها تملك هذه المعادلة. إن أردنا تجنّب التصعيد، فعلى الجميع التعامل مع هذه القوة باعتبارها شريكاً في المعادلة الأمنية والسياسية، لا خصماً يُستفز أو يُستبعد.