موسى داؤد يكتب : صرخة إنسانية من قلب الجراح: دعوة لمحاسبة مليشيا الموت ومناصرة حق الحياة في السودان

في مشهد يعيد إلى الذاكرة أحلك فصول الظلم في التاريخ المعاصر، ترتكب مليشيات الدعم السريع الإرهابية جرائم فادحة ضد الإنسان والأرض في السودان، في خرقٍ صارخ لكل الأعراف الدولية والمواثيق الإنسانية، وتحدٍ سافرٍ لكل المبادئ التي قامت عليها شرعة حقوق الإنسان.

لقد قامت هذه المليشيات الإجرامية بمحاصرة مدينة الفاشر، حيث يُمنع أهلها من الغذاء والدواء، ويُحاصرون جوعًا ومرضًا وسط صمت دولي مخزٍ. كما استهدفت سد مروي بالطائرات المسيّرة، وهو مرفقٌ حيوي يُعد شريان حياة لملايين المواطنين، لا علاقة له بالعمل العسكري، بل هو ركيزة من ركائز البنية الخدمية التي تمدّ الناس بالماء والطاقة.

إن استهداف هذه المنشآت لا يعدو كونه جريمة مكتملة الأركان، وانتهاكًا فاضحًا لكل المعايير الأخلاقية والإنسانية. فكما أدان العالم تنظيم القاعدة عقب اعتدائه على برجي التجارة في نيويورك، فإن واجب الإنسانية اليوم يقتضي إدانة هذه المليشيات التي لا تقل خطرًا ودموية، بعدما أحالت مدن السودان إلى ساحات خراب، ودمرت الكهرباء والمياه والمستشفيات، وسرقت المحال التجارية، وأحرقت الحقول، وقتلت الرعاة، وسلبت المزارعين قوت يومهم.

إن الشعب السوداني اليوم، بكل أطيافه، يرفع صوته عاليًا مناديًا العالم: أوقفوا هذا الخراب!
فما ذنب الإنسان السوداني حتى يُدفن حيًّا وسط الرماد؟ وما جرمه حتى يُمنع من شربة ماء أو دواء طفل؟

هذه جرائم ضد الإنسانية، لا يجوز الصمت عنها، ولا يليق التواطؤ مع مرتكبيها. فالمساس بمصادر الحياة – من ماءٍ وكهرباء وغذاء – هو إعدامٌ بطيء لشعب بأكمله. والحصار على الفاشر، والضربات على الشمال، تمثل استهدافًا ممنهجًا للإنسان، وللانتماء الجغرافي والعرقي، في تجاوز خطير يضع هذه المليشيا في مصاف أخطر الجماعات الإرهابية.

إننا نطالب المجتمع الدولي، والمنظمات الحقوقية، وكل أصحاب الضمير الحي، أن ينهضوا لنصرة الشعب السوداني، ويقفوا بوجه آلة الموت التي تحاول طمس ملامح الحياة في هذا الوطن الكريم.

فحقوق الإنسان لا تعرف انتقاء، والعدالة لا تميز بين الضحايا. وإن كان للعالم ذاكرة، فليتذكر الآن أن في السودان شعبًا يُباد في وضح النهار، وتُرتكب بحقه جرائم لا تسقط بالتقادم.

نحن نؤمن بأن الحق لا يموت، وإن طال أمد الظلم، وسيظل صوت السودان عاليًا: نرفض القتل، وندين الإستهداف الممنهج من قبل مليشيات الدعم السريع الإرهابية ، ونطالب بالعدالة والقصاص.