#image_title
” بقلم /معاوية أبوالريش
في مشهد يكاد يكون نسخة كربونية لما سبق، تتكشف خيوط المؤامرة أمام أعين الشعب السوداني المنهك من الحروب والصراعات، حيث أصبح تعيين محمد طاهر إيلا، القيادي السابق في حزب المؤتمر الوطني المحلول ووالي ولاية البحر الأحمر في عهد البشير، رئيساً للوزراء، بمثابة الإعلان الرسمي لعودة النظام البائد بثوب جديد.
“خداع متقن وخطة محكمة”
مع تعيين الفريق عبد الفتاح البرهان لمحمد طاهر إيلا، تسقط الأقنعة وتتكشف الحقائق أمام الشعب السوداني. فالبرهان الذي طالما أكد في خطاباته المتكررة أنه “لن يكون هناك مكان لحزب المؤتمر الوطني المحلول في الفترة المقبلة”، وحذّر عناصر الحزب من الاقتراب من الجيش، يكشف اليوم عن وجهه الحقيقي ونواياه المبيتة.
لم تكن تلك التصريحات سوى مخدر لتنويم الشعب والثوار، بينما كانت الخطط تُحاك في الظلام لإعادة إنتاج النظام البائد وتدويره بوجوه تحمل نفس الأيديولوجيا والأهداف. فالرجل الذي جاء به عوض بن عوف بعد أن رفضه الثوار ، لم يكن سوى الوجه الآخر لعملة واحدة.
“الحرب العبثية: أداة للعودة إلى السلطة”
هذه الحرب المدمرة التي أودت بحياة الآلاف من الأبرياء وتسببت في جرح عشرات الآلاف وتشريد ونزوح الملايين ، لم تكن سوى مسرحية مُحكمة أشعلها فلول النظام البائد لتأمين عودتهم إلى السلطة. فقد كان الهدف الأساسي من إشعال هذه الحرب هو قطع الطريق على توقيع الاتفاق الإطاري الذي كان من شأنه أن يؤسس لمرحلة انتقالية حقيقية تقود البلاد نحو الديمقراطية.
وها نحن اليوم نرى كتيبة البراء بن مالك، الذراع العسكري لحزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية، تقاتل جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة السودانية، بعد أن شاركت سابقاً في فض اعتصام القيادة العامة، في إشارة واضحة إلى حجم التنسيق والتخطيط المسبق بين أطراف مختلفة تجمعها أهداف واحدة.
” منظومة الخداع المستمرة”
تاريخ الحركة الإسلامية في السودان حافل بالخداع والمراوغة. فمنذ انقلاب الإنقاذ عام 1989، وهم يتقنون فن التحول والتلون، يغيرون الأسماء والواجهات، لكن الجوهر والمضمون يظل واحداً. فبعد سقوط نظام البشير، استماتوا للعودة من جديد، متخذين من الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية غطاءً لتحركاتهم.
إن ما يحدث اليوم ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل من المؤامرات التي تستهدف مصادرة إرادة الشعب السوداني وطموحاته في بناء دولة مدنية ديمقراطية تسودها العدالة والمساواة. فالحركة الإسلامية التي ساهمت في قتل وتشريد الملايين من أبناء السودان على مدى ثلاثة عقود، وبعد إشعال هذه الحرب تسعى اليوم للعودة من جديد، مستغلة حالة الفوضى والدمار التي خلفتها الحرب الأخيرة.
” نداء إلى الشعب السوداني”
أيها الشعب السوداني العظيم، آن الأوان لإدراك حجم المؤامرة التي تُحاك ضدكم. فالخديعة التي تعرضتم لها مرة تلو الأخرى، يجب أن تكون درساً لا يُنسى. إن عودة رموز النظام البائد إلى المشهد السياسي من جديد، تستوجب منكم اليقظة والوحدة في مواجهة هذا المخطط الخطير.
لا تدعوا دماء الشهداء تذهب هدراً، ولا تسمحوا بأن تُسرق تضحياتكم مرة أخرى. فالثورة المستمرة هي السبيل الوحيد لاستعادة الوطن من مخالب العصابة التي نهبته وأفقرته ومزقته على مدى عقود.
” البُعد الإقليمي والدولي للتعيين”
لا يمكن فهم تعيين محمد طاهر إيلا بمعزل عن السياق الإقليمي والدولي. فهناك قوى إقليمية معروفة بدعمها للحركات الإسلامية في المنطقة، تسعى لاستعادة نفوذها في السودان عبر إعادة تدوير وجوه النظام البائد. هذه القوى التي قدمت الدعم المالي والعسكري واللوجستي للبرهان، لها مصلحة مباشرة في عودة نظام موالٍ لها يحمي مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية في السودان.
كما أن هناك صمتاً دولياً مريباً تجاه هذه التطورات، فالمجتمع الدولي الذي طالما تغنى بدعم التحول الديمقراطي في السودان، يبدو اليوم متواطئاً بصمته وتجاهله لعودة منظومة الإسلام السياسي للمشهد من جديد. هذا الصمت ليس سوى ضوء أخضر للانقلابيين ليمضوا قدماً في مخططاتهم لإجهاض مطالب الشعب السوداني في الحرية والعدالة والسلام.
” تجفيف منابع الثورة”
إن تعيين إيلا يأتي في سياق استراتيجية متكاملة تهدف لتجفيف منابع الثورة وتفكيك تحالفاتها. فبعد أن نجح البرهان وحلفاؤه في إشعال الحرب وتأجيج الصراعات الإثنية والجهوية، ها هو اليوم يسعى لإعادة تقديم نفسه كمنقذ للبلاد من الفوضى والدمار، مستغلاً معاناة المواطنين وحاجتهم الماسة للأمن والاستقرار.
إن استراتيجية “خلق الأزمة ثم تقديم الحل” هي إحدى أهم أدوات النظم الاستبدادية للالتفاف على إرادة الشعوب والبقاء في السلطة. وهذا بالضبط ما نشهده اليوم في السودان، حيث يتم توظيف الأزمات الإنسانية والصراعات المسلحة كغطاء لإعادة إنتاج النظام البائد وإعادته للواجهة بأثواب جديدة.
” الصراع على موارد السودان”
ثمة بُعد اقتصادي لا يمكن إغفاله في هذا السياق، فالسودان بموارده الطبيعية الهائلة من ذهب وبترول وأراضٍ زراعية خصبة، يمثل غنيمة كبرى لمن يسيطر على مقاليد السلطة فيه. ولعل هذا ما يفسر الإصرار المحموم لفلول النظام البائد والحركة الإسلامية على العودة للسلطة، حتى لو كان ذلك على حساب دماء الآلاف وتشريد الملايين.
فمحمد طاهر إيلا، بصفته أحد رموز النظام السابق، يعرف جيداً شبكات المصالح والنهب المنظم التي أسسها نظام البشير على مدى ثلاثة عقود، وهو بالتالي الشخص المناسب لضمان استمرار هذه المنظومة وحماية مكتسبات المنتفعين منها.
” صحوة قبل فوات الأوان”
إن تعيين محمد طاهر إيلا، أحد رموز النظام البائد، رئيساً للوزراء، ليس سوى إعلان صريح لعودة منظومة الإسلام السياسي للسلطة من جديد. وهنا يقع على عاتق الشعب السوداني مسؤولية تاريخية في التصدي لهذه المحاولة اليائسة لإجهاض ثورته ومصادرة أحلامه.
لقد دفع السودانيون ثمناً باهظاً من دمائهم وأرواحهم في سبيل الحرية، فلا يمكن أن يسمحوا اليوم بسرقة تضحياتهم وإعادة إنتاج الكابوس الذي عاشوه لأكثر من ثلاثين عاماً. فإما أن يستيقظ الشعب من غفلته ويوحد صفوفه في وجه هذه المؤامرة، وإما أن يستسلم لقدر مظلم يعيد إنتاج المأساة بصورة أشد قسوة وألماً.
الخيار اليوم بيد الشعب السوداني وحده، ولا خيار سوى مواصلة النضال حتى إسقاط منظومة الفساد والاستبداد نهائياً. فالثورة مستمرة حتى النصر، وصوت الشهداء لن يخفت أبداً ما دام هناك من يحمل المشعل ويواصل الدرب.
أفادت مصادر مطلعة بحصول رئيس كيان الشمال محمد سيدأحمد سرالختم الجكومي، رئيس مسار الشمال في…
في خطوة مفاجئة ومثيرة للجدل، أصدر وزير الداخلية السوداني أول قراراته عقب توليه المنصب، والتي…
متابعه : المغيرة بكري : " أمدر تايمز" شارك المستشار الإعلامي أيمن أبو زيد في…
متابعة : صحيفه امدر تايمز حرص المستشار الإعلامي أيمن أبو زيد خبير الإعلام الإقتصادي وكبير…
أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بقرار المحكمة العليا الأميركية، الجمعة، الذي قيّد سلطة القضاة الفيدراليين…