#image_title
بقلم : المستشار معاوية أبوالريش
يطرح المستشار القانوني أحمد التجاني دلدوم الختيم في مقاله إشكالية بالغة الأهمية تتعلق بمصير المنظومة العدلية السودانية في ظل الحرب التي أتت على مقار المؤسسات القضائية وما تحتويه من وثائق وملفات. سأقدم هنا تعقيباً على هذا المقال مع اقتراح بعض الحلول للتساؤلات التي طرحها المستشار أحمد التجاني دلدوم الختيم .
أولاً: الإطار القانوني لمعالجة فقدان الملفات العدلية.
“المصير القانوني للملفات القضائية المدمرة”
يمكن تطبيق نظرية “القوة القاهرة” كأساس قانوني للتعامل مع هذه الحالة الاستثنائية ، من خلال إصدار تشريع خاص للتعامل مع الملفات المفقودة يعتمد على مبدأ “استمرارية المرفق العام للعدالة”
و تأسيس لجان قضائية متخصصة لإعادة تكوين الملفات بناءً على أدلة بديلة معتمدة.
“النص على آليات إثبات الحقوق بعد فقدان المستندات” وذلك باعتماد مبدأ “حرية الإثبات الاستثنائية” للقضايا المتضررة من الحرب ، و قبول وسائل إثبات بديلة، مثل النسخ من الملفات والوثائق المحفوظة لدى المحامين أو أطراف الدعوى ، وقبول الشهادات الموثقة من القضاة والمحامين الذين تعاملوا مع القضايا ، و توثيق أقوال أطراف النزاع بإجراءات خاصة ، و اعتماد أي تسجيلات سمعية أو بصرية للجلسات إن وجدت.
ثانياً: الإجراءات العملية المقترحة
” معالجة البلاغات والدعاوى قيد النظر” لا يمكن اعتبار هذه الدعاوى منتهية، بل يجب إنشاء آلية قانونية لإحيائها و تشكيل محاكم استثنائية للنظر في القضايا التي كانت قائمة ، مع إقرار فترة انتقالية لتقديم طلبات “إعادة تفعيل الدعاوى المفقودة ملفاتها” إجراءات إعادة فتح القضايا:
لا بد من تأسيس “مكاتب استعلامات قضائية” في المناطق المتضررة و وضع آلية موحدة لتقديم طلبات استعادة ملفات القضايا ، و اعتماد نظام تصنيف أولويات للقضايا (جنائية خطيرة، قضايا حقوقية ملحة، قضايا مدنية) وكذلك لابد من تفعيل مبدأ “الإقرار القضائي” كوسيلة لإثبات وجود الدعاوى السابقة
” كيفية التعامل مع الأحكام الصادرة غير المنفذة” لابد من اعتماد النسخ المصدقة من الأحكام (إن وجدت) لدى المحامين أو أطراف الدعوى.
و إنشاء سجل وطني موحد للأحكام استناداً إلى التوثيق الرسمي المتاح
و تخصيص آلية لمراجعة الأحكام الجنائية لضمان عدم الإضرار بالحقوق الأساسية للمتهمين.
“السلطة القانونية لإعادة تنظيم السجلات ” لابد كذلك من منح صلاحيات استثنائية للسلطة القضائية (أو أي هيئة مؤقتة تقوم مقامها)
بإصدار قانون خاص وليكن “قانون إحياء الملفات القضائية” يُؤسِّس لمرجعية قانونية واضحة ، و إشراك وزارة العدل والنيابة العامة ونقابة المحامين في عملية إعادة البناء
ثالثاً: حلول إضافية: كذلك لابد من توظيف التكنولوجيا، بإنشاء منصة رقمية لتسجيل بيانات الدعاوى المفقودة وإعادة تكوينها ، و تأسيس نظام سحابي لحفظ الوثائق القضائية الجديدة مع نسخ احتياطية متعددة
و الاستعانة بخبراء في استعادة البيانات من الأجهزة المتضررة إن وجدت
” العدالة التصالحية والبديلة”
كذلك لابد من تشجيع التسويات الودية والمصالحات في القضايا المدنية لتخفيف العبء القضائي ، و اعتماد الوساطة والتحكيم في حل النزاعات التجارية والمدنية، و تفعيل العدالة المجتمعية في المناطق النائية بإشراف قضائي
” التعاون الدولي”
ويكون ذلك من خلال طلب المساعدة التقنية من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP لإعادة بناء المنظومة العدلية، و دعوة منظمات دولية متخصصة مثل International Legal Assistance Consortium للمساهمة في إعادة الهيكلة، و الاستفادة من تجارب الدول التي مرت بظروف مماثلة مثل (العراق، ليبيريا، سيراليون) وخاصة في آليات التوثيق البديل.
رابعاً: “خارطة طريق للتنفيذ”
وذلك من خلال تقسيم العمل الى عدة مراحل ، مرحلة عاجلة (1-3 أشهر)
و تشكيل لجنة عليا لإنقاذ المنظومة العدلية، وحصر الضرر وتقييم الوضع الحالي للسجلات والملفات ، و إقرار تشريعات طارئة للتعامل مع الوضع الاستثنائي.
مرحلة متوسطة (3-12 شهراً):
ويتم فيها بدء استقبال طلبات إعادة تكوين الملفات القضائية، و إنشاء البنية التحتية التقنية للنظام العدلي الجديد
و تدريب كوادر قضائية للتعامل مع القضايا وفق الإجراءات الجديدة مرحلة بعيدة المدى (1-3 سنوات):
يتم فيها إتمام عملية إعادة بناء وتطوير المنظومة العدلية، و تطبيق نظام أرشفة إلكتروني موزع جغرافياً يضمن عدم تكرار الكارثة، و إنشاء مراكز قضائية غير مركزية للحد من تأثير أي كوارث مستقبلية.
إن حماية الحقوق والعدالة في ظروف الحرب والنزاعات تمثل تحدياً استثنائياً يتطلب حلولاً غير تقليدية. كما قال المستشار التجاني “الحق لا يحترق”، فالملفات والوثائق قد تحترق لكن الحقوق تبقى قائمة تنتظر آليات إنصاف جديدة.
إن إعادة بناء المنظومة العدلية في السودان ليست مجرد ضرورة تقنية، بل هي خطوة أساسية في إعادة بناء الثقة بمؤسسات الدولة وترسيخ سيادة القانون كأساس لأي استقرار مستقبلي.
أفادت مصادر مطلعة بحصول رئيس كيان الشمال محمد سيدأحمد سرالختم الجكومي، رئيس مسار الشمال في…
في خطوة مفاجئة ومثيرة للجدل، أصدر وزير الداخلية السوداني أول قراراته عقب توليه المنصب، والتي…