رأي أمدر
في مشهد يعكس تعقيد التداخل بين القانون الدولي ومصالح الدول، قررت محكمة العدل الدولية، الإثنين ، شطب الدعوى التي تقدم بها السودان ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعوى افتقارها للاختصاص، استنادًا إلى تحفظ أبو ظبي على المادة التاسعة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية. قرار المحكمة، الذي جاء بأغلبية تسعة أصوات مقابل سبعة، يعيد إلى الواجهة إشكاليات النظام القانوني الدولي وأوجه القصور في آليات تحقيق العدالة الدولية.
السياق: مأساة إنسانية وصمت قانوني
تعود تفاصيل القضية إلى الخامس من مارس الماضي، حين رفعت الحكومة السودانية دعوى قضائية تتهم فيها الإمارات بالتواطؤ في جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها قوات الدعم السريع بحق عرقية المساليت في إقليم غرب دارفور، حيث وثقت منظمات حقوقية دولية جرائم ترقى إلى مستوى الفظائع ضد الإنسانية. وطالب السودان المحكمة باتخاذ تدابير مؤقتة لمنع استمرار هذه الانتهاكات، وضمان عدم تكرارها، بما يشمل إلزام الإمارات بالتوقف عن أي أفعال تشكل انتهاكًا لأحكام الاتفاقية والمعاهدات الدولية ذات الصلة.
المحكمة أمام حدودها القضائية
رغم الإقرار من قبل المحكمة بـ”القلق البالغ” إزاء المأساة الإنسانية التي يشهدها السودان، إلا أن نطاق اختصاصها ظل مقيدًا بنصوص الاتفاقية ذاتها، إذ تحفظت الإمارات منذ انضمامها في نوفمبر 2005 على المادة التاسعة، التي تمنح المحكمة صلاحية الفصل في النزاعات المتعلقة بتفسير وتطبيق الاتفاقية. هذا التحفظ منح أبو ظبي حصانة إجرائية حالت دون نظر المحكمة في الموضوع، وأفضى إلى شطب الدعوى من القائمة العامة.
المفارقة القانونية والأخلاقية
يثير هذا القرار تساؤلات جوهرية حول فعالية النظام القانوني الدولي في التصدي للجرائم الجماعية، خاصة حين تتمكن الدول من الإفلات من الرقابة القضائية عبر تحفّظات قانونية تمنع مساءلتها أمام أعلى سلطة قضائية دولية. فرغم وجود اتفاقية دولية تهدف صراحة لمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، تبقى آليات تنفيذها معطّلة بفعل خيارات قانونية وسياسية تتيح لدول أطراف في الاتفاقية تعطيل أدواتها الإجرائية.
بين العدل والسياسة
من الواضح أن قرار المحكمة يعكس إشكالية أعمق تتجاوز حدود النصوص، إذ يكشف عن تغليب مقتضيات السيادة الوطنية والتحالفات السياسية على ضرورات العدالة الدولية. فاستمرار صمت المحافل القضائية عن مساءلة الدول المتورطة في صراعات إقليمية يهدد مصداقية النظام الدولي، ويزيد من معاناة ضحايا النزاعات الذين لا يجدون ملاذًا عدليًا يحمي حقوقهم.
خاتمة: الحاجة إلى إصلاح جذري
إن شطب هذه الدعوى لا يمثل مجرد إغلاق لملف قضائي، بل يعكس ثغرة بنيوية في النظام القانوني الدولي تستوجب مراجعة عاجلة. إذ لا يمكن لنظام يزعم حماية الإنسان من الفظائع الكبرى أن يسمح بتحصين الدول من المساءلة تحت غطاء التحفظات، في الوقت الذي تتفاقم فيه الجرائم الجماعية، كما هو الحال في غرب دارفور. إن ما حدث يعيد التأكيد على الحاجة الماسّة لإصلاحات هيكلية في آليات العدالة الدولية، تضمن أن تبقى العدالة فوق الحسابات السياسية، وأن تظل حقوق الإنسان في صدارة أولويات المجتمع الدولي.
نشرت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، يوم الخميس، تفاصيل محادثة بين ترامب ونتنياهو وديرمر وماركو روبيو،…
أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طاولت المواقع النووية بعد 12 يومًا من…
مروي إعلام المحلية.رصد الحسن عبدالمهيمن طمأن قائد شعبة* إستخبارات الفرقة (19) مشاة مروي العقيد…
تقدمت الإعلامية *مروة عيد*، مقدمة البرامج المعروفة وصاحبة البصمة الإعلامية المتميزة، بأصدق التهاني والتبريكات إلى…
ذكرت شبكة "سي إن إن"، مساء اليوم الخميس، أن الولايات المتحدة تدرس استبدال موقع فوردو…
لندن / الخميس 26 / 06 / 2025 رحَّب رئيس الكتلة الديمقراطية نائب رئيس الحزب…