#image_title
بقلم : معاوية أبوالريش
تمثل مراكز سند للخدمات في سلطنة عُمان نموذجاً رائداً للشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث استطاعت هذه المراكز في فترة وجيزة أن تحدث نقلة نوعية في تقديم الخدمات الحكومية والخاصة للمواطنين والمقيمين والمستثمرين. تتميز هذه التجربة بجودة فكرتها وتنوع خدماتها، مما يجعلها نموذجاً مثالياً يمكن نقله إلى السودان بعد أن تضع الحرب اللعينة أوزارها، لدعم جهود إعادة الإعمار والتنمية.
تستند مراكز سند للخدمات على رؤية واضحة تتمثل في أن تكون الجهة الرئيسية لتقديم وإنجاز خدمات الجهات الحكومية والخاصة بما يعزز الحكومة الإلكترونية، ورسالة هادفة لتسهيل تعاملات الأفراد ومنشآت القطاع الخاص مع الجهات الحكومية والخاصة، من خلال تقديم خدمات إلكترونية بكفاءة وسرعة عالية بأيدي قوى عاملة وطنية مدربة ومؤهلة.
تكمن قوة فكرة مراكز سند في بساطتها وفعاليتها، فهي تعتمد على تأسيس شبكة من المراكز الصغيرة والمتوسطة المملوكة للشباب العُماني، لتقديم خدمات حكومية وخاصة بكفاءة عالية. نجحت هذه المراكز في تقليص زمن إنجاز المعاملات من أيام إلى ساعات أو حتى دقائق، وتوفير الجهد على المواطنين والمقيمين عبر تقديم الخدمات في مكان واحد، بالإضافة إلى خلق فرص عمل للشباب العُماني المؤهل، والمساهمة في تحقيق أهداف الحكومة الإلكترونية، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
تقدم مراكز سند مجموعة واسعة من الخدمات للمواطنين، تشمل إصدار وتجديد بطاقات الهوية والجوازات، وخدمات الأحوال المدنية من شهادات ميلاد وزواج وغيرها، ودفع الفواتير الحكومية والخاصة، وخدمات التأمين الصحي والاجتماعي، وخدمات البلديات والخدمات العامة. أما بالنسبة للمستثمر الأجنبي، فتوفر مراكز سند خدمات تسجيل الشركات وإصدار التراخيص التجارية، وخدمات تصاريح العمل والإقامة للعاملين، والمساعدة في إتمام الإجراءات القانونية للاستثمار، وتسهيل التعامل مع الجهات الحكومية المختلفة، وتوفير المعلومات اللازمة عن بيئة الاستثمار في عُمان.
ساهمت مراكز سند في تحقيق مكاسب اقتصادية متعددة للسلطنة، منها خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة للشباب العُماني، وتقليل تكاليف تقديم الخدمات الحكومية، وتعزيز بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كمحرك للتنمية الاقتصادية، وتسريع التحول نحو الاقتصاد الرقمي.
وحينما تضع الحرب أوزارها في السودان، طال الزمن أم قصر، يمكن للسودان الاستفادة من التجربة العُمانية في مراكز سند من خلال إعادة بناء البنية التحتية للخدمات، واستغلال مراكز سند كآلية سريعة لإعادة تقديم الخدمات الحكومية، وتوفير منصة موحدة للتعامل مع مختلف الجهات في فترة إعادة الإعمار، وتقليل العبء على المؤسسات الحكومية في فترة التعافي.
كما ستساهم هذه المراكز في تمكين الشباب السوداني من خلال توفير فرص عمل سريعة للشباب المتعلم والمؤهل، وتحويل طاقات الشباب من حالة الإحباط إلى المشاركة الفاعلة في إعادة الإعمار، وبناء قدرات القوى العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ستعمل مراكز سند في السودان على تسريع التعافي الاقتصادي عبر تسهيل عودة النشاط الاقتصادي بتبسيط الإجراءات، وجذب الاستثمارات الأجنبية بتوفير بيئة خدمية متطورة، وتشجيع المغتربين السودانيين على الاستثمار في وطنهم. كما ستعزز هذه المراكز الحوكمة والشفافية من خلال تقليل التعقيدات البيروقراطية التي تشجع على الفساد، وأتمتة الإجراءات مما يقلل من فرص التلاعب، وتحسين تجربة المواطن في التعامل مع الخدمات العامة.
لنقل تجربة مراكز سند إلى السودان بعد انتهاء الحرب، يمكن اتباع خطوات عملية تبدأ بإرسال وفد سوداني من المسؤولين والقطاع الخاص لدراسة التجربة العُمانية عن قرب، وتوقيع اتفاقية تعاون بين البلدين لنقل الخبرات والتقنيات، وتطوير إطار تشريعي وتنظيمي مناسب للبيئة السودانية، وتدريب الكوادر السودانية على إدارة وتشغيل هذه المراكز، وإطلاق مشروع تجريبي في العاصمة الخرطوم قبل التوسع تدريجياً إلى باقي الولايات.
في الختام، تعتبر تجربة مراكز سند في سلطنة عُمان نموذجاً يستحق الدراسة والتطبيق في السودان بعد انتهاء الأزمة الحالية. فهذه المراكز لا تقدم فقط خدمات حكومية وخاصة بكفاءة عالية، بل تساهم أيضاً في خلق فرص العمل وتعزيز التنمية الاقتصادية. إن نقل هذه التجربة إلى السودان سيشكل خطوة هامة نحو إعادة بناء مؤسسات الدولة وتحسين حياة المواطنين وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار.
لقد أثبتت سلطنة عُمان من خلال مراكز سند أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص يمكن أن تحقق نتائج استثنائية في تطوير الخدمات الحكومية، وهو ما يحتاجه السودان بشدة في مرحلة إعادة الإعمار والتعافي. فمع اقتراب نهاية الأزمة الحالية – إن شاء الله – يأتي الوقت للتفكير في مستقبل أفضل قائم على الابتكار والتطوير والاستفادة من تجارب الدول الشقيقة الرائدة مثل سلطنة عُمان، لبناء سودان جديد تسوده العدالة والازدهار.
أفادت مصادر مطلعة بحصول رئيس كيان الشمال محمد سيدأحمد سرالختم الجكومي، رئيس مسار الشمال في…
في خطوة مفاجئة ومثيرة للجدل، أصدر وزير الداخلية السوداني أول قراراته عقب توليه المنصب، والتي…