Categories: الأخبار

أماني الطويل : الصراع السياسي و الدور الإقليمي وآفاق السلام للأزمة السودانية

تعتبر الأزمة السودانية من أبرز التحديات التي تواجهها المنطقة، حيث تتداخل فيها العديد من العوامل السياسية والأمنية والاجتماعية. وفي هذا السياق، تم استضافة الدكتورة أماني الطويل، صحفية باحثة وخبيرة في الشؤون السودانية ومديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لمناقشة الوضع الحالي في السودان وتأثيراته الإقليمية نرصد ابرز تصريحاتها مع برنامج مع عزام  كالاتي :

شهدت الفترة الأخيرة تطورات خطيرة في المشهد السوداني، حيث انتقل الصراع من الاشتباكات التقليدية إلى صراعات أكثر تعقيدًا تتضمن هجمات بأسلحة نوعية جديد. هذه المعطيات تشير إلى تحول كبير في المعادلة السياسية والعسكرية في البلاد، مما يجعل الوضع مهددًا بشكل وجودي للدولة السودانية وللأمن الإقليمي والدولي.

علاوة على ذلك، تضيف الطبيعة المفتوحة للحدود السودانية مع الدول المجاورة تعقيدًا آخر، حيث يمكن أن تؤدي الصراعات الداخلية إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة. إن الناظر إلى الوضع يجد أن التوترات الحالية تتطلب تفكيرًا هادئًا وتنازلات من جميع الأطراف لضمان الحفاظ على وحدة السودان.

تتجه الأنظار إلى مصر، بصفتها الدولة الجارة الكبرى، لتعكس موقفها من الأحداث في السودان. تم انتقاد الموقف المصري على أنه دعم لأحد الأطراف، بينما يُعتبر الأمر أكثر تعقيدًا من ذلك. النقاط الأساسية التي تجمعها بالملف السوداني تتطلب تحليلاً عميقًا لفهم كيف يمكن لمصر أن تُعيد بناء العلاقات مع السودان دون التدخل المباشر.

قد تُعتبر التدخلات المصرية في الشأن السوداني موجهة لتعزيز الاستقرار، إذ أن مصر تدرك أهمية التوازن في المنطقة لكن في المقابل، يرى البعض أن تأثيرات قرارها قد تكون سلبية، مما يعزز من حالة الانقسام الداخلي.

لا يمكن إنكار وجود أزمة داخل النخبة السياسية السودانية، التي لم تتمكن من التعامل بفعالية مع الوضع الراهن. إذ انقسمت الآراء حول كيفية إدارة الأزمات، مما أدى إلى تأزم الأوضاع. المسؤولية هنا تتطلب وعيًا سياسيًا أكبر، حيث يجب أن تسعى النخب إلى التوصل إلى حلول سلمية بدلاً من الانزلاق نحو العنف والاحتدام.

نحن نرى أن النخبة لا تتعامل بشكل كافٍ مع تأثيرات المتغيرات الإقليمية والدولية، وفي الوقت نفسه، تفتقر إلى الرؤية الواضحة التي تمكنها من الاتفاق على مواقف موحدة.

تُعَد الحركات الإسلامية في السودان من الأطراف المحورية في الصراع، حيث تُشير التحليلات إلى أن وجودها في الجيش السوداني يقوض من إمكانية تحقيق الاستقرار. إن تحولات القيادة العسكرية، والأزمات الداخلية ضمن هذه الحركات، تُظهر أن هناك تباينات قد تُسهم في إعادة تنظيم الأوضاع نحو تحقيق توافق وطني.

ومع ذلك، في الوقت الذي يتم فيه التعبير عن رغبة في إعادة تشكيل الجيش واحتواء الحركات الإسلامية، تظل هناك تحديات كبيرة لتحقيق هذا الأمر بسبب الاحتقان التاريخي وفقدان الثقة بين القوى السياسية.

 

يعتبر الحوار الداخلي بين مختلف القوى السياسية في السودان أمرًا حاسمًا. ينبغي أن تركز الجهود على بناء إطار سياسي شامل يحفظ حقوق جميع الأطراف ويعمل على تحقيق استقرار طويل الأجل. هذا يتطلب تنسيق وجهود مكثفة من النخب السياسية والاجتماعية والمجتمع المدني.

 

في سياق البحث عن حلول للأزمة، يصبح الحوار الوطني ضرورة حتمية. هناك حاجة ملحة لإيجاد منبر يجمع مختلف الأطياف السياسية السودانية حول طاولة واحدة. إن الحوار يجب أن يتضمن شريحة واسعة من المجتمع السوداني، بما في ذلك الشباب والنساء والمكونات المختلفة، لضمان شمولية الرؤى والمقترحات.

إن بناء نموذج للحكمة السياسية والتسوية يجب أن يُسهم في تنمية وطنية تمتد جذورها إلى جميع مقدار الشعب، مما يؤسس لثقافة ديمقراطية تستند إلى العدالة والمساواة.

لا يمكن تجاهل التفاعلات الإقليمية التي تلعب دورًا كبيرًا في الأزمة السودانية، حيث يأتي ذلك من خلال تدخلات دول مثل الإمارات والسعودية. تظهر هذه التدخلات تعقيد العلاقات الدولية والإقليمية وأنها مرتبطة بمصالح استراتيجية. هذا السياق يعكس أن الدول الإقليمية تسعى لحماية مصالحها الأمنية والاقتصادية، مما يزيد من صعوبة التوصل إلى حل شامل للأزمة.

بالنظر إلى الأحداث المتسارعة، يبقى مستقبل السودان غير محدد. قد تكون هناك حاجة لقوى دولية وإقليمية للتوسط في الأزمة، ويجب أن تعكس جميع الأطراف رغبتها في الحوار والمصالح السياسية. وفي الوقت نفسه، يتعين على الدول المحيطة بالسودان إدراك التداعيات المحتملة لأي تصعيد في الأزمة على الأمن الإقليمي.

على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه السودان، تظل هناك فرص للإصلاح والتحول. من الضروري التركيز على تجاوز الأزمات الحالية عبر تنمية الوعي بين الشباب وتوظيف الأدوات الإعلامية والثقافية لتعزيز قيم التسامح والمصالحة.

إن التاريخ السوداني الممتد وتحولاته العابرة في ظل الظروف المتغيرة يمكن أن يكون بمثابة إطار عمل للمستقبل. إذ يمكن أن تُحَفز الأحداث الحالية المجتمع السوداني ليتوحد نحو إعادة بناء وطن جديد، قائم على النماذج الحقيقية للديمقراطية والتنوع.

يمكن أن يلعب الشباب والمجتمع المدني دورًا رئيسيًا في إنهاء الصراع. وعبر التوعية والتثقيف، يمكن للشباب أن يسهموا في تحقيق السلام والاستقرار في بلادهم. العمل المشترك بين النخب السياسية والمجتمع المدني ضروري لإعادة بناء الثقة بين المواطنين وتحقيق المصالح المشتركة.

تبرز الأزمة السودانية كأحد أبرز التحديات التي تواجه المنطقة، وتستدعي مواجهتها تكاتف الجهود من جميع الأطراف المعنية. تحتاج البلاد إلى رؤية شاملة وحل شامل يراعي المصالح الوطنية ويضمن حقوق جميع المواطنين.

osama

Recent Posts

جبريل إبراهيم.. دهاء سياسي أم استماتة لضمان مكاسب اتفاق جوبا؟

يستحق د. جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، أن يُمنح عن جدارة “نوط الدهاء والذكاء…

45 دقيقة ago

محمد سيدأحمد ( الجكومي ) يكتب : “ابو نمو والتزييف المتعمد التاريخ “

  حزنت كثيرا لابو نمو و هو يمارس التزييف المتعمد للتاريخ و يحرف الكلم عن…

ساعة واحدة ago

قبل جلسة مجلس الأمن اليوم … البرهان يوافق على هدنة إنسانية لمدة أسبوع في الفاشر

وافق رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، خلال مكالمة هاتفية مع الأمين العام…

ساعتين ago

الطيران السودان يدمر معسكر للدعم السريع بقرية “هبايل” قرب الجنينة

كشفت معلومات متطابقة عن تدمير سلاح الطيران السوداني  معسكر يتبع لقوات الدعم السريع المتمردة تدميرا…

ساعتين ago

تعيين سفير جدبد للسودان لدى إرتريا

سلّم سفير السودان المرشح لدى دولة إريتريا ، أسامه أحمد عبد الباريء امس نسخة من…

ساعتين ago

تاركو للطيران تستأنف رحلاتها إلى مطار كسلا

أعلنت شركة تاركو للطيران عن استئناف رحلاتها المجلية إلى مطار كسلا الدولي ابتداءً من 1…

ساعتين ago