لم يكن مستغربًا أن تغيب الأزمة السودانية عن أجندة زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة إلى المنطقة، في وقت تصدرت فيه ملفات غزة، إيران، وسوريا واجهة النقاشات السياسية والأمنية. وبينما حظيت هذه القضايا باهتمام واسع، بدا من المؤكد أن السودان بات خارج نطاق أولويات العالم العربي والمجتمع الدولي، في مشهد يعكس تعقيد الأزمة الداخلية السودانية وعجز الأطراف المتصارعة عن التوصل إلى اتفاق سلام، رغم تعدد المبادرات والوساطات.
اللافت في هذه الزيارة أن ترامب، الذي قرر رفع العقوبات عن سوريا وفتح صفحة جديدة مع دمشق بلقاء جمعه بالرئيس السوري الشرع، تجاهل تمامًا الحرب السودانية. الأمر الذي يعزز القناعة بأن ملف السودان لم يعد مطروحًا ضمن دوائر القرار الأمريكية، ولا حتى العربية. ويُعزى ذلك إلى فشل محادثات جدة، التي رعتها الولايات المتحدة وأوروبا والمملكة العربية السعودية، في تحقيق أي اختراق يُذكر في مسار الأزمة.
السعودية، التي باتت لاعبًا محوريًا في إدارة ملفات الأزمات الدولية، كما ظهر في تدخلاتها في ملف الحرب الأوكرانية والأزمة بين الهند وباكستان، كانت تأمل أن تنجح في تقريب وجهات النظر السودانية عبر منبر جدة. غير أن تعنت الفرقاء وغياب الإرادة السياسية فوت على السودان فرصة تاريخية لتحقيق السلام، لتتسع الهوة بين الأطراف، ويزداد المشهد قتامة.
وفيما استفاد السوريون من اللقاءات الأمريكية ـ السورية، وأعادوا ترتيب موقعهم في الخارطة الإقليمية، خسر السودان مساحته في دائرة الاهتمام الدولي. وما يزيد من خطورة الموقف، أن استمرار الفشل في منبر جدة قد يدفع الملف السوداني إلى أروقة الاتحاد الأفريقي، مع مخاوف جدية من أن ينتهي به المطاف إلى مصير شبيه بالصومال وليبيا، حيث الانقسام والتفتت باتا واقعًا طويل الأمد.
لا يمكن إنكار أن محاولات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لحل الأزمة السودانية كانت تصب في مصلحة الشعب السوداني، غير أن الساسة السودانيين أضاعوا هذه الفرصة، وفضلوا استمرار الحرب القذرة التي لم تجلب للشعب إلا الويلات والدمار. المؤسف أن هذه النخب السياسية ما زالت متمسكة بمواقفها الضيقة، متجاهلة أهمية حوار وطني جامع يضع مصلحة السودان فوق الحسابات الفئوية والجهوية.
إن أي تسوية سياسية لا بد أن تراعي تعقيدات التركيبة الاجتماعية السودانية، والجذور العميقة للنزاعات التي اندلعت في دارفور وجبال النوبة وغيرها من مناطق الهامش. والمطلوب اليوم إرادة وطنية حقيقية تخلع عباءة التعصب، وتتوشح بروح وطنية مسؤولة، تحرص على وحدة السودان، وتحول دون تشظيه وخروجه من الخارطة السياسية العالمية.
فهل يدرك الفرقاء أن الوطن أكبر من الجميع؟ أم أننا أمام محطة أخيرة تسبق الانهيار الكامل
متابعة : المغيره بكري " امدر تايمز " شاركت الدكتورة عفاف طلبة الأستاذ بالكونسرفتوار…
إعداد : المغيره بكري " امدر تايمز" هي فوزية دخيل بن طواله الشمري من المنطقة…
تعليم الأطفال حدودهم الشخصية وتطوير مهارات إحترام الذات هو أحد أهم الأسس في بناء…
لندن : أمّ عبدالوهاب " أمدر تايمز " ألقت الشرطة البريطانية القبض على طالب صيني…
يستحق د. جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، أن يُمنح عن جدارة “نوط الدهاء والذكاء…
حزنت كثيرا لابو نمو و هو يمارس التزييف المتعمد للتاريخ و يحرف الكلم عن…