هل نحن شعوب تُنتج السياسة أم تستهلِكها ؟؟

#ملكون_ملكون
يحضرني قول صديق عتيق قالها لي منذ سنوات خلت : (نحن شعب نُجيد الحديث في السياسة لكننا لا نتقن العمل في السياسة)، قد يبدو هذا الكلام مجحفاً بحق الكثيرين لكنه على ما يبدو حقيقة موجعة في شرق يعيش المواطن فيه، وكل تفاصيل حياته مُسييسّة، لكنه يناقش خلف الجدران السميكة ويختلف بعيداً عن الضوضاء، ويستيقظ صباحاً ليكون أحد تروس الحياة اليومية وتفاصيلها (المُسييسّة ) ليس إلا.
لذلك نجد أننا نقف على حافة الهاوية لا نستطيع التفريق ما بين إنتاج السياسة واستهلاكها. فكما هناك دول مُستهلِكة إقتصادياً كذلك هناك دول مُستهلِكة سياسياً، لذا نجد شعوباً ودولاً تَستهلِكُ مفردات ومصطلحات سياسية وتخوض معارك شرسة للدفاع عنها وهي من إنتاج غيرهم.
مثلاً في العراق يتداول الجميع مصطلح الفيدرالية، ويخوضون معارك سياسية من أجلها، وفي لبنان يتحدث الجميع عن مفهوم التعايش المشترك، وفي فلسطين يتحدثون عن الديمقراطية التوافقية، وفي سوريا يرفع الجميع شعار الوحدة الوطنية، بالطبع هذه أمثلة لمصطلحات سياسية نستهلكها بلا طائل، يُضاف لها أيضاً مصطلحات أخرى مثل “مكافحة الفساد”، “الاصلاح السياسي”، الاصلاح الاداري”، “الحوار الوطني” وكل هذه المصطلحات والمفردات السياسية هي من إنتاج غيرنا، ونحن نستهلكها دون أن ندرك أن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي باتت مُنتِجاً رئيسياً للأفكار والطروحات السياسية وترمومتر حقيقي وسهل لاكتشاف مدى تجاوب العالم معها، وبالتالي نحن نتلقى، نتفاعل، ونذعن لتكريس مفردات سياسية وأوضاعاً قانونية تمارسها الدول ونحن نمضغها ونرضى. نستهلِكها ونتغنى بأننا نتكلم بالسياسة ونناقش لكن في فضاءٍ خاوٍ للأسف.
لكي نستطيع أن ننتج السياسة كان يتحتم علينا أن نمر بتجارب كثيرة وعميقة، ونحترم الدولة الوطنية والديمقراطية لكي يصبح للحوار جدوى، وللمؤسسات فعالية، وللمجتمع المدني دوره، لكننا انتظرنا على قارعة طريق الديمقراطية عقوداً من الزمن ونحن نستهلِك ما ينتجه الغير من فكر سياسي رضينا أن نستهلكه بإذعان.