الفيتو الروسي لم يشفع لبشار الاسد ولم يمنعه من ان ينتهي به المطاف هاربا

مجاهد بشري
رغم أن روسيا استخدمت حق النقض (الفيتو) سبعة عشر مرة في مجلس الأمن لحماية بشار الأسد، ورغم أنها قصفت الشعب السوري بالغازات السامة والبراميل المتفجرة منذ 2012، وأعانته على ارتكاب أبشع جرائم الحرب ضد شعبه، إلا أن كل ذلك لم يشفع له، ولم يمنعه من أن ينتهي به المطاف هارباً يطرق أبواب اللجوء في موسكو، وسط ثلوج الذل والخذلان.
التاريخ لا يرحم، والذاكرة الشعبية أشد بأساً من الفيتوهات، وأقسى على الجلادين من كل طائرات السوخوي الروسية، وبراميلها المتفجرة.
في السودان، كان الكيزان – في بداية تغولهم على السلطة والثروة – يسوقون مئات الآلاف من الشباب إلى محرقة حرب الجنوب، تحت شعار “أمريكا وروسيا قد دنا عذابها”، يبررون العقوبات الأمريكية على نظامهم بأنها استهداف للإسلام، بينما الحقيقة أنهم كانوا يخفون بها سجلهم الدموي، دعمهم للإرهاب، محاولات اغتيال رؤساء دول، وزعزعة استقرار المنطقة.
لكن ما إن اشتد الخناق على نظامهم البائد، حتى نسي الطغاة شعاراتهم، وطار رئيسهم المخلوع، مجرم الحرب عمر البشير، إلى موسكو، متسولًا الحماية من ذات روسيا التي قال إنها ستُضرب إذا اقتربت. جلس ذليلاً أمام بوتين، يتوسل إليه أن يحميه من أمريكا، ظانًّا أن موسكو ستفعل معه كما فعلت مع بشار. فالطغاة يتشابهون في الجُبن، كما يتشابهون في الأوهام وسفاهة الأحلام.
بل إن البشير زار دمشق في طريقه من موسكو إلى الخرطوم، وكأن لعنة الطغاة لا تكتمل إلا بالمرور من حضن طاغية إلى آخر، وكلهم غارقون في الدم. وفي سبيل ضمان حماية الروس له ، فتح لهم البشير السودان على مصراعيه: قاعدة بحرية، ذهبٌ مهرّب، ومرتزقة فاغنر يعيثون في الأرض فسادًا بتواطؤ مباشر من النظام والاستخبارات العسكرية.
وهكذا، تحول شعار “أمريكا قد دنا عذابها” إلى “المتغطي بأمريكا عريان”، ثم أدركوا لاحقًا أن “المتغطي بروسيا أعرى من العريان نفسه”. وعندما هبّت ثورة ديسمبر المجيدة، اكتشف البشير وعصبته أن موسكو لن تبعث لهم طائرات لحمايتهم، بل حجزت لهم مقاعد في صالة المغادرة.
واليوم، يعود تنظيم الحركة الإسلامية الإرهابي ليرتمي مجددًا في حضن روسيا، ذات روسيا التي حسب شعاراتهم “قد دنا عذابها”، لكنهم اليوم يأتونها بجزية الذهب والفضة، وموانئ على البحر الأحمر، وأوراق اعتمادهم كخونة للأمن الإقليمي والدولي.
يسعون لتحويل السودان إلى مرتع للإرهابيين: من حزب الله إلى الحرس الثوري الإيراني، ومن فاغنر إلى كل من لفظهم العالم خارج حدوده. وكأنهم لا يشبعون من الدم، ولا يتعلمون من التاريخ، ولا يعرفون أن الروس أنفسهم لا يحمون سوى مصالحهم، وأن الطغاة في النهاية يُساقون إلى المصير ذاته: السقوط والعار والمنفى.
أما أمريكا، فعادت لتفرض العقوبات، بعد أدلة مثبتة على استخدام الجيش السوداني الذي تقوده الحركة الإسلامية لأسلحة كيميائية معظمه أتى من نظام الأسد في أواخر أيامه، روسية و إيرانية الصنع،وهذه المرة لن تكون كالمرات السابقة، بل ستكون عقوبات تكشف كل شيء، وتُخرج كل ما خفي إلى العلن. ولن يكون هناك من يحتمي خلف الحجاب الروسي، أو يستظل بفيتو صديقه بوتين.
ونحن نقولها اليوم كما قالوها من قبل:
“قد دنا عذابكم أيها الكيزان…”
لكننا لن نسوق أبناءنا إلى المحارق كما فعلتم،
بل نواجهكم بالموقف والكلمة والمبدأ،
وبموقف صارم ضد الحرب التي لا مستفيد منها سواكم
ولإيقاف تجارتكم المفضلة..
تجارة الموت..
ولم تروا بعد من الفيل إلا أذنيه..
#لاللحرب قولاً واحدا.