Categories: تقارير

أثارت جدلاً كثيفاً، وأسئلةً حائرة وسط السودانيين،، العقوبات الأمريكية،، ذاكـرة المعـاناة..

قيّدت الصادرات الأمريكية، وأوقفت خطوط الائتمان الحكومية..

 

28 عاماً عانى خلال السودان من بطش عقوبات أمريكية متلاحقة.

تيسو ون

تقرير : إسماعيل تيسو 

د. فتحي: العقوبات تؤثر في زعزعة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للدول..موجة من المخاوف والقلق ضربت قلوب وأفئدة الأوساط السودانية في الداخل والخارج على خلفية إعلان الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات جديدة على السودان، ارتكازاً على مزاعم باستخدام الجيش أسلحة كيميائية في الحرب الدائرة في البلاد منذ الخامس عشر من أبريل 2023م، وضجّت منصات التواصل الاجتماعي بنقاشات ساخنة عن أبعاد هذه العقوبات؟ وتأثيراتها؟ وما يمكن أن تشكّله من خناق على رقبة السودانيين بتجدد حلقات مسلسل الحصار الاقتصادي والمعيشي الذي عانى منه السودان سنين عددا.

عقوبات أمريكية متلاحقة:

f4e9ed71 7af0 45b4 bbc2 e362cc557edd

وعلى مدار 28 عاماً ظلت بطن الاقتصاد السوداني مربوطة بقوة تقاسي أثار عقوبات متلاحقة فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية بدايةً بإدارة الرئيس بيل كلينتون التي نفَّذت في نوفمبر من العام 1997م، عقوبات شاملة على السودان، شملت حظراً اقتصادياً وتجارياً ومالياً، بسبب ما وصفته واشنطن حينها بـدعم السودان للإرهاب، وانتهاك حقوق الإنسان، والتدخل في شؤون دول الجوار، وفي عامي 2006م – 2007م، أضافت إدارة جورج دبليو بوش عقوبات أخرى على خلفية أزمة دارفور، شملت تجميد أصول شركات وأفراد سودانيين، وحمّلت الحكومة السودانية مسؤولية جرائم حرب وانتهاكات واسعة في الإقليم، ليأتي الرئيس بارك أوباما ويعلن في العام 2017م، عن تخفيض جزئي للعقوبات، مكافأةً للخرطوم على تعاونها في مكافحة الإرهاب، وتحسين وصول المساعدات الإنسانية، قبل أن يقوم الرئيس دونالد ترامب في العام نفسه 2017م، بإعلان رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية، ثم أصبحت رفعاً كلياً فيما بعد.
حيثيات العقوبات الجديدة:
وتشمل العقوبات الأمريكية الجديدة التي صدرت في 22 مايو الجاري 2025م، فرض قيود على الصادرات الأمريكية والتي تعني بحسب محللين اقتصاديين أن الشركات الأمريكية لم تعد قادرة على بيع أو تصدير منتجات أو تقنيات معينة إلى السودان، خاصة تلك التي تُصنَّف على أنها ذات استخدام مزدوج (مدني وعسكري)، أو تُستخدم في الصناعات الدفاعية، أو قد تُوظَّف في انتهاكات حقوق الإنسان، وتشمل معدات الاتصالات، البرمجيات المتقدمة، الطائرات المُسيَّرة، أو مكونات صناعية حساسة، ويهدف الإجراء الأمريكي إلى شل القدرات التقنية والعسكرية للجيش السوداني، وأما عبارة وقف خطوط الائتمان الحكومية التي وردت في إعلان العقوبات فيقصد بها تعليق أو منع أي تمويل أو ضمانات كانت تقدمها مؤسسات أمريكية مثل وكالة تمويل التنمية الدولية (DFC) أو بنك التصدير والاستيراد الأمريكي للشركات التي تتعامل مع السودان، مما يعني أن الشركات الراغبة في التعامل مع السودان، لن تحصل على تمويلات ميسّرة أو تأمينات من جهات أمريكية، مما يزيد من كلفة التعامل التجاري معه،
ويقلص فرصه في السوق الدولية.

عبء أخلاقي وإنساني:

2d2bbea4 136e 4020 ac5c 309ab88fa828

“العقوبات الأميركية عموماً أصبحت عبءً أخلاقياً وإنسانياً وليست أداة ضغط سياسي”، هكذا ابتدر دكتور فتحي هيثم المحلل الاقتصادي إفادته للكرامة، مبيناً أن العقوبات لم تُسقط الأنظمة والحكام، ولكنها تُسقط الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للدول، باعتبارها عقوبات ضد البقاء اليومي للمواطن السوداني، مبيناً أن العقوبات الأمريكية السابقة التي تم رفعها، لاتزال أثارها باقية وواضحة لأنها فعلياً ما زالت سارية، ولم يستفد منها الاقتصاد السوداني، مبيناً أن العقوبات السابقة تسببت قسوتها في تعطيل بعض القطاعات الاقتصادية والصناعية والخدمية بسبب عدم توافر قطع الغيار، وتوقفت المساعدات الأجنبية المباشرة من الدول الغربية، حيث تم حجب تعاون الكثير من المؤسسات المالية الدولية مع السودان، كما تأثر القطاع المصرفي السوداني بشكل كبير بعد تعطل عمليات التجارة الخارجية وتحويلات البنوك الأجنبية، وأكد دكتور هيثم فتحي أن المصارف العالمية لا تزال عازفة عن التعامل مع نظيراتها السودانية، إلى جانب عدم وفاء الأخيرة بتحقيق متطلبات وضوابط مرتبطة بمكافحة غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب، منوهاً إلى أنه لا يوجد تعاون اقتصادي أو تبادل تجاري بين السودان والولايات المتحدة، إلا نادراً وتحديداً صادر الصمغ العربي وبما لا يتجاوز 100مليون دولار سنوياً في أفضل حالاته.

98ea6f49 2f69 4b7c aec5 748da540473f

خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر يبقى قلق الشارع السوداني من تداعيات هذه العقوبات الأمريكية الجديدة منطقياً، وتساؤلاته مشروعة بشأن هذه العقوبات وتوصيفها كوسيلة مثلى للضغط على الحكومات؟ أم أنها تكرار لأخطاء الماضي بتحميل المواطن البسيط إفرازات الحروب والنزاعات؟، ورغم تأكيدات واشنطن أن العقوبات (موجهة) ولا تستهدف الشعب، إلا أن التخوف الشعبي يتعاظم، ويتزايد القلق من أن يخرج السودانيون من أوار حرب ساخنة، ليدخلوا في نفق أزمة اقتصادية ومعيشية طاحنة.

osama

Recent Posts

من دهاليز المحاكم السودانية – قصة كرتونة المخدرات

الحلقة الثانية: مناقشة المتحري في قاعة المحكمة، حيث تتراقص الحقائق مع الأوهام، وحيث يصبح الكلام…

5 دقائق ago

(الشيزوفرينيا السياسية)

صباحات وطن الجمال الجديد المنشود وجمعة طيبة مباركة للجميع وعنوان المقال انا وطنيٌ لا علاقة…

3 ساعات ago

هل أخطأ د.عبد الله حمدوك قائد مجموعة صمود حين أصر على موقفه الداعي #لوقف الحرب العبثية حتى اغتاظت منه خارجية بورتسودان.؟

✍️ المستشار/مهيد شبارقة... في أزمنة الحرب حين تختلط الأصوات، ويعلو هدير المدافع والطائرات الحربية على…

3 ساعات ago

عندما يختبرك القدر: رحلة من الظلم إلى العدالة الإلهية”

بقلم : المستشار معاوية أبوالريش "عندما تنقلب الحياة رأساً على عقب" في لحظة واحدة، قد…

3 ساعات ago

الهلال السعودي يتأهل إلى دور 16 بكاس العالم للاندية رفقة ريال مدريد

📘نهاية المباراتين في كأس العالم للأندية :- 🔹ريال مدريد والهلال إلى دور الـ 16 بكأس…

3 ساعات ago

مسيرات في سماء بورتسودان.. والدفاعات الجوية تتصدى

تصدت الدفاعات الجوية في بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للسودان، لهجوم جوي محدود عبر مسيرات تم…

3 ساعات ago