محمد حسين كسلا
حينما ينعي الي الناعي وفاة شيخ كبير من ناس الزمن الجميل،فأن اول مايتبادر لذهني وانا اتفرس وجوه المعزيين من اهل المرحوم او المرحومه اسئله كثيره منها،هل اوفي هؤلاء القوم قريبىهم هذا او قريبتهم هذه كامل حقوقهم ،هل قاموا بكل واجباتهم عليهم والتي يفرضها الدين والعرف والتقاليد،هل تفقدوا المرحوم طوال مسيرة حياته،هل كانوا يحرصون علي زيارته وتفقد حاله واحواله ودعم مسيرة تعليم وزواج ابنائه وبناته كما كان يفعل المرحوم، هل كانوا يدعمونه في الظروف الصعبه التي مر بها، هل كانوا يعودونه في مرضه، هل بادروا باخذه بعرباتهم او غيرها ومقابلة الطبيب حينما احتاجهم لترحيله، هل قاموا بشراء الدواء له ومتابعة علاجه وشراء ما انقطع عنه وهل قدموا له اي دعم مادى او معنوى، يشعره بمكانته في قلوبهم، للاسف اغلب الاجوبه (لا) كبير، او علي الاقل لم تكن بالصوره التي كان يطمح او يحلم بها من رحلوا استنادا علي ماقدموه من تضحيات جسام واعمال عظام ومواقف مشرفه ستسير بها ركبان الاجيال التائهه القادمه.الاجابه علي تلك الاسئله تعكس لك الا من رحم ربي ،سوء الحال الذي ال اليه حال الناس والعلاقات فيما بينهم.
نعي الناعي وفاة عمي فتح الرحمن محمد عبيدالله او (فتحي) كما كان يحلو للوالد عليه الرحمه والذي سبق اخوانه صالح وفتحو والطيب واخواته نفيسه وسيده بالرحيل من هذه الدنيا بعد رحلة عطاء لم تنتهي الا برحيلهم،وفتحو هو اخر اعمامي الذين رحلوا من هذه الدار، وسبقه وخلال هذه الحرب اللعينه وفاة عمي الطيب محمد عبيدالله والذي اقل مايقال في وصفه بانه عاش طيبا، كلاهما رحل بعد حياه مليئه بالعطاء،رحلوا بصمت ولم يتثني لاهلهم من اعادتهم في مرضهم او تشييعهم او علي الاقل بحضور ليالي المأتم، وعمي فتحو هو من جيل الزمن الجميل الذي كان قدرهم ان يعطوا دون مقابل،ورث من والده الزهد في كل مراحل حياته عاش بسيطا في هذه الحياه، وورث السكوت والانشغال بالنفس وتربية الاولاد، وحسن تربيته لبناته التي اصبحت مضرب مثل في الحله، كان ساخرا ودودا لطيفا،لايتدخل فيما لايعنيه، يسير بين الناس بالحكمه والبسمه وحلو الحديث.
ناس الزمن الجميل عموما في كل انحاء السودان،، تجدهم وطوال حياتهم الطويله،يتبارون في بذل العطاء والاحتراق من اجل الاخرين من اخوانهم وابناء وبنات اخوانهم واخواتهم وابنائهن وبناتهن واخوالهم وابناء وبنات اخوالهم واعمامهم وابناء وبنات اعمامهم وكيف كانوا يتبارون في المساهمه في تعليمهم ومعاشهم يقفون بجانبهم في جميع مراحل حياتهم يقدمون الدعم بدون من او اذي وكيف كانوا يتبارون في تزويج ابناىهم من بنات اخوانهم واخواتهم ولايرضون بديلا، قلما تجد من لم يتزوج من ابنة خاله او خالته او عمه او عمته او علي الاقل من (البلد)وهذا مرده لقوة العاطفه والحنيه فيما بين الاهل في ذلك الزمن..وحينما هد الزمن حيلهم وغزاهم المرض..اتيحت لاجيال اليوم فرصة رد الجميل لاناس صنعوا مجدهم في اكرامهم وهم احياء والوقوف بجانب ابنائهم وبناتهم في مسيرة تعليمهم وكل مايخصهم،ومما يؤسف له ان اغلب ناس الزمن الجميل لم يجدوا من يثني عليهم او يرد لهم جميلا، ولم يكن كل ماقدموه سواء ابتزاز من هذا الجيل لهؤلاء القمم باسم القرابه.
لذلك حينما يموت شيخ كبير وعماد اسره،اتاكد تماما انه نسخه لن تتكرر وبصمه لن تجد مثيلا لها..لذلك تنتابني رغبه بكاء مع النفس ولحظات حزن واسف عميق لايمكن ان انساه او اتجاوزه، وافقد الرغبه في المشاركه في ليالي الماتم التي بلغت من السوء ان يقوم الناس باستئجار نساء للبكاء علي الميت مقابل اجر، وهذا امر شائع جدا واعتقد ان مرده لتحجر العاطفه وموت القلوب التي ملأها الغل والحسد، الجيل الحالي وبعد دقيقه واحده من موت اي قريب يتم الاعلان عنه بالصفحه في انتظار الرد علي التعليقات قبل الدفن، والانغماس في تجهيز الاكل بما لذ وطاب وكأن رجلا اتي للتو من الحج.
علما بان اغلب الناس في هذا الزمن العجيب لن تجد فيهم من عاد مريضا حينما كان مريضا وبالضروره لم ولن يقدم له اي دعم مادى او معنوى طوال حياته.
اعتقد من اهم اسباب نكستنا وقيام الحروب والدمار الذى تشهده بلادنا والافات والامراض التي تداهمنا من جميع الجهات وعلي مدار العام هي من صنع نفوسنا الخبيثه..وعقاب اهل القرى مذكور في اكثر من موضع وهم مرتبط بفساد الناس وتفشي الحسد والحقد والكراهيه وانشغال الناس بانفسهم دون الناس وانقطاع الارحام وانتهاك الاعراض.
الحرب الحاليه التي انفضح فيها حالنا وعرف الناس بعضهم جيدا هي ستنتهي مهما طال امدها..سيرجع الناس لبيوتهم بعد شبعوا من الذل والاهانه في نزوحهم وماعانوه من انتهاكات يندي لها الجبين من تشرد وجوع ومرض وفقر وموت وانتهاك اعراض وتحرش وقتل وسحل واغتصاب وغيره من المحن، وستدخل هذه الحرب تاريخ السودان، حيث ستنقسم المرحله القادمه في السودان لمرحلتين،مرحلة ماقبل الحرب ومرحلة مابعد الحرب، ولن يعود السودان كما كان ولن يعود الزول كما عرف من قبل،سيكون هناك بركان كبير لكنس اثار ماقبل ومابعد الحرب او الحروب،ليعود سودان قديم متجدد يلتئم فيه شمل اهله ويعود الصفاء والنقاء والامل،والمرحله القادمه ستشهد تغيير احوال الناس والعلاقات فيما بينهم والتي سيقودها شباب الوسائط الاجتماعيه من فيس بوك وواتس اب، يبقي الامل في الشباب الواعد لاعادة السودان كدوله وشعب لمنصات التتويج في كل مناحي الحياه.
اللهم اغفر لي تقصيرى في حق اي انسان من اهلي وكل من التقيت به في هذه الدنيا حالت ظروفي بان لا اوفيه حقه كاملا علي ولم اقم بواجبي تجاهه كما ينبقي…وارحم فتحي عمي.. وخالص التعازى لابن عمى رافع ولاخي اسامه الجفاف(عكازة كبارنا) في زمن سادنا فيه جفاف العواطف.
صباحات وطن الجمال الجديد المنشود وجمعة طيبة مباركة للجميع وعنوان المقال انا وطنيٌ لا علاقة…
✍️ المستشار/مهيد شبارقة... في أزمنة الحرب حين تختلط الأصوات، ويعلو هدير المدافع والطائرات الحربية على…
بقلم : المستشار معاوية أبوالريش "عندما تنقلب الحياة رأساً على عقب" في لحظة واحدة، قد…
📘نهاية المباراتين في كأس العالم للأندية :- 🔹ريال مدريد والهلال إلى دور الـ 16 بكأس…
تصدت الدفاعات الجوية في بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للسودان، لهجوم جوي محدود عبر مسيرات تم…
كتبت .. سمية السكوتي وتم فتح بلاغ جنائي تحت المادة 47 “أ ج ج” بالقسم…