” صقور الجديان في مهب الإهمال: عندما تصبح المناصب أهم من المنتخب”

بقلم : المستشار: معاوية أبوالريش
في واقعة تعكس حالة الفوضى والإهمال التي تعيشها كرة القدم السودانية، تواترت أنباء عن إلغاء مباراتي المنتخب السوداني في أيام الفيفا ضد منتخبي زامبيا وأفريقيا الوسطى، والتي كان من المقرر إقامتها بالمغرب. وكالعادة المؤسفة، لم يتفضل أحد من قادة الاتحاد السوداني بتوضيح حول صحة أو نفي هذه الأنباء، تاركين الجماهير السودانية في حيرة وقلق على مصير منتخبهم الوطني.
إن صمت الاتحاد السوداني ليس بالأمر المستغرب، فقادته منشغلون بما يرونه أهم من المنتخب الوطني – إقامة الانتخابات التي سعوا بكل قوتهم لتقديم موعدها، في محاولة يائسة لضمان استمرارهم في مناصبهم والتشبث بامتيازات السلطة. هذا الهوس بالمناصب أصبح همهم الشاغل، بينما يتراجع أداء المنتخب ويتدهور وضع الكرة السودانية بشكل عام.
لا يختلف اثنان على أن الإنجازات التي حققها صقور الجديان مؤخراً، من التأهل لنهائيات كأس الأمم الأفريقية بالمغرب وكأس أمم إفريقيا للاعبين المحليين، إضافة للانتصارات المهمة في تصفيات كأس العالم، جاءت بفضل جهود المدرب الغاني كواسي أبياه وإخلاص اللاعبين، وبدعم كريم من الأشقاء في المملكة العربية السعودية. هؤلاء الأشقاء الكرام لم يبخلوا بشيء على المنتخب السوداني، فوفروا معسكراً تحضيرياً طويل المدى في مدينة الطائف، ولم يقتصر دعمهم على المنتخب الأول بل شمل جميع المنتخبات السنية الأخرى.
في المقابل، لم يدفع قادة الاتحاد السوداني دولاراً واحداً من خزينة الإتحاد ، رغم حصولهم على دعم سخي من الفيفا وعوائد مالية ضخمة من الاتحاد الأفريقي بسبب هذه الإنجازات، إضافة لحوافز وصول الهلال السوداني للدور ربع النهائي من بطولة دوري أبطال أفريقيا. كانت ثمرة ذلك المعسكر الطويل تحقيق تلك الإنجازات التي لا ناقة ولا جمل فيها لاتحاد معتصم جعفر وأسامة عطا المنان.
إن إلغاء مباراتي أيام الفيفا، إن صح الخبر، يشكل خسارة فادحة للمنتخب الوطني الذي كان بإمكانه الاستفادة القصوى من هاتين المواجهتين. هذه المباريات كانت فرصة ذهبية لمنح اللاعبين الجدد الفرصة وتجهيز المنتخب بشكل عام للاستحقاقات المهمة القادمة، فضلاً عن تحسين تصنيف المنتخب في قائمة الفيفا، والذي كان قد شهد تقدماً ملحوظاً بعد تحقيق تلك الإنجازات.
يأتي هذا الإخفاق في سياق فشل أوسع للاتحاد السوداني، حيث عجز بعناد نائب الرئيس أسامة عطا المنان عن إقامة دوري النخبة حتى الآن. هذا العناد وضيق الأفق دفعه للإصرار على إقامة دوري النخبة داخل السودان في إطار ما أسماه “مبادرة العودة للوطن”، متجاهلاً تدهور الأوضاع الأمنية البادي للعيان. كان بإمكان الاتحاد إقامة دوري النخبة خارج البلاد، خاصة أن عدة دول شقيقة أبدت استعدادها لاستضافته، لكن عناد أسامة عطا المنان أخر إقامته بسبب رغبته في إنجاح مبادرته الفاشلة.
مع كل يوم يمر، يتأكد للسودانيين والرياضيين أن هذا الاتحاد الفاشل لن تنصلح معه حال الكرة السودانية. الأمر الذي يستدعي من أعضاء الجمعية العمومية للاتحاد العمل الجاد من أجل إسقاط هذا الاتحاد في الانتخابات المقبلة. والمفارقة المؤلمة أن “مجموعة التغيير” التي يقودها الفاشل معتصم جعفر قدمت قائمة تضم أكثر من ثلاثين عضواً، منهم ثمانية نواب للرئيس، رغم فشلها الذريع والمتواصل في النهوض بالكرة السودانية وإعادتها لمكانتها الطبيعية.
هؤلاء القادة الفاشلون، الذين لا هم لهم سوى السفر والتمتع بامتيازات دولارات الفيفا، يسعون لإعادة انتخابهم من جديد لحكم الكرة السودانية. إنهم يتعاملون مع الاتحاد وكأنه ملكية خاصة، متناسين أن دورهم خدمة الكرة السودانية وليس استغلالها لمصالحهم الشخصية.
الوقت حان لرحيل هؤلاء الفاشلين وإفساح المجال أمام كوادر جديدة تضع مصلحة الكرة السودانية فوق كل اعتبار. كوادر تفهم أن المنتخب الوطني هو رمز للوطن وليس وسيلة للكسب الشخصي، وأن اللاعبين يستحقون الدعم الكامل وليس الإهمال والتجاهل. فقط عندها يمكن للكرة السودانية أن تستعيد بريقها وتعود لمكانتها الطبيعية بين الأمم.